من مشكلات المركزية النظامية فى المجتمعات توفر فرص التدريب للبعض دون الآخر أو انعدامها كلياً. وربما تواجدت تلك الظاهرة فى دول عدة ولكن مصر هى نموذج صارخ لتلك الأزمة مع ارتباط عوامل أخرى مما لا تجعلنا دولة من العالم الأول. (التدريب فى كنف المركزية)
والراصد لمساق التدريب وتطوره في مصر يستطيع أن يُقسم نوعين من البشر: أولهما يسكن القاهرة والجيزة وثانيهما باقى محافظات مصر باختلاف درجة القرب من القاهرة.
والنوع الأول فضلاً عن إتاحة فرص عمل أكثر تنوعاً وإنتاجيةً له، هو أيضا يملك فرص التدريب الأفضل كماً وكيفاً. وإن كنت محظوظاً بالحياة القاهرية أو سعيت واتخذت خطوة الانتقال لها فإنك تملك فرصاً متنوعةً لما تريد تعلمه فى أي سن وفي أي وقت فأنت من يتحكم “بمتى” طالما تسعى.
أما إن كنت من الأغلبية -النوع الثانى- فاحذر لو أتممت العشرين دون اتخاذ خطوة أولى فى التدريب. فكل عام سيمر عليك بعدها سيصعب معه فرص التدريب حتى تتلاشى بين يديك. ليس لتوفرها لسن صغير دون الكبير ولكن لأنك بالسن الصغير تستطيع السفر وتحتمل كل أنواع الإرهاق السكنى دون مسئوليات وواجبات أكثر. فتلك الفرص لن تتوفر بعيداً عن محيط القاهرة والجيزة وتحتاج منك السفر والتخلي فى أغلب الوقت عن استقرارك.
ولا يعنى هذا مطلقا قلة الكفاءة من أبناء الأقاليم بل على العكس من يخرج منهم يكون الأفضل غالباً. ربما لصعوبة ما يواجه فى طريقه أو لأن ليس الجميع يستطيعون كل هذا التحمل ليخرجوا إلى الأنوار.
التدريب فى كنف المركزية.. وأزمات أخرى
ليست تلك الأزمة الوحيدة فى مجال التدريب بل يمتلك هذا الكيان أزمات عميقة وكارثية أحياناً. ربما لعدم الوعى بكونه كيان يستحق الإدارة وربما لأننا شعب اعتاد الحياة مستخدماً “الفهلوة” [1]فَهلَويّ :محتال. فَهلَويّ :ماهر وبارع، شاطر، قادر على التكيُّف السريع مع متغيّرات المجتمع. قاموس المعاني للحصول على كل شئ.
ولعل أيضاً من أهم ما يواجه مساق التدريب فى مصر عدم جاهزية جميع المدربين والجهات التى تمنح التدريب، وكثرة وجود وظهور أشخاص وكيانات ليست ذات صلة مرجعية بأمور التدريب أو بأمور المادة التدريبية المقدمة. وتكمن خطورة المشكلة هنا، ليس فقط فى عدم الحصول على التدريب المناسب، بل بالحصول على تدريب ومعلومة خاطئة قد تبني هيكلاً كاملاً “بالفهلوة” فى زمن يسوق العالم به الإدارة نحو الكمال بكل طاقته، ونسوق نحن التدريب نحو الهاوية.
الخلاصة
أياً كانت الأسباب التى أدت لتلك الأزمة التى تسير نحو الكارثية بخُطى ثابتة فقد آن الآوان لبحثها. لتكن لها هيئة إدارية تنظيمية مستقلة لإدارة ما يُسمى بالتدريب المهني والمهاري ولسن قوانين واعية لدور التدريب فى دولة نامية تنظم وتحفظ سلامة وصول المعلومة الصحيحة على يد معلم ومدرب خبير. لعلها تكفل بعض من التوزيع العادل لكافة أبناء الدولة الواحدة، فربما بعض من الإشتراكية قد يفيد.
#ندى_الصناديقي
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
ندى الصناديقي من مصر. تخرجت ندى من كلية العلوم بجامعة أسيوط، وكانت لها كتابات متنوعة منذ الصغر حتى أنها أسست نادى أدب بكليتها وساهمت فى بعض الحركات المجتمعية لتثقيف الشباب، ثم اتجهت بعد تخرجها للعمل الإعلامى، وهى تهوى القراءة والسفر.
الملاحظات أو المصادر
↑1 | فَهلَويّ :محتال. فَهلَويّ :ماهر وبارع، شاطر، قادر على التكيُّف السريع مع متغيّرات المجتمع. قاموس المعاني |
---|