عزيزي القارىء دعني أبدأ حديثي معك بعدة تساؤلات ربما نستطيع من خلال هذا الطرح الإجابة عليها سويا. ترى ما الذي يفقد الإنسان الموضوعية في الحكم على الأمور؟ فقد وهبه الله العقل ومنحه القدرة على التمييز بين الخطأ والصواب والطالح والصالح! لذلك هو مكلف ومحاسب من الله عز وجل، فكما نعلم العقل مناط التكليف. (تأثير الإعلام على الشعوب)
هل الآلة الإعلامية الخبيثة بمختلف صورها ووسائلها المتعددة هي السبب؟ ربما. فالإعلام سلاح قوي وهام يستخدم بضراوة في العالم كله. مخطئ من يظن أن أي إعلام في العالم محايد وحر بصورة مطلقة، كل المؤسسات الاعلامية تقف خلفها أجهزة تحركها وتوجهها وفق منهج معين محدد سلفا مهما بدى لك الأمر انه في منتهى البراءة والتلقائية والإنسانية المفرطة.
مساحة إعلانية
تأثير الإعلام على الشعوب
إذن تتشكل القناعات وفق ما تم إعلامك به ووفق أيضا ما تم حجبه عنك. والطريقة التي يتم تقديم بها الخبر أو المعلومة إليك لها تأثير أيضا ونتائج مدروسة. أما ما يتم حجبه بهدف التجهيل وتغييب الوعي فهو لإحكام السيطرة والسير في نسق له أطر لا يمكن الخروج عنها، فكل شئ محسوب بميزان فائق الحساسية.
والخطير في الإعلام انه يشكل وعي جمعي قد يكون في أغلب الأحيان زائف لكنه واسع الانتشار ذو أثر معدي. فالبشر بطبيعتهم يميلون للتصرف والتحرك بشكل جمعي حتى ولو كان ذلك فكريا أو إفتراضيا على وسائل التواصل الإجتماعي عبر الإنترنت. فقد يصور لك الإعلام ان هذا الأمر متفق عليه بين الناس وذاك الأمر لم يعد يصلح للعصر باتفاق الجميع وهو في الواقع ليس كذلك إطلاقا، لتتصرف أنت على هذا الأساس وشيئا فشيئا تأخذ المنحى الفكري المطلوب من صناع هذه المنظومة حتى ولو كنت في البداية غير مقتنع أو متشكك.
لذلك جملة “الناس عايزة كده ” التي تقرأها أو تسمعها في وسائل الإعلام المختلفة مضللة إلى أبعد مدى. إعلام العصر الحديث له تأثير قوي يحاصر الفرد بإلحاح ويساهم بشكل فعال في خلق مناخ يخدم من يقومون عليه.
هذا فيما يخص المؤثرات الخارجية التي ربما تكون سببا، فماذا عن ما يخص المرء ذاته؟ إنه الوحيد المسئول أمام الله عن إختياراته وإنحيازاته وما ينتج عنها من تبعات. في هذا السياق يكون إتباع هوى النفس سببا جليا. فصل الله لنا وأوضح في كتابه الكريم أن من اتبع هواه يتردى ويكن أمره فرطا، ويفقد نعمة الحكم الصحيح على الأشياء والفصل بين الأمور المختلفة. (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ ۚ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ) [المؤمنون 71].
أنعم الله علينا بذكرنا في القرآن وحدثنا عن أخبارنا ليكون لنا منهاج حياة لكننا هجرناه وتركنا أنفسنا فريسة للآلة الإعلامية الخبيثة بشتى صورها من ملهيات وغيرها ممن يطلقون عليها “القوة الناعمة” التي لطالما كانت مفاسدها أكثر من منافعها.
آمال حافظ
(تأثير الإعلام على الشعوب)
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
آمال حافظ من مصر. تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية. عملت في مجال إدارة الفنون وتنظيم المعارض. كما شاركت في فعاليات ثقافية بمنظمات المجتمع المدني ولها دراسات متعددة في مجال الإعلام.