-بداية الخطاب-
معشر الكتاب والمثقفين، الصحفيين منهم والمراسلين.. قرائي الأعزاء..
أنا صاحبة الجلالة.. أخاطبكم.. أنا الملقبة بمهنة المتاعب، ولكن خدمتكم وتعبي لأجلكم راحة وشرف لي، لكوني أجد في قرائتكم أخباري وعناوين صفحاتي الورقية و الإلكترونية لذة عظيمة، وكم أكون سعيدة وشعبي من القراء يحتضنني بين يديه وهو يتصفح أخباري مع قهوته الصباحية.
جنودي من الصحفيين والمثقفين سلاحهم الأقلام والأفكار.. لغتهم الكتابة، وكم أكون سعيدة عندما ينقل الخبر بإسمي دون تحريف أو تزوير، حتى لو كان ذلك ثمنًا لحياتهم أو حرياتهم، فهم يضحون ويفضحون.. من أجلي ومن أجلكم، ومن أجل كلمة حق تعلو ولا يعلى عليها، وكم كنت قيمة الشأن في ما مضى من الأزمان. إذ كنت أجمع بين الخبر والثقافة والتسلية على صفحاتي التي كانت من الورق، وكنت المعشوقة الوحيدة لشعبي من القراء قبل أن يستغلني مخبري الشرطة للإختباء ورائي.. ويتلصصوا على المجرمين من ثقب صنعوه في وسط صفحاتي..
من البداية وحتى أشباه الصحفيين
كم غيرت من مواقف، وكم أضحكت من شعوب بكاريكاتيري وكم كشفت من مؤامرات.. وأزلت من كراسي ومناصب.. وكم رفعت من شخصيات وهويت بأخرى.. وكم كشفت من حقائق، وكم صححت من إعوجاج بمقالاتي لأن هذا دوري وهذا ما خلقت لأجله فقد كنت يومًا المصدر الوحيد للمعلومات حتى قبل أن تظهر صفحاتكم الإلكترونية أو أجهزتهم التلفزية التي أهملتموني لأجلها.
وجعلتم مني نموذج لأم شاخت ورمى بها أبناءها في دار العجزة ليصنعوا فسحة لعب ولهو لأبناءهم، فكم من تضحية قدمها جنودي من الكتاب والمثقفين لأظل شامخة دون أن تندثر هيبتي وقناعاتي، وكم ساهم من عامل في تزيين صفحاتي حتى أبدو بحلة جديدة.. كعروس تزف كل يوم لعريسها.. ولكن اليوم أصبحت أخشى عليكم الجهل والتفاهة في زمن حتى البعض من جنودي باعوا ذممهمم وأراحو أسلحتهم التي كان يضرب لها ألف حساب..
بل تسلل إلى قصري المنيع بعض أشباه الصحفيين من السخفاء الذي عتوا في الأرض ركاكة و فسادًا ونشروا الجهل وطمسوا الحقائق وحرفوا الخبر.. أما ما تبقى منهم من الشجعان و الأحرار، فبعضهم يُقتل في ساحات الحروب وبعظهم نُفي من وطنه..
وأخرون دفنوا في غياهب السجون، حتى إن بعضهم قطع وتناثرت أشلاؤه ودمه بين بقاع المعمورة.. ولكني لا زلت صامدة بما تبقى من رجالي وجنودي ومستعدة للتضحية حتى آخر رمق من أجل شعبي من القراء، ولكن ما أخشاه حقا على نفسي أن تهملوني وتتركوني لمقبرة الظلمات والجهل ليكون ذلك مصيري، إذ دخل أغلبكم إلى حزب عدوتي اللدودة على مر الأزمان وهي التفاهة، فحذاري أن تتسلل إلى أدمغتكم وتجعل منكم عبيدًا لها وتفرض عليكم الإستمتاع بسلطتها وتفاهتها وجهلها،خصوصًا وأن كل أوراق القوة معها، ومنها وسائل التكنولوجيا الحديثة والتي أقتسمتها بيني وبينها ولكن يبقى النصيب الأكبر من المشاهدات والقراءات لها في حين أن نصيبي يقل يومًا بعد يوم..
لا تخذلوني
معشر القراء الأوفياء إنني سأظل صامدة بكم ولأجلكم ومستقبل صفحاتي التي بين أيديكم ستظل تطبع وسأكون أنيستكم ومصدر معلوماتكم وأخباركم ولكن رجاءًا لا تخذلوني في يوم من الأيام فأنا صحافتكم التي إن بكيتم بكيت.. وإن فرحتم فرحت.. وكم أكون حزينة عندما أنقل لكم أسوء الأخبار.. وكم أفرح عندما أنقل لكم أجملها.. وكم تقاسمت معكم الأفراح والأتراح، فرجاء لا تجعلوا للتفاهة عنوان ولا تجعلوا من فضولكم السلبي نزوة تجركم لعالمها، ولا تغرنكم عناوينها البراقة ذات المحتوى الفارغ وأعلموا أنكم.. أنتم وحدكم من يشجعها على التمادي في إفساد أخلاق المجتمع ونشر الفضائح وتشجيع الفساد..
ورجائي الأخير لا تجعلوا من صفحاتي أغلفة لمقتنياتكم أو تمسحوا بي زجاج نوافذ سياراتكم فكل مقالة في صفحتي هي نتاج عرق وكد لكاتب وعامل وتقني، وثمني الرخيص لا يعني أنني رخيصة بل لأني أحبكم وأتمنى أن تحتضنوا صفحاتي كل يوم جديد على خبر جديد وثقافة جديدة؛ لأستمر في فضح الفساد والمفسدين.. والطغاة الفاشلين.. ومشاكل الإنسانية والإفتاء الفكري بين البشر.. وسأظل السلطة الرابعة [1]يُطلق مصطلح السلطة الرابعة (بالإنجليزية: Fourth Estate) على وسائل الإعلام عمومًا وعلى الصحافة بشكل خاص. ويكيبيديا التي تخيف وترعب كل من سولت له نفسه التلاعب بمصير الناس ومستقبلهم أو حتى ثقافتهم أو أن يمس بحريتهم الشخصية التي هي ملك لهم وحدهم لأنني أنا وحدي مهنة المتاعب.. صاحبة الجلالة.. السلطة الرابعة.
وسأظل دائما حاضرة لنصرة المظلوم.. صادحة بالحق.. كاشفة للمؤامرات بفضل جنود لي يؤمنون بمبادئ أقسموا على الحياد في الاستقصاءات والتحقيقات الصحفية.. وكم أسالوا من مداد لأقلامهم كدماء قربان يُنحر كل يوم ليكتب كلمات وجمل ومقالات على صفحاتي….
إختتام الخطاب
اليوم خاطبتكم ووجهت لكم النصح لأني واثقة أنني سأظل أنا الملاذ الوحيد لأصواتكم عندما تُظلموا.. أو أنا من يوصل أصواتكم عندما تصم الأذان، وتعرف عن سماع أنينكم فاحفظوا كرامتي وعزتي؛ أظل سيفكم الذي لا يقهر، وقلمكم الذي لا يجف مداده أبد الدهر…
مع تحيات
سعيد لقراشي
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
تخرج سعيد لقراشي من الثالثة ثانوي بالمغرب. حاصل على دبلوم المحاسبة. كاتب سيناريو لمجموعة من الأفلام القصيرة عرضت على قنوات اليوتيوب. شارك في بعضها كممثل كما يعمل كمراسل لمجموعة من المواقع الإلكترونية.
الملاحظات أو المصادر