حضارتنا

لطالما كنا نقرأ ونسمع عن حضارات ما حولنا، عن حضارة الإغريق التي أنجبت أشهر الفلاسفة، كسقراط وأفلاطون، وأرسطو، والحضارة الفارسية التي ملكت نصف الأرض والحضارة الرومانية والتي ملكت النصف الآخر، وحضارة الهند وحضارة الصين، والتي تميزت كلها، بعلوم وفنون، وصناعات واكتشافات، لم تنتجها الحضارات الأخرى. (الحضارة الإسلامية)

الحضارة الإسلامية
BBC

أحيانًا أقول لما لا نخبر العالم عن تلك الحضارة التي ملكت مشارق الأرض ومغاربها تلك الحضارة التي تهاوت أمامها الإمبراطوريات، فارس والروم، وغيرها، تلك الحضارة التي أنجبت لنا، علماء ومخترعين، فنانين. ومبدعين كل في مجاله، يذود عن حضارته ولا يقبل أن تأتي من قبله، إنها الحضارة التي حققت المعنى الحقيقي، لمعنى الحضارة.

يقول راغب السرجاني، أن الحضارة هي علاقة الإنسان بالبيئة والإنسان الآخر. والتحلي بأخلاق تنظم كل ذلك، وقال أيضًا أن الدولة المسلمة هي الوحيدة التي تمكنت من أن تحقق كل ما سبق، وتبقى كل الحضارات الأخرى محققة لأحد الشروط بينما تجدها قد هضمت بقيتها.

الإسلام أو الحضارة الإسلامية مستمدة من منهج قويم من رب العالمين. وكيف لا يكون كذلك وهو مستمد من رب القوانين. فهو الذي أبدع هذا الكون بنواميسه وضوابطه، ذلك المنهج الذي حول رعاة الأغنام من متصارعين على الكلأ والماء إلى قادة عظام. الذي حول الناس من عبادة حجارة صماء إلى عبادة الله الواحد.

حضارة الإسلام تلك التي أنارت العقول وحررت النفوس، التي نظمت حياة البشر، واهتمت بتفاصيل الأمور، تلك التي أنجبت لنا، عمر الفاروق وأبو بكر الصديق، وهي التي أنجبت لنا ابن رشد والبيروني، والخوارزمي.

تلك الحضارة التي شيدت قصور الأندلس ومسجد الحمراء، وهي التي شيدت تاج محل، هي التي شيدت بغداد، وهي التي فتحت الأمصار، لكي يسود العدل بين الناس، بعد أن كان الناس يتصارعون عبيدًا وأحرارً، فتهاوى كل ذلك عندما قال سيد العالمين “كلكم لآدم وآدم من تراب” وتهاوت عندما نظر عمر ابن الخطاب الحر، إلى بلال الحبشي العبد بالمفهوم الجاهلي ومفهوم اليوم وقال” بلال سيدنا وأعتقه سيدنا.

تلك الحضارة التي شيدت المستشفيات والتي أنشأت المكتبات، والتي عبدت الطرقات، والتي سنت القوانين، والتي كان شعارها الأوحد: لا إله إلا الله. لأن كل ما سواها لا يمكن أن ينتج حضارة حقة.

إن المتمعن والدارس للحضارات ليرى مدى التهاوي التي تشهده حضارات اليوم وإن كنا لا ننكر أنها سبقتنا بأشواط في ميادين شتى ولكن يبقى العامل الرئيسي والذي يبقي الحضارة متماسكة غائب عن الساحة ألا وهو الأخلاق، وهذا ما ذهب إليه عزت بيغوفتش، فحضارتنا لم تقم إلا بعد أن كان خلقنا القرآن خلق يسعى لكمال الإنسان والتعامل السليم مع ما يحيط به ليكون كل شيء “مزونا”.

وقال شوقي:

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت ***** فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

فالطب والهندسة والذكاء الإصطناعي إنما هي مجرد بوادر لحضارة هلامية هشة سرعان ما سيأتي يوم وتسقط، لأن القانون المتحكم في تعامل البشر منوط بخلق قويم، وهذا ما تفتقده حضارة اليوم وهذا ما كان سببًا في سقوط الحضارات من قبل.

الضيف بلول

 

إقرأ أيضاً:  إجابات من كتاب الإسلام بين الشرق والغرب


لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:



هذه المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن منصة المقالة.


مساحة إعلانية


⇐ لا تنس عمل مشاركة (Share)

المقالة التالية

كوارث تسببها القوارض

الأحد أغسطس 1 , 2021
تمت قراءته: 1٬819 منذ الأزل ولا تزال القوارض تلاحق صحة الإنسان واقتصاده وراحته، فهي تتسبب في انتقال العديد من الأمراض المشتركة، كما تقوم بإتلاف المحاصيل الزراعية، فضلًا عن تسببها في اشتعال الحرائق؛ نتيجة إتلافها للأسلاك الكهربائية وقطعها للعوازل البلاستيكية. وتأثير القوارض على الاقتصاد لا محدود؛ يكفي أن نعلم أن حجم […]
كوارث تسببها القوارض

اقرأ أيضاً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: رجاء عدم محاولة النسخ، وعمل مشاركة/شير أو استخدم رابط صفحة المقالة كمرجع في موقعك - جميع الحقوق محفوظة لمنصة المقالة