الأرض تحتضر…

التلوث

يعتبر التلوث البيئي آفة العصر الحديث، ويشكل خطرًا على الأرض نفسها وباقي الكائنات الأخرى على ظهرها. والإنسان ضمن هذه الكائنات التي ساهمت وبشكل كبير في رفع نسبة التلوث الذي أضر بكائنات أخرى تتقاسم معنا هذا الكوكب؛ تتقاسم معنا الأكسجين والموارد الطبيعية، وربما تسبب في انقراض بعضها، والآخر في طريق الانقراض، سواءً برًا أو بحرًا. كما أن الإنسان نفسه متضرر من هذا التلوث الذي صنعه بيده ويسعى من خلاله إلى التطور الصناعي والبيولوجي وووو… ولكنه نسي أن التطور الحقيقي رهين بالبيئة والمحافظة عليها.

التلوث
THE ALTERNATIVE UK

فلا معنى للتطور في ظل انعدام بيئة سليمة مناسبة للعيش، وتحافظ على سلامة جميع الأصناف والكائنات التي خُلق لكل منها دورًا حتى يكون هناك توازن طبيعي يقي الإنسان والأرض الأمراض، وآخرها ظاهرة الاحتباس الحراري، وارتفاع نسبة مياه المحيطات نتيجة ذوبان الثلوج بالقطب الشمالي، والتصحر. كل هذا ولَّد اختلالات على مستوى التوازن الطبيعي الأرضي، والسبب الرئيسي هو الإنسان: الطاقة الوحيدة التي تستنزف كل مصادر الطاقة للكوكب الأرضي دون مراعاة لسلامته أو الحفاظ عليه، حتى نضمن إمكانية العيش على الكرة الأرضية للأجيال المقبلة دون خوف أو دون مولدات محمولة للأكسجين، أو حتى من الكوارث الطبيعية التي تخرب الممتلكات وتزهق الأرواح.

غباء التطور والتلوث

كل هذا التخريب في حق الكرة الأرضية التي عليها نعيش ومن هوائها نتنفس ومن أرضها وبحارها نقتات بدعوى التطور والتقدم الصناعي، سواءً المدني أو العسكري. ولكن الحقيقة أننا لا نتطور، ولكننا نُخرب ونُلوث ونقتل كوكبنا الأرضي دون اكتراث بمصير الأجيال المقبلة.

فالتطور الحقيقي هو حماية هذا الكوكب الذي نعيش عليه، بالبحث عن إنتاج طاقات بديلة متجددة تحفظ الغلاف الجوي والغابات والحيوانات وكل من يعيش على وجه هذا الكوكب؛ ولكن بعجرفة الرأسمالية وطواغيت الأعمال الذين لا تهمهم سوى مصلحتهم، ويؤمنون دائمًا بالمنطق المادي فقط بدل التفكير في إنتاج يحفظ الكوكب بأكمله، خصوصًا في ظل الخصاص [1]الخصاص المائي المهول الذي تعرفة الغابات التي تعتبر رئة العالم.

وكما لاحظنا مؤخرًا، حتى مواسم الأربع فصول، التي كانت منتظمة في ما مضى، أصبحت متداخلة في بعضها. ففي الصيف تتساقط الأمطار، وفي موسم الشتاء ترتفع الحرارة، وفي موسم الربيع يتداخل الخريف، وهذا كله ناتج عن التأثير الذي أحدثه الإنسان بطبعه وجشعه وهلعه. وهذه طبيعته كما جاء في الآية 19 من سورة المعارج قوله تعالى: {إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا}. كذلك من طبيعته الفساد في الأرض، كما جاء في مجموعة من الآيات القرآنية التي حذر الله تعالى فيها الإنسان من الفساد، منها:

  • {لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} – [205 البقرة]
  • {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِنْ لَا يَشْعُرُونَ} – [12 البقرة]
  • {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} – [30 البقرة]
  • {وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} – [60 البقرة]

إذن الهلع والفساد من خصائص الإنسان، وهما من الخصال الكافية لتدمير الكوكب بأكمله، دون أدنى مسؤولية أو تفكير في المستقبل. حتى الدول فيما بينها تجدها تتسابق لاستنزاف المكونات البيئية للكوكب فيما بينها. ولكن تجدها مدافعة عن البيئة في المنظمات والمؤتمرات الدولية، مع العلم أن الدول العظيمة والرائدة في المجال الصناعي هي المسبب الرئيسي لهذه الطامة الكبرى. وفاقد الشيئ لا يعطيه، في ظل غياب إرادة حقيقي ومتكاملة ومنظومة بيئية وإستراتيجية تبلور على أرض الواقع وبتكاثف جهود جميع دول المعمورة واتحاد بني البشر فيما بينهم لنشر الوعي بالخطر الذي يداهم حياتهم، فإننا سنبقي ندور في نفس الدوامة، والضحية ستكون الأجيال المستقبلية التي ستعاني الجوع والعطش والكوارث.

الحروب المستقبلية

إذن مع التغيرات المناخية التي يشهدها العالم، الناتجة عن انطلاق الغازات والإشعاعات الصادرة عن مجموعة من الدول الصناعية، والتي تسعى إلى النهوض الاقتصادي وتحقيق التقدم والرفاهية، ستكون البيئة هي المتأثر، وهي من ستدفع الضريبة، مما سيزيد من احتمالية حدوث الكوارث الطبيعية والجفاف والفياضانات وغيرها. وكذلك انتشار الأمراض التي ستهدد سلامة وصحة الإنسان والكائنات الأخرى بصورة مباشرة أو غير مباشرة. حيث أوضحت عدد من الهيئات الدولية أن لهذه التغيرات آثار سلبية محتملة على صحة الإنسان، ومن ضمنها انتشار الأمراض المعدية والمنقولة والأوبئة. وبالتالي وفي ظل كل هذه الأمور، ستكون الحروب المستقبلية بين الشعوب والدول من أجل الماء بانتشار الجفاف، ومن أجل الجوع بقلة المحاصيل، وكذلك بين الإنسان والأمراض والفيروسات المتنقلة نتيجة غياب توازن في المنظومة الطبيعية.

الحل المستعجل

إذن في ظل كل هذه المخاوف، يجب دق ناقوس الخطر والموازنة بين الطاقة والآفاق التنموية المستدامة والتحديات البيئية، للحد من التلوث الذي جاء نتيجة للتغيرات التي شهدها العالم، والاستغلال البشري الغير الرشيد لثروات الكوكب. وعلى الهيئات والمنظمات الدولية التي تهتم بالبيئة أن تسارع بخطط مستعجلة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، حتى لا يأتي على الأجيال المستقبلية يومًا تتصارع فيه من أجل لقمة عيش أو شربة ماء، أو تسارع فيه الوقت من أجل شراء نَفَسٍ من الأكسجين للعيش.

مع تحيات
سعيد لقراشي

 

إقرأ أيضاً:  رحلة الضوء عبر التاريخ


لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:



هذه المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن منصة المقالة.


مساحة إعلانية


الملاحظات أو المصادر

الملاحظات أو المصادر
1 الخصاص المائي
⇐ لا تنس عمل مشاركة (Share)

المقالة التالية

عمالقة "العصا السحرية"

الثلاثاء يونيو 8 , 2021
تمت قراءته: 3٬184 منذ أن بدأ البشر يغنون جماعيًا، وُجد “مَن يتولى تنسيق الأداء الموسيقي، والغنائي”، وذلك تفاديًا للنشاز أو الفوضى البعيدة عن عذوبة الموسيقى، وروعة الطرب. وحديثًا.. تعاقب عدد كبير من عمالقة “العصا السحرية” على مسرح الموسيقى العالمية. لقد سموا بالموسيقى لتبهج النفوس، وتسعد مستمعيها. ومع تشابههم في الإخراج/التأليف […]
قائد الأوركسترا - المايسترو

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: رجاء عدم محاولة النسخ، وعمل مشاركة/شير أو استخدم رابط صفحة المقالة كمرجع في موقعك - جميع الحقوق محفوظة لمنصة المقالة