الأموال مثلُ السحاب تأتي وتذهب فلا الحرية تُشترى بهم ولا السعادة تقاس عليهم فلا تندم على ما لم تقدر عليه اليوم ولكن الندم يكون على فوات الطاعة وأنت قادر عليها بتفريطك لها فلا تغرنك الفانية بشراء أوهام لن تتحقق وإن تحققت غيرت لك المفاهيم وتسلطت على قلبك بالجراثيم فتجعلك تنسى الآخرة وتتجاهل الموت وتبيع دينك بدنياك فإن حقيقة هذه الأعمار قد ضاعت في عالم الأوهام ولم نجمع فيها سوى الآلام فالعمر قصير مهما بلغ صاحبه سنا فكلما كنت مقصرا في عبادتك لله اقتربت من سبل الضلال والغواية وكان الشيطان لك عونا للنهاية. (باب الفطنة واليقظة)
فإن من طبيعة الإنسان أن يتمسك بالحلم ويسعى لتحقيقه مهما طال الزمن ومن رأى في منامه رؤيا أو حلما أسرع لتأويلها من أجل البشارة وانتظار الفرج إلا أن الحلم الحقيقي هو عندما نستيقظُ فنجد أنفسنا في القبور نُسأل هناك تظهر حقيقة الحياة التي تنافسنا من أجلها وتظالمنا فيها وتسابقنا عليها أنها لم تكن سوى شبه ساعة أو حلم ليلة أننا عشنا في ظلام بين شهب الضلال ونار الإغواء بعيون غراء مستها المكاره وأمطرت عليها من سحب الحرام فمن تمسك بنور الإسلام وضِياء السُنة وبرق التوحيد وعاش بقلبه سالما معافا من رياء ساحق ونفاق ماحق وأخلص أعماله لله نجى نجاة لا تعادلها معادلة ولا تقبل مجادلة فكما تزرع اليوم ستحصد ثمارها غدا فيا زارع الشر لا تنتظر ثمار الخير في بستانك الذي أنت من سقاه من ماء اليأس والغفلة فالحياة كالطريق لابد من نهاية له فالسعادة لا تكون بمعصية الله فإن ظلم النفس هو إحراق القلب بنار الضعف.
فيجب أن نجدد التوبة إلى الله كما يتجدد الشعرُ بعد حلقه من الرأس فإن التوبة والصدق فيها مع خير الأعمال هم الأصحاب في القبر فليس لنا الحق في السخط من قضاء الله وقدره مهما كان فهي كلها خير لنا بما لا نعلمه نحن في أنفسنا علينا أن نرضى بما كان وبما لم يكن في هذه الدنيا فهي ممر ونحن فيها ضيوف ولا يحق للضيف أن يشترط.
فإن الشيطان دائما له تأثير من أجل إفساد العبادة على عباد الله ولهذا علينا أن نكون مجاهدين وأن نستعد للجهاد الحقيقي أمام عدو الله وعدو عباده المؤمنين بمقاومة أنفسنا ومحاربة الأمارة بالسوء ونحمل سلاح الطاعة ولا نتراجع خطوة للخلف فقد نخسر الباقية التي وعدنا الله بها وبما فيها آلا تستحق هذه الجنة مشقة منا لها فإن كانت الدنيا تسيرُ بعدالة الله بين الحكمة والرحمة فإن الجنة هي فضله وكرمه علينا فمهما بلغت في الاستقامة فيجب أن تَحذر وتُحذر ولا تتهاون أو تزكي نفسك بالفلاح والصلاح فالحي لا تأمن الفتنة عليه حتى يشرب من كأس الموت وكل شيء مذاقه في الخواتيم.
فالحياة هذه حقيقتها جميلة في مظهرها سيئة في باطنها فإن الوقت أشد خسارة من مال الدنيا فكم مضى من أعمارنا وكم بقي منها وربما ما تبقى لنا منها أقل مما مضى فيها فالندم قد ينفع اليوم لتصحيح ما وجب تصحيحه أما غدا لا هو نافع ولا هو يُعيدنا إلى الوراء لنصلح ونتدارك الأخطاء فبصيرتُنا اليوم هي الراحة غدا وغفلتنا هنا هي الشقاء الدائم والحسرات المتتالية هناك؛ حقا كنا غافلون عليها ساهون بمواعظها متجاهلين بآيات الله التي تُرى وتُسمع اللهم نسألك حسن الخاتمة.
شعيب ناصري
(باب الفطنة واليقظة)
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
شعيب ناصري من الجزائر. تحصل على العديد من الشهادات المهنية والحرفية يهوى المطالعة وحب الكتابة، وألف كتاب “وباء كورونا بين الواقع والإسلام” وشارك في عدة مجلات ورقية وإلكترونية.