ترنيمة القدس – الحقيقة وإنتاج المعنى

تنويه هام
رغم أن قوانين نشر المقالات على منصة “المقالة” تمنع نشر بعض المواضيع، منها المقالات السياسية، وذلك للحفاظ على أوقاتنا في مقالات تثقيفية تفيدنا، دون الوقوع في فخ “الجدل”، إلا أن القضية الفلسطينية وهي قضية الأمة وليست قضية الأخوة الفلسطينيين فقط وتهمنا جميعًا بشكل شخصي، فكلنا رأينا ما حدث في القدس وباقي فلسطين؛ وبناءًا عليه سيتم نشر المقالات المتعلقة بفلسطين الحبيبة، ومنها هذه المقالة القيّمة.

فريق المقالة

ترنيمة القدس

يستمر المكان الفلسطيني زمانيًا في صياغة مفهوم الحق العربي والإسلامي، بمأساة جديدة وبوعي مغاير، يحمل سلوكًا مختلفًا في البحث عن المعنى الديني، وإعادة إنتاجه وجوديًا. وربما كانت ظاهرة التضحية والفداء من عناصره الأولى، وإلا ماذا يعني أن يواجه طفل فلسطيني السلاح الصهيوني العنصري؟! أوليس هذا درسًا في الشجاعة التي يجهلها المغتصب؟ درسًا في إنتاج المعاني الإنسانية وحمولاتها القيمية بما فيها التضحية؟ (ترنيمة القدس)

القدس
BBC

هكذا استطاعت الحقيقة بانتفاضتها الجديدة أن تُهَشِّم سلطة الإسرائيلي الصهيوني، وتكشف عن هشاشة سلطات عربية تتآكل من زيفها المعتاد ونفاقها السافر، وهي تؤسس لوجود ذات إنسانية حرة تمثل الخير في أرض السواد. وما يزال بياض قلب الروح يجوب الصحراء العربية، بحثا عن قطرة كرامة إلى يومنا هذا. فهل في هذا الوصف قيد شعرة من الانحراف؟

نعم، في معرة العنصرية وسائر نظم الإرهاب والدموية، ارتبط الدين سياسيًا وأيديولوجيًا بالقومية، فأنتج تلك الصورة المريضة من ما أسموه “بالحركة الصهيونية”. هي مزيج من فلسفات عدمية تُحَرِّف النص عن مواضعه، خاصة السلوكية والقيمية منها، وتَعِدُ نفسها بالأرض دون حق ولا استحقاق.

فيها نجد عقيدة روحية خاوية، تحمل أسفار الحقد والكراهية. أما مبادئها السياسية، فمتطرفة إلى النخاع، ومتشظية بمرارة الجبن والخوف من المستقبل. والغريب أنهم يمارسون اليوم منصب السدنة لهذا القرن الجديد، والذي وُصف بأنه عصر الديمقراطية والحرية، وعصر الحوار البشري وأنواره الإنسانية؛ كل ذلك وفقًا لتلك الروح الانعزالية والانهزامية “الشعب المختار”!

ومن الثابت أن تلك العنصرية كانت نتاجًا لشتات وفتات من فلسفة التربية الصهيونية وقيمها الإسرائيلية الجديدة. مجموعة أوهام وقناعات سلبية عن العرب والمسلمين، بل ولسائر شعوب العالم وقومياته المختلفة. فلسفات عنف وعداوة، كضرورة حتمية في السياسة الإسرائيلية. نفعية أساسها اغتصاب الحق والصحيح الإنساني المشترك مهما كان.

ومن تعاليمهم أن إذا دخلتم أرض الميعاد، اقتلوا كل من فيها من رجال ونساء وأطفال وشيوخ، حتى البقر وسائر ما موجود من شجر! أوليس هذا إرهابًا يُمَارس علنًا وفي وضح النهار؟!

“القوة قبل الحق”!

وليس غريب على الصهاينة هذه الأفعال وافتعال الحروب والمجازر في أبشع وأحقر صورها اللا إنسانية، ثبتها هرتزل بقوله “القوة قبل الحق”!

أي قوة هذه التي تخاف حتى من نفسها؟ صحيح أنها تمتلك زمام اللحظة دنيويًا، بل وتمتلك سائر مقومات الفعل والمكان. لكنها تفتقر إلى مقومات البقاء المستقبلي الراسخ في عمق الزمان. فالأقصى وغزة وفلسطين جزء لا يتجزأ من كيان الحق الوجودي مهما طال الزمن وبعدت الأسباب.

إنه حلم العدل إنسانيًا، والذي ينحاز أيضًا إلى الحلم العربي والإسلامي، وإلى الأمل والأمن الاجتماعي. لذلك نطالب السياسة عربيًا وعالميًا ألا تُتنكر لهذا الحلم وتنتهك الروح.

أما بخصوص تساؤلنا الأول، فيمكن القول أن الصهيونية قد ورَّثت أسوء ما في العقلية الغربية من نهج معرفي وإنساني شاذ لبقية العالم مع وراثتها المجددة لقيادة النفاق الليبرالي والرأسمالي المعاصر. فإسرائيل والصهيونية هي أكبر مستوطنة غربية أمريكية متورمة بملكوت الأنا. لكن لا بد أن تكرر الشمس وجهها المشرق في كشف قاتلي العالم.

أ م.د سامي محمود ابراهيم
رئيس قسم الفلسفة
كلية الآداب
جامعة الموصل
العراق

 

إقرأ أيضاً:  احتكار الحق (فلسفية)


لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:



هذه المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن منصة المقالة.


مساحة إعلانية


⇐ لا تنس عمل مشاركة (Share)

المقالة التالية

نظرة على الحياة

الأحد مايو 23 , 2021
تمت قراءته: 4٬225 نظرة متأمل للحياة وهي تنسكب الحياةُ هبةُ الخالقِ. لعبةُ الفُرْصَة اليَتيمةِ. مِيزتُها أنّ أحْداثهَا لا تُعادُ مرّتينِ، لَا لحْظةً فيها تنتظرُ أخْرَى: تَتَلاحقُ جَميعهَا مُتواتِرةً بينَ الانْبعَاثِ والانْعِدامِ. يسْتمرُّ زمانُها وِلادةً متتاليةً وفناءً متلاحقًا.. إنَّها طَبقٌ يطبخُ ويؤكَلُ متزامنًا في ذاتِ الحينِ، غايةُ منْ يعيشُها إدرَاكَ السَّعادةِ […]
الوعي

2 تعليقات على “ترنيمة القدس – الحقيقة وإنتاج المعنى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: رجاء عدم محاولة النسخ، وعمل مشاركة/شير أو استخدم رابط صفحة المقالة كمرجع في موقعك - جميع الحقوق محفوظة لمنصة المقالة