هل نستطيع تغيير الواقع لما نريد؟ تأملات فلسفية في الكهرومغناطيسية

هل نحن نرى ما نرى حقًا؟ (تغيير الواقع)

قبل أن نبدأ، أدعوك عزيزي القاريء لتُنحي كل قناعاتك السابقة جانبًا، وأن تقرأ هذه المقالة بعقل مفتوح تمامًا. (تغيير الواقع)

تغيير الواقع
Medical News Today

بداية دعني أذكرك ببعض ما درسناه في المرحلة الابتدائية عن الضوء، وأننا لا نستطيع أن نرى أي شيء من حولنا إلا إذا سقط عليه الضوء ثم انعكس من عليه الى الشبكية في داخل العين البشرية. هذا يعني بكل بساطة أنك في الحقيقة إذا كنت تنظر إلى كوب من الماء فإنك في الحقيقة تنظر إلى فوتونات وموجات الضوء الكهرومغناطيسية مثلما اكتشف العالم الفيزيائي “ماكسويل” في القرن التاسع عشر، ويقوم المخ بمعالجة هذه الموجات التي تصله ليخلق صورة لكوب الماء في عقلك.

أمر غريب، أليس كذلك؟ (تغيير الواقع)

هذا يعني أننا لو استطعنا الوصول لدرجة معينة من التحكم العقلي فإننا سنكون قادرين على تغيير كل ما تقع عليه أعيننا، بل وتغيير واقعنا بأكمله!

تستطيع أن تجعل عقلك قادرًا على تفسير ومعالجة هذه الموجات الكهرومغناطيسية كما تريد أنت، فتستطيع أن تحول حفنة من التراب إلى سبائك من الذهب والصحراء القاحلة الى مروج خضراء، بل وتستطيع أيضًا بقوة عقلك على أن تؤثر على من حولك لتجعلهم يروا نفس ما تراه أنت أيضًا!

إقرأ أيضاً:  كيف نتعلم، ونتذكر؟

هل يبدو الأمر كشيء صادفته من قبل؟!

(فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ) [طه 66]

نعم، بالضبط، ربما يكون هذا الأسلوب هو نفس الأسلوب الذي اتبعه سحرة فرعون في إيهام الناس وخداع عقولهم ليروا أن الحبال تحولت بالفعل إلى أفاعي.

سحرة فرعون - تغيير الواقع
سطور

لأن القرآن الكريم لم يقل أنهم استبدلوا الحبال والعصى بثعابين بخفة أيديهم، بل قال إنهم سحروا أعين الناس، أي أنهم خدعوا مستقبلات الإشارات الكهرومغناطيسية في المخ ليجعلوه يفسر الضوء المنعكس من على الحبال على انه ثعبان يتحرك.

(فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) [الأعراف 116]

هل هذا هو السحر الذي أخبرنا الله سبحانه وتعالى عنه؟ ربما، إنها وجهة نظر لها وجاهتها بكل تأكيد مع الاعتبار إننا لم نؤت من العلم إلا قليلًا. ولكنها تفسير مقبول بشكل ما، فنحن نسمع في القصص الشعبية عن السحر الذي يفرق بين المرأة وزوجها ويجعلها تراه قردًا والسحر الذي تصنعه المرأة للرجل ليراها أجمل نساء الكون، وكلها إلى حد كبير مرتبطة بالتلاعب فيما يراه الإنسان في عقله أو ما يفسره عقله.

إذن فالسحر ربما يكون مثل فيروس “الكومبيوتر”، يتسلل إلى المخ بشكل مستتر ويصيبه بعطب ما ويجعله يعالج ما تستقبله خلاياه الرمادية من موجات كهرومغناطيسية بشكل مختلف تمامًا عن باقي البشر.

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم “تفاءلوا بالخير تجدوه” [1]الدرجة: ليس له أصل بهذا اللفظ – حديث لا يصح (الدرر السنية). ، بالتأكيد قد مر على مسامعك هذا الحديث عشرات المرات، ولكن هل توقفت عنده للحظات لتحاول أن تفهم ما يريد أن يخبرنا به الرسول عليه الصلاة والسلام حقًا؟

هل يكون للحديث معنى أعمق من مجرد التفاؤل؟

هل الأمر له علاقة بقدرتنا على إقناع عقلنا ومخنا على أن ما نراه وسنراه هو الخير وبالتالي فإن التفاؤل والتشاؤم ليس مجرد تشبيهات واستعارات فلسفية بل هم خواص فيزيائية مادية لم نسبر أغوارها ونحللها في معاملنا بعد؟

هل تتذكر عزيزي القاريء فيلم ماتريكس؟ الفيلم كما أشرت في مقالي السابق يناقش فكرة فلسفية عميقة وهي أننا نعيش في عالم مختلق من الواقع الافتراضي، ولكن البطل في النهاية يستطيع أن يجعل عقله يرى هذا الواقع الافتراضي بشكله الحقيقي، مجرد مصفوفة من الأرقام تتحرك في كل الاتجاهات بشكل منتظم وبالتالي استطاع أن يطوع عقله ليغير كل ما يراه لما يريد هو أن يراه.

إقرأ أيضاً:  هل الإنسان مسير أم مخير، قراءة فلسفية في مبادئ ميكانيكا الكم

قوة خارقة لن يستطيع أي بشري استيعابها، ستكون لديك القدرة على التحكم في كل شيء وأي شيء، بل وإقناع الناس بأن كوب الماء الذي أمامهم هو سيارة بورش أو طائرة.

ودعني أزيدك من الشعر بيتًا، حاسة السمع تعمل بنفس الطريقة، بل وكل حواسك أيضا، فالمخ هو من يعالج الموجات الصوتية وإشارات التذوق من اللسان، ومستقبلات الروائح من الأنف وما يرسله له الجلد من ألم او سخونة او برودة. أي أنك ببساطة تستطيع في شدة البرد أن تقنع مخك بأن الجو معتدل ولطيف، وأن رائحة القمامة التي تملأ المكان هي رائحة مسك ولكن بشرط أن تكون قد شممت رائحة المسك من قبل ليستطيع مخك الوصول إليها من ذاكرتك ووضعها مكان الرائحة الكريهة.

هل تشعر أن رأسك تدور الآن؟! إذًا فلنكتفي بهذا القدر ونكمل في مقال قادم إن شاء الله.

مهندس/ هشام صبري
استشاري نظم إدارية وجودة

 

إقرأ أيضاً:  فقراء العلم يأكلون من السحر


لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:



هذه المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن منصة المقالة.


مساحة إعلانية


الملاحظات أو المصادر

الملاحظات أو المصادر
1 الدرجة: ليس له أصل بهذا اللفظ – حديث لا يصح (الدرر السنية).
⇐ لا تنس عمل مشاركة (Share)

المقالة التالية

سيدات الطرب العربي

الأربعاء يوليو 7 , 2021
تمت قراءته: 4٬894 تعرض هذه السطور لنماذج من “سيدات الطرب العربي” اللواتي ارتقين بالذائقة الفنية الغنائية ورسخن، مع نظرائهن من المطربين، الطرب والموسيقى العربيّة الأصيلة. “سلطانة الطرب” منيرة المهدية – سيدات الطرب العربي اشتهرت “زكية حسن منصور” (1885- 1965م)، أو “منيرة المهدية” بلقب”سلطانة الطرب”، أو “السلطانة”. لما كان لها من […]
سيدات الطرب العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: رجاء عدم محاولة النسخ، وعمل مشاركة/شير أو استخدم رابط صفحة المقالة كمرجع في موقعك - جميع الحقوق محفوظة لمنصة المقالة