بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، اصطف الألمان للصعود إلى القطار، فتخطى شاب صغير كل الصف، فأمسكته امرأة عجوز من مؤخرة ثيابه وقالت: (عن الأخلاق)
الخسائر العسكرية سهلة الترميم، ولكن الهزيمة الأخلاقية هي التي يصعب إصلاحها. لقد عاث فينا الاستعمار فسادًا، ولكننا استطعنا أن ننتصر عسكريًا، ولكن ما زرعه في نفوسنا وأخلاقنا من ضعف ووهن ما زلنا للآن نُعاني تبعاته. وما بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم إلا ليُتمم مكارم الأخلاق، فهي التي تغير مسار الأمم والشعوب. ما حوَّل العرب من قبائل متناحرة إلى دعاة حضارة هي الأخلاق التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم. وهي ما جعل الدول الغربية ترقى وتتطور. وأمة دون أخلاق ما تلبث حتى تنهار.
يقول أحمد شوقي في بيته الشهير:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هُمُ ذهبــت أخـلاقهم ذهــبوا
والحقيقة أنما نعيشه اليوم هو أزمة أخلاق؛ فبالرئيس الفاسد، والمعلم الذي نجح بالغش، والمهندس المحتال، والتاجر السارق والطبيب الفاشل، نؤسس مجتمعًا متخلفًا. وهذا نتيجة الأخلاق التي تدنَّت وأصبحنا لا نبالي بها. قال تعالى{إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد:11].
فمتى أردنا التغيُّر نحو الأفضل، علينا أولًا أن ننظر إلى أنفسنا، هل يا ترى تَصلُحُ لهذا التغير المنشود أم لا؟ ثم إن بقاء نفسك على ما هي عليه لن يجدي نفعًا.
فأول خطوة في طريق التغيير أن نعترف أن هناك مشكلة ما، ثم نبدأ بعلاجها. وأول ما يجب علاجه هو الأخلاق، ولا أنجح من القرآن وسنة المصطفى علاجًا لها.
ما تقدم المسلمون الأوائل إلا لأنهم عرفوا قيمة الأخلاق، وما نجحت أغلب الدول التي نراها اليوم إلا لأنهم أدركوا قيمة الأخلاق في بناء الدول والمجتمعات. فها هي اليابان اليوم من بلد مدمر بالكامل إلى دماغ العالم، وها هي ألمانيا من بلد منكوب بسبب دمار الحرب إلى حامل لإقتصاد قارة بأكملها؛ الدواء سهل إذا عرفنا مكمن الداء.
الضيف بلول
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
الضيف بلول من الجزائر، يدرس تخصص التاريخ بجامعة الشهيد حمة لخضر. يهوى الكتابة وممارسة الرياضة.
صدقت.