واهجرهم هجرًا جميلًا

واهجرهم هجرًا جميلًا

كعادة البشر دائمًا هناك صراعات ومشاحنات بعضها ما هو سطحي ويُحل دون إحداث أي مشاكل، وهناك ما هو عصيّ وينجم عنه تبعات وخيمة. والصراعات عديدة منها ما يكون داخل الأسرة أو بين الأصدقاء أو في مكان العمل أت في الحي. والحقيقة لا يخلو تجمع بشري من هذه المشاحنات والشجارات التي تتفاوت في درجة حدتها. وهنا يأتي دور قيمة سمحة أخبرنا بها الله وأصى بها نبيه الكريم -عليه الصلاة والسلام- بالتحلي بها واتباعها في مثل هذه المشاحنات أو حتى الصراعات الكبرى.

واهجرهم هجرًا جميلًا
Freepik

الهجر الجميل

فالهجر الجميل هو أن تغادر دون لوم.. دون عتاب.. دون حتى أن تحدث ردة فعل بإشارة جسدية كالبكاء أو التبسم. هو فقط أن تبتعد بالقدر الذي يجعلك تختفي عن عين من تخاصمت معه أو حدثت يينكما مشكلة. أن تنقطع عن متابعة أخباره والسؤال عنه. هو فقط أن تعذبه بصمت ودون إستخدام أي وسيلة.

فأحيانًا بعض الكلمات لايُمكن أن تعبر عما نشعر به. أو هي غير قادرة على ترجمة مشاعرنا أو بعبارة أخرى أن من سنبرر لهم أو سنحاججهم لن يلقوا لها بالًا بل لن يسمعوها حتى، فقد ألهم الله سيدتنا مريم أن تصوم عن الكلام لأنه يعلم أنه مهما قالت فلن يصدقوها. وأخبرنا عن سيدنا يوسف الذي كان يعلم صنيع أخوته، ولما قالوا أنه سُرق، أسرّها في نفسه، لأنه يعلم أنه مهما قال فلن يعبر عن مكنونات نفسه ولن يستطيع أن يصف شناعة ما فعلوه.‏

الخصامات كثيرة في جنبات الحياة وعلينا أن نتعامل معها بهذا الأسلوب؛ أن لا نعاتب ولا نرد الضربة بالضربة، ولا الكلمة بالكلمة، أن نبقى في مستوى أخلاقنا وأدبنا، وألا ندع من يخاصمنا أن ينزلنا إلى مستواه. فأحيانًا الصمت يكون أمضى من أي سيف وأفتك من أي قنبلة. هو سلاح تعذيب عن بعد، حيث يتألم من ابتعدنا عنه إن كان ذا قلب سليم، ولا يأبه من كان قلب كالحجارة أو أشد قسوة.

واهجرهم هجرًا جميلًا

وقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه، حتى ظن الناس أنه طلقهن. ولكن كان ذلك سلاح أعاد للحياة الزوجية موازينها. فطبيعي جدا أن تحدث خلافات تكون هي ملح الحياة. كما أن الأكثار منها يفسد الطعم وتتحول الحياة “نكدًا” وغمًا.

وهي كذلك كدأب العلماء والفقهاء، ففي رحاب العلم تكثر المناظرات والمشادات الكلامية بين الفقهاء وقد يخطي أحدهم في حق الآخر، أو يسئ إليه أو يجرح مصداقيته. فكان سلاحهم الإبتعاد، ربما لحفظ الأخوة التي فرضها هذا الدين العظيم تارة، ولحفظ الود بين الأشخاص تارة أخرى. كما أنه سلاح سياسي، فأن تبتعد دون أن تحدث جلبة فهذا وحده يزيدك هيبة ووقار في أعين منتقديك حتى وليس كما يظن البعض أنه يجب دائمًا أن تخاصم وتشاجر، فهذه أخلاق جاهلية مسحها الإسلام بقدومه وانتشاره في هذه الأرض.

الضيف بلول

 

إقرأ أيضاً:  الأخلاق أولًا


لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:



هذه المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن منصة المقالة.


مساحة إعلانية


⇐ لا تنس عمل مشاركة (Share)

المقالة التالية

البدون

الجمعة يونيو 25 , 2021
تمت قراءته: 2٬283 مقدمة يسعدني أن أشارككم هذه الأفكار علّ المطّلع عليها يستنير بها ليكون دربه جليّا. اخترت لها عنوانًا رمزيًّا  وهو “الـ بدون” معرّفة بالألف واللّام عسى القارئ ينتبه لكلّ معرّف بالإكراه في حياته. “البدون” كما يراها مواطن “البدون” لفظ مأساة معرّف بصفته اصطلاحًا. يستعمل كثيرًا للدّلالة على جماعات […]
البدون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: رجاء عدم محاولة النسخ، وعمل مشاركة/شير أو استخدم رابط صفحة المقالة كمرجع في موقعك - جميع الحقوق محفوظة لمنصة المقالة