“شادية” السينما العربية

من أبرز نجمات السينما المصرية والعربية وأكثرهن تمثيلًا وغناءً. فنانة موهوبة شاملة، ظلت نجمة الشباك الأولى لمدة تزيد عن ربع قرن. ودامت مسيرتها الفنية نحو أربعين عامًا قدمت خلالها 150 فيلمًا، وأكثر من 500 أغنية، وعشرة مسلسلات إذاعية، ومسرحية واحدة هي “ريا وسكينة”. وتنوعت أعمالها الفنية ما بين الكوميدية والاجتماعية والرومانسية. (شادية)

شادية
الرائج

بدأت حياتها الفنية عندما وقع تحت يد والدها إعلان عن مسابقة لاكتشاف وجوه فنية جديدة تنظمها شركة اتحاد الفنانين التي كونها “حلمي رفلة” والمصور “عبد الحليم نصر” عام (1947). فاصطحبها والدها -وهي ذات ستة عشر ربيعا- لتقديمها إلى لجنة المسابقة، فتحمس لها المخرج “أحمد بدرخان”، كما قام “حلمي رفلة” بتبنيها فنيًا. ودشنت مسيرتها الفنية بفيلم (أزهار وأشواك) ودأبت علي تأدية أدوار “البنت الدلوعة” خفيفة الظل ولذلك أطلقوا عليها في ذلك الوقت (دلوعة الشاشة). ثم رشحها “أحمد بدرخان” لتقوم بأول بطولة لها أمام “محمد فوزي” في أول فيلم من إنتاجه: “العقل في إجازة” لحلمي رفلة، وقد حقق الفيلم نجاحًا كبيرًا مما جعل محمد فوزي يستعين بها في عدة أفلام: “الروح والجسد”، و”الزوجة السابعة”، و”صاحبة الملاليم”، و”بنات حواء”.

كما حققت نجاحات وإيرادات عالية للمنتج “أنور وجدي” في أفلام “ليلة العيد”(1949)، و”ليلة الحنة” (1951). ثم توالت نجاحاتها في أدوارها الخفيفة وثنائيتها مع “كمال الشناوي” التي حققت نجاحات وإيرادات كبيرة، ومنها: “حمامة السلام” (1947)، و”عدل السماء”، و”الروح والجسد”، و”ساعة لقلبك”(1948)، و”ظلموني الناس” (1950). وتوالت نجاحاتها في الخمسينيات من القرن العشرين وثنائيتها مع “عماد حمدي”، و”كمال الشناوي”بأفلام: “أشكي لمين” (1951)، و”أقوى من الحب”(1953)، و”إرحم حبي” (1959). وخلال فترة الخمسينيات تعاونت “شادية” عدة مرات مع الفنانة “فاتن حمامة” من خلال أفلام (موعد مع الحياة، أشكي لمين).

وبدأت بالتدريج في التغلب على نوعية الأدوار التي تقدمها لتؤدي أدوارًا مختلفة عما سبق عبر عدة أفلام مثل: (بائعة الخبز، وليلة من عمري، ودليلة، والمرأة المجهولة). كما غنت في معظم أفلامها، إلا أنها في بعضها مثل: “المرأة المجهولة”، و”اللص والكلاب” و”ميرامار” لم تغنِّ فيهم، وذلك تحديًا واثباتًا لحبها للتمثيل دون التوقف عند براعتها الغنائية.

فرصة العمر – (شادية)

يعد فيلم “أنا الحب” (1954) لهنري بركات من أفضل أفلامها الدرامية وهي لم تزل بعمر الورد. ويسرد العمل عودة المهندس “ناجي” من الخارج ويلتقي بألفت ويحبها وتبادله نفس الشعور. لكنها تختفي فجأة ويبحث عنها فى كل مكان ثم يجد صورتها على مكتب “أمين” رجل الأعمال الذي رباه. ويعمل معه ويظن أنها ابنته ثم يكتشف أنها زوجته فيلومها على خيانتها لزوجها فتصارحه بحقيقة زواجها، فقد كان والدها يعاملها بقسوة ويريد أن يزوجها لرجلٍ شرير من أجل ماله.

فلجأت إلى “أمين” لينقذها من والدها فتزوجها على الورق فقط. ولاحظ “أمين” أن هناك عاطفة بين زوجته والابن الذي رباه صغيرًا فترك لهم الحبل ليقتربوا من بعضهما أكثر ثم فاجأهم وهم يبوحان لبعضهما بحبهما، فأعلن انسحابه ليترك لهم الساحة، فرفض “ناجي” وقرر أن ينسحب هو، لكن “أمين” أطلعه على سره وأخبره أن ألفت ابنته من علاقة غير شرعية مع زوجة شريكه، ولما شك أبوها في نسبها عاملها بقسوة فلجأت إليه فتزوجها على الورق حتى ترثه شرعًا، وأنه كتب كل ثروته باسمها وسوف يسافر بعيدًا لأنه مطمئنٌ عليها معه.

وعندما كان عمرها 25عامًا. جاءت فرصتها الذهبية في فيلم “المرأة المجهولة” لمحمود ذو الفقار (1959) وهو من الأدوار التي أثبتت قدرتها العالية على تجسيد كافة الأدوار. ثم توالي نجاحها عبر تكوينها ثنائيًا ناجحًا للغاية مع الفنان “صلاح ذو الفقار” واخرجت معه طاقاتها الكوميدية كما في أفلام: “عيون سهرانة” (1956)، و”مراتي مدير عام”(1966)، و”كرامة زوجتي” (1967)، و”عفريت مراتي” (1968). وقدما أيضًا فيلم “أغلى من حياتي”(1965)، وهو أحد الروائع الرومانسية للفنان “محمود ذو الفقار”، وقدما من خلاله شخصيتي “أحمد، ومنى” كأشهر عاشقين في السينما العربية.

وتوالت روائعها الخالدة من خلال روايات الكاتب “نجيب محفوظ”بأفلام:”اللص والكلاب”، و”زقاق المدق”، و”الطريق” عام (1969). كما قدمت “ميرامار”، و”شيء من الخوف”، و”نحن لا نزرع الشوك” عام (1970). وقد وصفها الأديب “نجيب محفوظ” قبل أن تصبح بطلة مجموعة من أفلامه: (شادية هي فتاة الاحلام لأي شاب وهي نموذج للنجمة الدلوعة وخفيفة الظل وليست قريبة من بطلات أو شخصيات رواياتي” خاصة أنه تعامل معها عند كتابته لسيناريو فيلم الهاربة، ولكن كانت المفاجأة له عندما قدمت دور “نور” في فيلم اللص والكلاب للمخرج كمال الشيخ والذي جسدت فيه دور فتاة الليل التي تساعد اللص الهارب سعيد مهران، وبعدها تغيرت فكرة الأديب نجيب محفوظ وتأكد بأنها ممثلة بارعة تستطيع أن تؤدي أي دور وأي شخصية وليست فقط الفتاة “الدلوعة”).

(شادية)

إقرأ أيضاً:  شكسبير ملهمًا

مساحة إعلانية


“الدلوعة”، والعندليب

نالت لقب “دلوعة” الشاشة المصرية والعربية من أحد الصحافيين حيث كتب هذا الوصف كعنوان لحوار صحافي معها ومنذ هذا التوقيت عرفت به. وقدمت “الدلوعة” مع العندليب “عبد الحليم حافظ” ثلاثة أفلام: “لحن الوفاء”، و”دليلة”، و”معبودة الجماهير”. وكانت الصوت النسائي الوحيد الذي غنّى مع “عبد الحليم” دويتوهات عديدة مثل: “تعالي أقولك”، و”حاجة غريبة”، و”إحنا كنا فين”، و”اختار خيالي” وغيرها.

محطات في حياتها

ولدت “فاطمة أحمد شاكر” (2017-1931) بالحلمية الجديدة بالقاهرة، لأم مصرية من أصل تركي وأب مصري الأصل كان يعمل مهندسًا زراعيا بالمزارع الملكية. كان ترتيب شادية الخامسة بين أخوتها. لقبت من قبل أفراد الأهل والعائلة باسم “شوشو” بينما الأصدقاء من الوسط الفني والمقربين ينادوها باسم “فتوش”. ويقال أن المنتج والمخرج “حلمى رفلة” هو من إختار لها اسمها الفني “شادية” بعدما قدمت معه فيلم “العقل في إجازة”. وهنالك من يقول أن الممثل “يوسف وهبي” هو من أطلق عليها هذا الاسم عندما رآها وهو يصور فيلمه “شادية الوادي”، وهناك من يرجح أن الفنان “عبد الوارث عسر” هو من أسماها “شادية” لأنه عندما سمع صوتها لأول مرة قال: “إنها شادية الكلمات”.

وتزوجت “شادية” ثلاث مرات أولهم من المهندس (عزيز فتحي)، ثم من الفنان (عماد حمدي) وتزوجا أثناء تصوير مشاهد فيلم “أقوى من الحب” بالإسكندرية عام 1953. ومضت مسيرة هذه الحياة الزوجية فقط لمدة ثلاثة أعوام، ثم انفصلا، وتزوجت من الفنان “صلاح ذو الفقار” وانفصلت عنه عام 1969.

اختتمت مسيرتها الفنية بفيلم “لا تسألني من أنا” (1984) مع الفنانة “مديحة يسري”. ثم اعتزلت “شادية” الفن عام 1986، وتفرغت للأعمال الخيرية. ومن مقولتها الشهيرة عندما قررت ذلك: “لأننى في عز مجدي أفكر في الاعتزال، ولا أريد الانتظار حتى تهجرني الأضواء بعد أن تنحسر عنى رويدًا رويدًا. لا أحب أن أقوم بدور الأمهات العجائز في الأفلام بعد أن تعود الناس رؤيتي في دور البطلة الشابة، لا أحب أن يروا التجاعيد في وجهي ويقارنون بين صورة الشابة التي عرفوها والعجوز التي سيشاهدونها، أريد أن يظل الناس محتفظين بأجمل صورة لي عندهم ولهذا فلن أنتظر حتى تعتزلني الأضواء وإنما سوف أهجرها في الوقت المناسب قبل أن تهتز صورتى في خيال الناس). وكانت إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي أعلنت إهداء دورته الـتاسعة والثلاثين لهذه الفنانة الكبيرة.

أ.د. ناصر أحمد سنه
كاتب وأكاديمي مصري

(شادية)

إقرأ أيضاً:  ماذا يقرأ زعماء العالم؟


لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:



هذه المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن منصة المقالة.


مساحة إعلانية


⇐ لا تنس عمل مشاركة (Share)

المقالة التالية

وادي هونزا

الثلاثاء أبريل 12 , 2022
تمت قراءته: 1٬602 مقالتي اليوم عن شعب يتغذى من فتات، لكنه صحيح، ويشرب من قشة لكنه شديد، إنهم قبائل الهونزا الذين بسطوا للعالم والعلماء والاكتشافات والمعرفة كفة من ألماس، عن نظام الصحة ونواة الحياة، ستندهش من نمط حياتهم وستتمنى يوما بين دفء أفكارهم ونور عزيمتهم وحكمة عاداتهم وتقاليدهم. (وادي هونزا) […]
وادي هونزا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: رجاء عدم محاولة النسخ، وعمل مشاركة/شير أو استخدم رابط صفحة المقالة كمرجع في موقعك - جميع الحقوق محفوظة لمنصة المقالة