من المؤكد أن وليام شكسبير، الكاتب والشاعر الإنجليزي، من أعظم كتاب المسرح، ليس لمكانته ضمن الكتابة الدرامية والممسرحة في عصره أو غزارة إنتاجه المسرحي والشعري فحسب، بل لاستمرار شهرته عبر القرون، ولاهتمام النقاد والمخرجين المسرحيين والسينمائيين من كل المذاهب الأدبية والفنية بإنتاجه عبر العصور.
“مسرحت” كتابات وليام شكسبير!
فقد “مسرحت” كتاباته، وما تزال “تمسرح” في كل أرجاء العالم، كما ترجمت إلى أكثر من سبعين لغة، وكتبت عنه دراسات نقدية لاتحصى. هذا الكاتب العظيم الذي أصبح ملهم العديد من الشخصيات التي تغنت باسمه وتأثرت به أيما تأثر، ومن بين هؤلاء؛ الروائي والمسرحي غومبروفيكس الذي غادر بولندا وانتقل للعيش في الأرجنتين واستقر فيها، ويعد من أعظم كتاب زمانه، إذ كان ذا مزاج متفائل، ويروقه التعمق في شخصية الآخرين. كان شديد الغضب ويثير الجميع بشخصيته الغريبة كما نقل عنه صديقه يان كوت، عاشق شكسبير وصاحب كتاب (شكسبير معاصرنا).
مساحة إعلانية
حياة غومبروفيكس
وبالجملة كانت حياة غومبروفيكس عرضًا مسرحيًا صادقًا للمرارة، وكذا للمعاناة المستخرجة، والمستوحاة من مسرحيات أستاذه والأب الروحي له “شكسبير”. وإلى جانب غومبروفيكس، نجد شخص آخر من الملهمين به والمتأثرين بشخصية هذا المسرحي الإنجليزي، وهو البولندي المسرحي فيتكيفيكس، ابن القرن التاسع عشر، المتأثر بالناقد الفني والأدبي غوغين، يعد هذا المسرحي البولندي من المقربين فكرًا إلى شوبنهاور من خلال نظرته التشاؤمية للحياة، ذلك أنه تنبأ بنهاية الإنسان، ومحنته المعاصرة وفقدان القيم، وأزمة الفكر والفلسفات. وقد ترك بصمته في الأدب والفلسفة، وتعد كتبه اليوم من أوسع الكتب انتشارً. إنه سابق لزمانه مثل معلمه شكسبير، عبقري كل الأزمان.
وليام شكسبير وإميل سيوران
غير أن شكسبير لم يكن ملهم هؤلاء فقط، بل سرق أيضا فكر وعقل الفيلسوف العدمي إميل سيوران، هذا الفيلسوف الروماني الذي تماهى كما تماهى مع ما كتبه أولئك الذين اعتبرهم يملكون الحقيقة، الحقيقة التي قال أنها وجدها لدى شكسبير. هكذا قال في أكثر من شذرة وفي أكثر من مؤلف، حتى أنه قرر ذات يوم وكان يعد كتابًا عن القدِيسين، أن لا يتحدث إلا مع شكسبير.
ومن الحكايات الطريفة التي نقلت عنه من طرف كريستيان بوشارد [1]موسوعة اكورا أنه قال:
مساحة إعلانية
شكسبير معاصرنا
وعلى الرغم من ذلك، لم يغترف أحد من معين الفكر الشكسبيري وإبداعاته ومسرحياته بشكل كبير كما فعل يان كوت، أحد الشخصيات المتخصصة في عوالم شكسبير الأدبية، والذي عاش في الولايات المتحدة الامريكية. وتعود شهرة هذا الكاتب إلى كتابه الموسوم بـ (شكسبير معاصرنا). ويعرف عن يان كوت أنه من أهم عشاق شكسبير، فقد كتب عنه عدة كتب وسيلًا من المقالات والدراسات، وساعده في ذلك مهنته كأستاذ مكلف بتدريس “الأثر الشكسبيري” في إحدى الجامعات في نيويورك.
هذا العاشق الذي يعود كل مرة لقراءة كتب شكسبير إلى حد أنه ينام وفي يديه كتب هذا المسرحي العظيم. يقول كوت:
ولا غرابة في ذلك، إذ فتح شكسبير لهذا الكاتب المبدع جميع أبواب الشهرة والمجد، فقد سبق ليان كوت أن اشتغل مع أسماء معروفة ومرموقة من رجالات المسرح وعالم السينما.
وليام شكسبير أحد أهم الكتاب المسرحيين
عطفًا على ذلك، يبقى شكسبير أحد أهم الكتاب المسرحيين في إنجلترا، بل في العالم بأكمله، أثر في أجيال سابقة وامتد تأثيره إلى عصرنا هذا، بقصصه وكتاباته الرائعة التي لا يتجاوزها الوقت والثقافة فقط، بل لا تنقضي ولا تموت، إنما تُسرَد بطرق جديدة لتناسب العالم الحديث، نظرًا لما تحمله من مشاعر إنسانيّة لا تتغيّر مع الوقت أو باختلاف الثقافات، حتى بات الكتاب والنقاد يعتقدون أن تقديم تلك المشاعر الإنسانيّة، مثل الحبّ أو الموسيقى أو التقدّم في العمر لم يتمكّن أي كاتب غربيّ من التعبير عنها بكلماتٍ مؤثّرةٍ وبليغةٍ كما فعلَ شكسبير.
حفيظة فرحان
المغرب
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
حفيظة فرحان من المغرب، طالبة جامعية في شعبة الفلسفة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية مراكش، تعشق القراءة والكتابة.
الملاحظات أو المصادر
↑1 | موسوعة اكورا |
---|