إن ما يمر به المسلم في هذه الدنيا هو عبارة عن إمتحان لدرجة هذا الإيمان فالجنة لها درجات ولكل درجة أهلها وما قدموا لها من أعمال فكلما كبُر المرء قرب منه الأجل الذي حُدد بيوم مسجل عليه لا يقدم ولا يؤخر منه إلى دقيقة واحدة فقدم قبل أن تقدم للقبر المظلم ذاك المكان الضيق الذي يسكنه الصغير قبل الكبير فإن هذه الدنيا كلها طريق واحد ونهايته معلومة لا يجهلها جاهل ولا يكذب بها مكذب. (الإبتلاء مصباح المسلم)
الموت كلنا نؤمن به لأنه مشهود بأعيننا مسموع بمسامعنا نمشي خلف الجنائز بأقدامنا فإن حياة العاصي عيشه بين الظلام المظلم بظلمه هذا وارتكاب المعاصي ظلمات على نفسه فكيف نحيا في أرض تمتلأ قبورا ويعصيه العاصي وهو ليس مجبورا فأين الملوك وأين الأغنياء طبعا أكثرهم ماتوا ولم يزيدوا بعد أجلهم ساعة ولا بضعة ثواني الكل سافر في وقته المحدد فالدنيا فيها امتحانات ودروس مثل التلميذ داخل قسمه في المدرسة والقبر تظهر فيه النتائج كنتائج نهاية السنة الدراسية فيفرح المتفوق ويحزن الراسب لكن من يرسب في الدراسة يمكن له أن يُعيد السنة وينجح أما من يرسبُ في قبره لا يمكنه ذلك فلا ينفعه بكاء ولا ندم حينها فكونوا من عباد الله الذين يصلحون في الأرض بعد فسادها ولا تكونوا ممن يفسد فيها فكل وباء نزل في الأرض هو عقاب الله لنا جميعا بفاعل المنكر والساكت عنه.
نحن نعيش في زمن الفتن والإفتتان بين الناس حتى أصبح بعض الناس يقول نفسي نفسي قبل يوم القيامة ولا أحد يهتم بالآخر أو يسأل عنه وكأننا غرباء بين أهلنا نبحث عن حياة مستقرة نأمل في كل شيء ونطمح في الزيادة بدون نقصان نتغنى بالأفراح وكأننا عازمون على البقاء بلا رحيل وقد اختلفت بنا الطرق والإسلام به وحدتنا والإجتماع قوتنا والسُنة هي رايتنا والعلم مبدأنا والجنة هي غايتنا.
فلا تخف من يوم تلقى فيه الله وأنت تائب ولكن الخوف يكون من سوء خاتمة العواقب واحيي قلبك بالذكر قبل موته فيدفن قبلك وتعيش أنت بين الأحياء من دونه وعلمه أن الخوف يكون من الله الأحد وعذابه الأبد واجعل منه قلبا يتقلبُ بين الطاعات ويغلق أبوابه في وجوه سهام الشهوات وسموم الشبهات فلو لا هذه الابتلاءات ما رُفعت درجتك ولا غُفر ذنبك ولا زيد في حسناتك فكلما أصابتك مصيبة إجعل منها مرآة وانظر هل أنت مذنب في شيء ما أو مقصر في طاعة؟
ستعلم أن ذنبك هو سبب هذا البلاء فغير ثم قم بعملية الإصلاح ثم بعد ذلك أدعوا الله من قلبك لعلها تكون ساعة استجابة
فإن التوبة هي رأس السعادة كلها ومصدر البركة في الرزق فإن الإبتلاء يكشف لك الحقائق ويُخرج منك الأسرار
فيه تظهر حقيقة الإيمان عند كل مسلم ودرجة الإخلاص للمسلم بعد توبته ومرتبة الصبر على المحنة للمسلم فالله عز وجل أعلم بما يصدر منك قبل وبعد من الأزل إلى الأبد لكنه يمتحنك لكي تعرف قدر نفسك ومن أنت فإن كنت مرائي أو فيك علامة من علامات النفاق أم لا؟
فهو بابتلائه هذا يفتح لك الأبواب كلها وتختار أنت أيهم تدخل منه فاحذر من باب اليأس واختر من أبوابه باب الصبر فأجرك ليس له مثيل عند رب كريم.
شعيب ناصري
(الإبتلاء مصباح المسلم)
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
شعيب ناصري من الجزائر. تحصل على العديد من الشهادات المهنية والحرفية يهوى المطالعة وحب الكتابة، وألف كتاب “وباء كورونا بين الواقع والإسلام” وشارك في عدة مجلات ورقية وإلكترونية.