بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى “فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ” [البقرة 22]. أي أن يضع شخص ثقته بمخلوق في مرتبة الخالق سبحانه وتعالى ويرفعه فوق قدره أو يطلب منه ما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل. (الغلو في الدين)
قال بعض السلف (ما أمر الله تعالى بالأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان إما إلى تفريط وتقصير وإما إلى مجاوزة وغلو ولا يبالي بأيهما ظفر). [1]أنظر ص 105 إغاثة اللهفان الجزء الأول.
ما هو الغلو – الغلو في الدين
الغلو هو الإعجاب بالأعمال الصالحة للأشخاص فيراهم ذاك الشخص الغال فيهم أنهم من أهل الجنة بكل ضمان أو يعجبه عمله هو فيرى نفسه من كبار الأتقياء في الدين أو من المعصومين والغلو يعتبر إفراط في الحب بإظهاره عن طريق طرق تخالف الشرع والقدر معا وحتى الفطرة التي نشأ فيها الإنسان وأخطرها التي تجعل من العبد عبدا للعباد بعبادته لهم سواء فعلا أو قولا أو حتى إعتقادا بهم لمصلحة دينية أو دنيوية ومثال في الجانب الديني هناك من يتوسل بقبور الأموات كرجل صالح أو نبي قال صلى الله عليه وسلم (ولا تجعلوا قبري عيدا) رواه أبو داود. [2]الراوي : علي بن أبي طالب | المحدث : الألباني | المصدر : فضل الصلاة | الصفحة أو الرقم : 20 | خلاصة حكم المحدث : صحيح … Continue reading
أما من الناحية الدنيوية فمثل الذي يذل نفسه عند طلب الحاجة من الناس الأحياء سواء مسؤولين أو أغنياء. إلخ كلها غلو في المخلوقين بالحب أو الطلب الزائد والممل وتكون بالإلحاح عند رفض طلبه قال صلى الله عليه وسلم (- مَن نَزَلتْ به فَاقةٌ ، فأَنَزَلَها بالنَّاسِ ، لَم تُسدَّ فاقتُه ، و مَن نَزلَتْ به فاقةً ، فأنزلَها باللهِ ، فيُوشِكُ اللهُ له برزقٍ عاجلٍ ، أو آجلٍ) صحيح الجامع 6040.
وهذه في المبالغة فالغلو يعتبر في المعاجم العربية (مبالغة بالطلب) وحتى إن كان المخلوق قادر على قضاء حاجتك فلا يليق بمسلم إنزال قيمته ورفع غيره للعلى وكما يقال الشكوى لغير الله مذلة.
وقال أهل الإختصاص (الإفراط بمعنى تجاوز الحد بالزيادة)
مساحة إعلانية
والإفراط نوعان
- الأول في العبادة يكون بالتشدد وقال إن القيم رحمه الله (التشديد إما بالقدر أو الشرع) والتشديد هو التشدد. [3]أنظر ص 118 إغاثة اللهفان الجزء الأول.
- والثاني في المعاملة مع الناس بالمدح في الوجه والدهن فتجده يقبل حتى الإهانة والسب في عرضه من أجل مصالح دنيوية فانية.
(والغلو هو مثل التعصب للأشخاص بحبهم لدرجة التوكل عليهم وعبادتهم وتقديسهم وهذا شرك بالله ويولد التطرف والجنون بين الناس في العقيدة). [4]منقول من مقالي المعنون بالتعرف على طرق التطرف والإرهاب لحماية الشباب الصادر في مجلة الأميرة الكويتية.
فاليهود رفعوا عزيرا في مكان الخالق بغلوهم فيه والنصارى رفعوا المسيح عيسى بن مريم عليه السلام مكان الخالق وعبدوه تقربا إلى الله عزوجل به وقال تعالى “وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ” [التوبة 30].
وهذه نتيجة الغلو في الأنبياء والصالحين وهذا الغلو موجود عند المسلمين في بعض الطوائف الضالة قال تعالى “قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ” [المائدة 77].
الخطاب كان لأهل الكتاب من اليهود والنصارى واليوم هو لأمة محمد صلى الله عليه وسلم جميعا.
قال ابن الجوزي رحمه الله (قد يسمع العامي ذم الدنيا في القرآن المجيد والأحاديث فيرى أن النجاة تركها ولا يدري ما الدنيا المذمومة فيلبس عليه إبليس بأنك لن تنجوا في الآخرة إلا بترك الدنيا فيخرج على وجهه إلى الجبال فيبتعد عن الجمعة والجماعة والعلم ويصير كالوحش ويخيل إليه أن هذا هو الزهد الحقيقي). [5]تلبيس إبليس له 142.
وهذا هو الغلو في العبادة لأنه طريق التشدد والنبي صلى الله عليه وسلم (قد نهى أن يبيت الرجل وحده) فما بالك أن يعيش وحده.
قال صلى الله عليه وسلم (اقرأوا القرآن ولا تغلوا فيه.) صحيح الجامع. [6]رواه الإمام أحمد في المسند، وأبو يعلى في مسنده، والطبراني في معجمه الأوسط، وروى نحوه البيهقي في … Continue reading
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله معلقا على الحديث (أي لا تزيدوا فيه عند التلاوة في التنقيط والمدود الزائدة هذا يكون في التجويد وكذلك الغلو في فهم القرآن كالخوارج فحملوا الآيات على غير محملها وكذلك أن يقرأه ولا يعمل به) مستفاد من صوتية له ومختصرة مني عليها.
وقال ابن القيم رحمه الله (الفقه الإقتصاد في الدين والاعتصام بالسنة). [7]إغاثة اللهفان ص 118 الجزء الأول.
وهذا عكس الغلو فالغلو تنطع في الدين وترك السنة وكما قال ابن القيم رحمه الله (فهكذا تسمية الغلو في الدين والتنطع احتياطا). [8]ص 148 إغاثة اللهفان الجزء الأول. وقال صلى الله عليه وسلم (ألا هلك المتنطعون ألا هلك المتنطعون ألا هلك المتنطعون) رواه مسلم.
والحل من التخلص عن الغلو هو تركه نهائيا والتوبة إلى الله والرجوع إليه سريعا بالدعاء والطلب قال صلى الله عليه وسلم (إن الدعاء هو العبادة) رواه أحمد وأخرجه البخاري في الأدب المفرد.
في الختام
تكون بنصيحة سيدنا وحبيبنا ومعلمنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم (. يا أيها الناس إياكم والغلو في الدين فإنه أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين) رواه ابن ماجه.
بقلم شعيب ناصري
(الغلو في الدين)
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
شعيب ناصري من الجزائر. تحصل على العديد من الشهادات المهنية والحرفية يهوى المطالعة وحب الكتابة، وألف كتاب “وباء كورونا بين الواقع والإسلام” وشارك في عدة مجلات ورقية وإلكترونية.
الملاحظات أو المصادر
↑1 | أنظر ص 105 إغاثة اللهفان الجزء الأول. |
---|---|
↑2 | الراوي : علي بن أبي طالب | المحدث : الألباني | المصدر : فضل الصلاة | الصفحة أو الرقم : 20 | خلاصة حكم المحدث : صحيح بطرقه وشواهده. الدرر السنية |
↑3 | أنظر ص 118 إغاثة اللهفان الجزء الأول. |
↑4 | منقول من مقالي المعنون بالتعرف على طرق التطرف والإرهاب لحماية الشباب الصادر في مجلة الأميرة الكويتية. |
↑5 | تلبيس إبليس له 142. |
↑6 | رواه الإمام أحمد في المسند، وأبو يعلى في مسنده، والطبراني في معجمه الأوسط، وروى نحوه البيهقي في سننه، وعبد الرزاق في مصنفه، وعبد بن حميد، في مسنده. والحديث صححه الألباني وشعيب الأرناؤوط. |
↑7 | إغاثة اللهفان ص 118 الجزء الأول. |
↑8 | ص 148 إغاثة اللهفان الجزء الأول. |