خلق الله سيدنا آدم أبا البشر أجمعين وأنبأ ملائكته بأنه خليفته في الأرض، فلما استنكرت هذه المخلوقات النورانية أن يكون لبشر هذا المقام جعل الله له الحجة عليهم بالعلم. (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32)) [البقرة] (البحث العلمي)
اختص الله عز وجل آدم بعلم لم يمنحه للملائكة التي لا تعصي الله ما أمرها. ولما غوى إبليس آدم عليه السلام وزوجه عصا ربهما ثم تلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه. كانت أول توبة بشرية علّم الله عز وجل فيها سيدنا آدم كيف يتضرع ويتوب إليه من خطيئته.
إذن فمن قبل أن يهبط سيدنا آدم وزوجه حواء على الأرض كان العلم هو سلاحهما ومصدره هو الله العليم القدير الذي سخر لهم الأرض والملائكة بل وعناصر الكون كله، وكان مفتاح هذا التسخير هو العلم.
ما تميز نبي أو رسول من أنبياء الله ورسله علي بقية خلقه إلا بعلم اختصهم به، وآتاهم الحكمة حيث استخدام هذا العلم في موضعه الصحيح ووقته المناسب غاية إرضاء الله بتبليغ رسالته وتنفيذ أوامره.
مساحة إعلانية
تلهث البشرية ومنها الأمم المتقدمة بقوة نحو العلم لأنه السلاح الفارق والمهيمن بلا منازع وبدونه ستسحق جماعات وشعوب بأكملها. تستخدم هذه الأمم البحث العلمي كأداة لتطويع كل ما أتيح لها من عناصر الطبيعة المادية وكذلك الفكرية لمزيدا من الهيمنة والسيطرة على باقي شعوب الأرض. ولا يهم إذ كان هذا التطويع سيجلب خيرا او شرا للبشرية طالما أنه يحقق أهداف من يمتلكون هذا العلم. فالقوى الكبرى دائما في حالة سباق مسلح بالعلم لإستغلال موارد الأرض وجذب عناصر الكون.
قد نرى بين الحين والاخر خطط لضربات عسكرية تشكف من قبل ان تحدث أو تكون لها ارهاصات تنبأ بحدوثها بينما خطط البحث العلمي ونتاجئه دائما في طي الكتمان والسرية. فلا تعرف إلي أي مدى وصلت هذه القوة أو تلك في مجال بحثي معين. وعليه يموج عالم ما وراء الستار بألاعيب التجسس لنيل أي معلومة علمية حتى ولو كانت رؤوس مواضيع.
مع كل تلك الأهمية للعلم ومكانته كمحور رئيسي داعم في وجود الإنسان على الأرض إلا أن هذا العلم المجرد كسيح أعرج بدون نور الله العليم خالق كل شئ. (وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ) [البقرة 255] فمعرفة الله كلها نور. ونوره كله علم يمن به على من يشاء من عباده. ليمشي العبد بهذا النور بين الناس ويعلمه الله به الكثير.
خلق الله لنا الكون ووهب لنا الدين ليكون لنا منهاج حياة به مفاتيح التعامل مع هذا الكون. متى أتبعنا ما أمرنا الله به وبعدنا عما نهى عنه تحققت لنا سنن الإستخلاف والتمكين والتسخير على الأرض. (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ۖ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ) [العنكبوت 43] والعالمون هنا ليسوا “علماء الدين” كما يطلق كل من اشتغل بالدين على نفسه وإنما كل من وهبهم الله النور ليبصروا به العلم. ساهم بعضهم (الملقبون بعلماء الدين) بشكل فعال في وصم كل ما هو متدين بالتخلف والجهل لأسباب متعددة لا يمكن انكارها او نفيها. بل العمل على إزاحتها ومحوها لتبيان الحقيقة. حقيقة أنه لا تعارض بين دين الله والإيمان بغيبه والعلم. فالعلم ببساطة هو علمه الدال عليه هو الله خالق كل شئ العليم الخبير.
آمال حافظ
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
آمال حافظ من مصر. تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية. عملت في مجال إدارة الفنون وتنظيم المعارض. كما شاركت في فعاليات ثقافية بمنظمات المجتمع المدني ولها دراسات متعددة في مجال الإعلام.