الخوف من منظور توعوي إسلامي

الخوف

لماذا يعترينا الخوف في كل جوانب حياتنا؟
لماذا نخاف من الفقر وقلة المال؟
لماذا نخاف أن نفقد وظيفتنا؟
لماذا نخاف من المستقبل ومن المجهول لنا؟
لماذا نخاف على أولادنا؟
لماذا نخاف من خيانة الشريك أو الصديق؟
لماذا نخاف؟ (الخوف من منظور توعوي إسلامي)

الخوف من منظور توعوي إسلامي
The Conversation

إن الخوف جند من جنود الله، جنود العقل التي أدبرت عن النور وتعاظمت بجنود الجهل التي تسكن النفوس المتجاوزة للنظام الكوني الرزين.

(وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) [البقرة 155]

في هذا البعد الذي نحن فيه 3D، نُولد ونحن كيانات خائفة، أي أن الخوف مزروع في جيناتنا Built-in لما حملناه معنا على مر ملايين السنين، حملناه في سجلاتنا المطوية من حيواتنا خوفًا من أي عدو لصراع البقاء في هذه الدنيا وغيرها من حيوات على كواكب أخرى وحيوات بأبعاد أخرى وخوفًا من كل مجهول في كل حياة جديدة بعد كل موت. ففي كل حياة كنا نمارس الخوف وهو محفور بذاكرتنا باللاوعي.

إن سفينة النفس الأمارة بالسوء كان ملكُها يأخذها غصبًا لعوالم سُفلية، وهذه العوالم هي عوالم مُتخلفة متدنية والتي تعجُ بثقل البُعد الرابع البعيد كل البعد عن الخفة والنور والشفافية. فتزداد النفس خوفًا فوق خوف: خوف من بُعد جهنمي يملئه الإحتكار، النصب، التحكم بالنظام المالي وما يتبعه من فقر وقلة مال وقلة وظائف، خوف من ركود إقتصادي، خوف من حروب ودمار وتشرد، خوف على الأولاد وضياع مستقبلهم لما ينتشر من مروجي مخدرات، خوف من صحبة عبدة الشياطين وانحراف سلوكي.

نتجسد بهذا البعد بكينونات الخوف في حمضنا النووي DNA ويظهر علينا هذا الخوف منذ صغرنا منذ خروجنا من رحم أمهاتنا. ويزداد هذا الخوف مع النشأة والتربية: خوف من الأهل ثم خوف من المدرسين ثم خوف من كلام الناس وعادات المجتمع ثم خوف من الدين وعذاب النار وعذاب القبر وما شابه.

الخوف هو رانٌ على القلب يغشى البصيرة ويعمي بصر القلوب، وبسبب هذا الخوف يتحكم فينا “الإيجو” ويُسيطر علينا حيث أنه مزروع باللاشعور ويصبح سلوك الفرد عدائي وعصبي ومُستفز. وفي الخوف ما هو سلبي وما هو إيجابي:

(إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [آل عمران 175]

الخوف من صفات النفس ومقاماتها وترتقي عند تنورها بنور القلب.

إقرأ أيضاً:  كيف ننظف ذاكرة اللاوعي؟؟؟

مساحة إعلانية


1- الخوف السلبي – (الخوف من منظور توعوي إسلامي)

عندما يتذاكى الشيطان بداخلنا تبرز صفاته القوية بالخوف لهدر الطاقات الجسدية والعقلية معًا. وتتشوه الهالة تباعًا ليصبح الفرد عرضة للأمراض النفسية والعقلية والجسدية. الخوف هو الأفكار السلبية الوسوسية والتي تشحن العواطف بمشاعر سلبية والشعور بعدم الأمان بكل شيء حوله: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ (4)) [قريش].

يأكل الذئب من تقمصاتنا وأدوارنا وسلوكياتنا الحسنة بكل حياة ولا يكتمل دورنا الذي نزلنا من أجله وهو إصلاح النفس والأرض لنكون خليفتها وذلك بسبب غفلتنا عن نور الفطرة.

(قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ) [يوسف 13]

فلا يكتمل لدينا لباس التقوى (الهالة النورانية حول الجسد) لأننا تبعنا خطوات الشيطان (الإيجو السلبي) ولم نتقي الله بعلم اليقين ولم نسلم له، فيصبح الخوف السلبي يُسيطر على الخوف الإيجابي.

2- الخوف الإيجابي – (الخوف من منظور توعوي إسلامي)

هو الخوف الذي يربو بداخلنا لنصل لجنات النعيم لنصعد من مقام الربوبية لمقام الألوهية.

(وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ (41)) [النازعات]

(وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) [الرحمن 46]

جنتان: جنة النفس عندما ترتقي لمقام الرب الأعلى وجنة الروح عندما يتكشف البصر ويصبح حديد ليرى المكاشفات النورانية وتنزيل الأنوار من الرحمن. كل ذلك له رهبة وخيفة في وقع النفس من جمال المشاهدات، كما أنه دهشة لحياة الروح.

وهذا هو مقام: (إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ) [الحشر 16]

(لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ) [المائدة 28]

التخلص من الخوف السلبي

عندما يشعر الفرد بالخوف يغلب عليه التوتر والقلق وترتكز انفعالاته على العصبية والتخبط في حل مشكلاته مما يؤدي به لإنحسار الإختيارات التي أمامه لأن الغضب يُعمي البصيرة فلا تتفتح أمامه ملايين الإحتملات الممكنة في فضاء الكون. ويقوم بعدها باتخاذ القرارت الخاطئة التي سيندم عليها حتمًا فيما بعد ويزداد غيظًا وكرها لنفسه وللحياة.

لمواجهة الخوف السلبي والتغلب عليه نحو الشجاعة

  1. أكتب مخاوفك جميعها على ورقة إذا كان لديك أكثر من مسألة خوف.
  2. اجلس جلسة تأمل بمكان هادئ.
  3. إذا كانت مخاوفك مثلًا فقد شخص عزيز عليك، إبدأ بإرسال طاقات اللطف والحب لذلك الشخص. وأتوماتيكيًا ستدخل طاقات الحب لقلبك لتمحي طاقات الخوف فيه.
  4. قم بتغذية هذه المشاعر بالامتنان لذلك الشخص لوجوده بحياتك.
  5. كرر هذه الجلسات لأكثر من مرة لأن التخلص من الخوف ليس بالشيء السهل.
  6. كرر هذه الجلسات لكل مسألة على حدة.
  7. كن على يقين أن الكون يتجاوب معك الآن وفي الحال وأنه سيحررك من الآلام والخوف لأنك عقدت العزيمة والإرادة للتخلص من الخوف بسبق الإصرار.
  8. كن قوي عند طلبك التخلص من مشاعر الخوف لتقوي نفسك لأنك أكبر من الخوف.

الكاتبة والمدونة التونسية
آمال السعودي

(الخوف من منظور توعوي إسلامي)

إقرأ أيضاً:  قانون الجذب من منظور الدين الإسلامي


لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:



هذه المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن منصة المقالة.


مساحة إعلانية


⇐ لا تنس عمل مشاركة (Share)

المقالة التالية

البشرية بين النظرية العقْدية والنظرية الميثاقية

الثلاثاء نوفمبر 2 , 2021
تمت قراءته: 1٬506 1- النقد الائتماني لفرضية التعاقد الاجتماعي لقد أصبح الإنسان المعاصر يدور “في فلك الموت” [1]طه عبد الرحمن، دين الحياء، المؤسسة العربية للفكر والإبداع، ط1، لبنان- بيروت، 2017، ج1، ص 15.؛ إنه، برأي طه عبد الرحمن، إنسان بلا فطرة – التي هي مستودع القيم الأخلاقية ذات الأصل الديني، […]
البشرية بين النظرية العقْدية والنظرية الميثاقية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: رجاء عدم محاولة النسخ، وعمل مشاركة/شير أو استخدم رابط صفحة المقالة كمرجع في موقعك - جميع الحقوق محفوظة لمنصة المقالة