أن تسير في عالم كبير بغير معرفة أو علم بما يجري حوله قد يطول بك السير ولو كنت تعلم أسراره لكان طريقك مختصرا بما يكفي من البداية فلا المشقة تنال منك ولا التعب يرهقك. فأن يتعلم الإنسان فنون الإشارة في حياته أفضل له من السير في طرق متفرقة ليست واضحة الاتجاه.
من هذه الفنون بما يلي:
- احترام الإشارة.
- استشارة أصحاب الخبرة والتجارب السابقة.
- مشاورة أولي الأمر وأهل الحق بالأولوية.
- وهناك من يحمل راية الشارة فيجب أن يكون مؤهلا لها.
فإن إشارة المرور لو تم احترامها والسير على كل قوانينها لما رأينا كل هذه الحوادث في الطرقات التي حولت من حياة بعض البشر إلى مقابر حديدية بسبب التهور عند السائقين والسرعة المفرطة وعدم إعطاء قيمة لهذه الإشارات فأصبحت تلقب بإرهاب الطرقات في كل دول العالم ثم يتحججون بالقدر فإن القدر نؤمن به لكن الاحتياط واجب وتقديم السبب له مهمٌ جدا وإن استشارة أصحاب الخبرة والتجارب في الميدان شبه ضرورية من أجل بناء مستقبل حقيقي معلوم الطريق بين سلبياته وإجابياته وهذا أبسط مثال:
لو أردت السفر ولك طريقان ولا تعلم أيهما تسلكه ثم اخترت الأقرب مسافة من بينهما وبعدها اكتشفت أن الطريق غير صالح فستمرُ عليه لكن بصعوبة فلو سألت قبل السير فيه بمن سبقك له فسيُحذرُك منه لأنه خاض تجربة عليه وهكذا في كامل أحوال الدنيا قال تعالى {..وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَاعَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ..} آل عمران 159
وإن مشاورة أولي الأمر وأهل الحق بالأولوية لها ضوابط شرعية فلا تستطيع أن تقوم بأمر في مؤسسة إلا بموافقة أحد مسؤوليها فكل مسؤول عليك هو ولي أمرِك ووجب طاعته في المعروف لقوله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} النساء 59
ولهذا وجب المشاورة فإن تم الرفض لطلبك فعليك بالطاعة ما لم يكن إثما فإن كان فيه إثم فلا طاعة له مثل حرمانك من الصلاة وأما مشاورة أهل الحق بالأولوية فمن سبقك مثلا إلى الطبيب ووصلت أنت بعده متأخرا وكنت مستعجلا فعليك مشاورته بالإذن لك في العلاج قبله أما إن رفض فهذا من حقه إن لم تُقدم أنت له العذر المقنع والواجب ولا يحق له الرفض في الأمر الاضطراري قالﷺ: (رحم الله عبدا سمحًا..) رواه البخاري.
(فنون الإشارة)
مساحة إعلانية
ومنه أيضا تزويج البنت فعليك مشاورتها بالقبول أو الرفض فهذه الحياة تخصها هي وقد قال صلى الله عليه وسلم في هذا الباب (لا تُنْكَحُ الأيِّمُ حتَّى تُسْتَأْمَرَ، ولا تُنْكَحُ البِكْرُ حتَّى تُسْتَأْذَنَ) قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، وكيفَ إذْنُها؟ قالَ: (أنْ تَسْكُتَ) رواه البخاري.
ولهذا الواجب هو التوسط منا لإعطاء المرأة حقها بما يوافق المنهج التربوي والديني والاجتماعي فالعنف والقوة ليست من الوسطية في شيء وأما من يحمل راية الشارة فيُتطلب منه أن يكون مؤهلا لها فهي بمعنى القيادة والمسؤولية فأنت هو المستشار في عملك وحياتك المهنية وأن لا تعبث بمنصبك هذا وتسخر من الناس بمرتبتك هذه وتَذكّر قولهُ تعالى {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ} آل عمران 26.
فالإشارة بمثابة الدراسة والتثبت في أي قرار عاجل والاستشارة هي بمعنى السؤال لمعرفة المكان الناجح والطريق الآمن والمشروع الصحيح أما المشاورة فهي طلب الإذن من صاحب القرار النهائي إما بالقبول له أو الرفض وأخيرا حمل راية الشارة وهو الذي يُعتبر أحد ولاة الأمور سواء سياسيا أو اجتماعيا أو دينيا. الخ وكلهم بلهجة واحدة ألا وهي البحث عن النور من أجل إتباعه فهناك حكمة يُقال فيها (ما خاب من استخار ولا ندم من استشار).
بقلم
شعيب ناصري
(فنون الإشارة)
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
شعيب ناصري من الجزائر. تحصل على العديد من الشهادات المهنية والحرفية يهوى المطالعة وحب الكتابة، وألف كتاب “وباء كورونا بين الواقع والإسلام” وشارك في عدة مجلات ورقية وإلكترونية.