فئة المهمشين التي أيضًا تعرف بمسمى (الأخدام) [1]الأخدام أو المهمشين ويعرفون أيضاً بإسم اليمنيون الأفارقة أو من لا أصل لهم أو الأَفْرُويَمَنِيون هم مواطنون … Continue reading، تعيش هذه الشريحه بين ظهرانينا منذ مئات السنين.. وينظر لها في المجتمع بنظرة دونية ومحتقرة وتلقى أسوء معاملة من جميع فئات المجتمع، ويجري استغلالها أرذل استغلال في جميع النواحي المعيشية والاجتماعية والسياسية.
تفاقم ظاهرة المهمشين
وقد ساعد في تفاقم ذلك وترديه العادات والتقاليد والأعراف الإجتماعية حيث ترسخت في الذاكرة الجمعية للمجتمع العربي واليمني على وجه الخصوص، مفاهيم ورؤى ساهمت في التفرقة وتعزيز تلك النظرة الدونية والمحتقرة تجاه هذه الفئة من الناس ما عكس نفسه على شكل التعامل والتعاطي معها كمواطنين من الدرجه العاشرة هذا إن كان لايزال يعترف لها بشكل من اشكال المواطنه..
وبالرغم من أن المجتمع اليمني مجتمع متدين بطبيعته العامة ومن خلال ما يحمله الدين الإسلامي الحنيف من مبادئ المساواة والعدالة ومفاهيم حفظ الكرامة الإنسانية.. مع ذلك فهذا الأمر لم يستطع أن يغير أو يخفف من نظرة المجتمع وطريقة تعامله مع هذه الفئة المهضومة والمطحونة بل والمسحوقة إجتماعيًا وإنسانيًا.. والخطير بالأمر أن كافة الأنظمة السياسية الحاكمة والنظام الرسمي للدوله الذي جيء به بثورات وحركات وطنية نادت بمبادئ الحرية والمساواة والعدالة الإجتماعية منذ فجر قيام الجمهورية الأولى هو نفسه من عزز وكرس الإبقاء على هذه الفئة ضمن هامش المجتمع والحياة العامة..
فإن تتبعنا أحوال هذه الشريحة نجد الآتي:
- أن السواد الأعظم منهم لا يحملون بطائق شخصيه أو أوراق ثبوتية.
- وأنهم بالغالب لا يتم إحصاءهم ضمن التعداد السكاني للمجتمع.
- وأنهم لايشملهم قيود مصلحة الأحوال المدنية إذ لا يعرف لهم نسبة للمواليد ولا للوفيات بل غالبيتهم ليس لديهم شهادات ميلاد.
- ولايستخرج لهم شهادات وفاة ولا تعرف النسبة الاحصائية لتلك الأحوال بالنسبة إليهم.
- وزياده على ذلك أنهم لا يدفنون في المقابر العامة ولا يعرف لهم مقابر خاصة بهم وأكثر من ذلك لا تعلن وتشهر لهم في المجتمع.
- لا تسير جنازاتهم ولا تستغرب إن سألت شخص بعمر الثمانين هل رأى في عمره كله جنازة لأحد المحسوبين على هذه الفئة وأتتك الاجابه بالنفي!! لدرجة أن بعض الدراسات التي سبق وأن حاولت تلمس أحوال هذه الفئة المهمشة قد افترضت جزافًا أن بعض الشرائح ضمن هذه الفئه لاتدفن موتاها بل تاكلهم!!
- كما أنه لا يوجد بالعادة تسجيل وتوثيق رسمي لعقود الزواج التي تنشئ ضمن هذه الفئة ولهذا الأمر خطورته إذ يؤدي إلى اختلاط الأنساب وإلى تجاوز قواعد الدين والقانون فيما يخص قيود وحدود ومحاذير ومحرمات نظام الزواج وماينتج عنه من مشكلات إنسانية واجتماعية وأوضاع شرعية وقانونية بالغة الخطورة.
- كما أن أغلب حالات الولادة والوضع تتم لدى تلك الفئه ضمن قنوات ضيقة خاصة بها ولاعلم للنظام العام بها ولادراية.
أحوال فئة المهمشين في المجتمع
لقد ساهمت بعض مناطق اليمن كالمناطق الجنوبية بعد التحرر من الإستعمار على انتشال هذه الفئة الاجتماعية ومحاولة إعادة دمجها بالمجتمع ووفرت لهم سبل العيش الكريم من مسكن ومأكل، وتم انخراطهم بالتعليم الأساسي والعالي وتوظيفهم وكان منهم المدرس والطبيب والعامل والمهندس والطيار والمحاسبين بل وكبار صف ضباط الامن والقوات المسلحه، والسياسين والصحفيين والاعلاميين والمحامين والقضاه..
أما في المناطق الشمالية وللأسف فغالبًا ما بقيت هذه الفئه الاجتماعية تقبع تحت خط التهميش والنكران والفقر والجهل والمرض وعوملت -ولازالت- بأقسى وأدنى أشكال المعاملة حتى أنه لايسمح لهم بالسكن إلا ضمن تجمعات خاصة بهم في ضواحي ومشارف المدن وفي العراء بل إن بعض شرائح هذه الفئه تسكن في الحفر التي تقيمها بباطن الأرض وتقوم ببناء حواجز لتلك الحفر من الخرق البالية وعشش الصفيح ومخلفات الأدوات المستعملة وتأكل من القمامات..
كما لايعرف لغالبية هذه الطبقة الاجتماعية أي أنشطه أو طقوس دينية ضمن أماكن العبادة العامة.. ويحرم ويحظر إجتماعيًا مخالطتهم أو مآكلتهم لدرجة أنه يعطى لهم بقايا الطعام في أواني مخصصة لهم، لا يقبل الآخرين بعد ذلك وضع طعامهم بها نهائيًا.
ويعد من العيب الاجتماعي الجسيم الزواج منهم كما لا يعهد لهم إلا الأعمال الحقيرة والتي تعد من منظور المجتمع أعمال معيب ممارستها كأعمال البلدية وجمع القمامة والمخلفات وتسليك المجاري وقنوات الصرف الصحي وأعمال النظافة بالشوارع والأماكن العامه..
كذلك فإن العرف القبلي والاجتماعي يمنع القود بقتل أوجرح أوالإعتداء على أحد أفراد هذه الشريحه الاجتماعيه وعاده مايتم التساهل مع المعتدي لأبعد الحدود، وبحاله القتل العمد فلا يأخذ بالقصاص الشرعي بحق الجاني بل تحسب للفرد المجني عليه وأولياء دمه نصف الديه وليست ديه كامله كباقي البشر!!
المهمشين قضية إنسانية لم تحل بعد
مؤسف أن نكون على بدايات القرن الواحد والعشرين ولا تزال هذه الفئة الاجتماعية ينولها ماينولها من ظلم وقهر واستعباد ومهانه ولا إنسانية فقد قامت الثورات المعاصرة جميعها على مبادئ العدالة والمساواة وعدم التفرقة العنصرية على أساس اللون أو الجنس أو الدين وخاضت الشعوب نضالات طويلة ضد هذا النوع من الفصل العنصري وقدمت الكثير من التضحيات لإرساء المساواة بين الناس..
وهذا ماقامت أيضًا عليه المبادئ الدولية لعصبة الأمم والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وضمنته كافه الدساتير في العالم.. وعلى نظام الدولة الإنتصار لتلك المبادئ والقيم الإنسانية والدينية التي كفلها الدين الحنيف والشريعة الإسلامية السمحاء .. وعلى الدولة أيضًا أن تعي مسؤلياتها تجاه كافة مواطنيها بلا استثناء وتقوم بوضع الخطط والبرامج لدمج هذه الشريحة في المجتمع وسبل تطوير معيشتها وأمانها، وأن تحصل علي أبسط مقومات الحياة والعيش الكريم، وترفع من مستوى وعي المجتمع وكسرحواجز هيمنة ثقافة الإقصاء والدونية والإحتقار في التعاطي معها، وتشجيعها في كافة نواحي الحياة لتكون طبقة فاعلة ومنتجة في وطنها ومجتمعها لا عالة عليه وإحدى مشكلاته الدائمة.
(فكلكم لآدم وآدم من تراب). [2]قالها الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- في خطبة الوداع (10 هجرية).
(إن الله لاينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم). [3]حديث شريف للرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-: إِنَّ الله لا يَنْظُرُ إِلى أَجْسامِكْم، وَلا إِلى صُوَرِكُمْ، … Continue reading
(الناس سواسية كأسنان المشط لا فرق بين عربي ولا أعجمي ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى). [4]حديث شريف للرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-: “لا فضلَ لعربيٍّ على عجميٍّ ، ولا لعجميٍّ على عربيٍّ ، ولا … Continue reading
والله من وراء القصد،
عدن – 2019/2/15
المحامي/ مازن سلام
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
تخرج مازن سلام من كلية الشريعة والقانون بجامعه صنعاء باليمن، واتجه لممارسة مهنة المحاماة وهو الآن محامي بدرجة النقض ويهوى القراءة والشعر وكتابة المقالات، ويهتم بالشأن العام.
الملاحظات أو المصادر
↑1 | الأخدام أو المهمشين ويعرفون أيضاً بإسم اليمنيون الأفارقة أو من لا أصل لهم أو الأَفْرُويَمَنِيون هم مواطنون يمنيون يتميزون عن أغلبية سكان البلاد بملامحهم الأفريقية وبشرتهم السوداء. ويعتبرون أدنى الطبقات الاجتماعية في البلاد – ويكيبيديا |
---|---|
↑2 | قالها الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- في خطبة الوداع (10 هجرية). |
↑3 | حديث شريف للرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-: إِنَّ الله لا يَنْظُرُ إِلى أَجْسامِكْم، وَلا إِلى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ ” رواه مسلم. |
↑4 | حديث شريف للرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-: “لا فضلَ لعربيٍّ على عجميٍّ ، ولا لعجميٍّ على عربيٍّ ، ولا لأبيضَ على أسودَ ، ولا لأسودَ على أبيضَ – : إلَّا بالتَّقوَى ، النَّاسُ من آدمُ ، وآدمُ من ترابٍ” – رواه جابر بن عبدالله |