الجيد والسريع نادرا ما يلتقيان

من العادات السيئة لبعض القادة ممارسة الضغوط الكبيرة على مرؤوسيهم من أجل إنجاز المهام بسرعة وبصورة جيدة، وبهذا يرتبط العمل الشاق المضني المتواصل بالانجاز، وتصبح الراحة مرادفة لإضاعة الوقت، ولكن هل فعلا يؤدي الضغط على المرؤوسين والعمل الدؤوب دائما إلى نتائج إيجابية، أم أن له نتائج سلبية أيضا؟

إنجاز المهام بسرعة
nTask

في علم الإدارة تعرف كلمة الهدر بالطاقة والموارد التي لا يتم استخدامها بطريقة فعالة لتحقيق النتائج، فالهدر مصطلح صناعي أطلق على العمليات الإنتاجية التي تؤديها الآلات، فإذا أنتج مصنع ما 600 قطعة في الشهر، بينما معدل إنتاجه الشهري هو 1000 قطعة فسوف يقول مدير الإنتاج أن لديه هدر يعادل 400 قطعة.

والسؤال: هل يمكن تطبيق المعايير الصناعية على العمليات الإنتاجية البشرية؟ – (إنجاز المهام بسرعة)

للإجابة علينا أن نعرف أولا أن الثورة التكنولوجية تمكنت من أتمتة العمليات الإنتاجية بحيث أصبحت الآلات تقوم بالجزء الأكبر من العمل وقد أدى هذا إلى تزايد وتيرة إنجاز العمليات وبهذا انقسمت هذه العمليات إلى نوعين:

  • عمليات آلية تزيد فيها نسبة مساهمة الآلات وتتميز بالآلية والرتابة والتكرار ولذلك يمكن التنبؤ بها والسيطرة عليها بحيث تتزايد سرعة وتيرتها وإنجازها.
  • عمليات بشرية تزيد فيها نسبة مساهمة العنصر البشري وتعتمد على الابتكار والذكاء البشري ولا يمكن التنبؤ بها أو السيطرة عليها بشكل كامل.
إقرأ أيضاً:  التسويق | تلخيص كتاب مُعدي Contagious للكاتب جونا برجر

مساحة إعلانية


وهنا يمكن أن نقول أن القائد عندما يفكر في تسريع وتيرة العمل وانجاز المهام بصورة سريعة وجيدة فما يخطر على باله هو ما ينطبق على العمليات الآلية وحدها، وبهذا فهو يحاول (كما في المجال الصناعي) تقليص الهدر إلى أبعد حد ممكن، فيضغط على الإنسان لتسريع العمل بالضبط كما يحدث عندما يزيد الصناعي تشغيل آلات مصنعه، وهنا المشكلة تظهر في جودة المهمة المنجزة فالضغط والسرعة يؤديان إلى عكس النتائج التي يتوقعها القائد من مرؤوسيه فما يعوض في وقت تنفيذ العمل والمهمة يفقد على مستوى جودة إنجازها ويمكننا إيجاز الأسباب فيما يلي:

  • العمليات البشرية أكثر حساسية للجودة من العمليات الآلية فينجم عن أتمتة العملية تماثل مخرجاتها وذلك أن توفر إمكانية السيطرة على العمليات الآلية يمنح الصناعي قدرة كبيرة وهائلة على تشكيلها وتحييد دور المؤثرات الخارجية، ولذلك تعتمد العمليات الآلية على كفاءة الآلة والمدخلات فقط بينما يقل اعتمادها على العنصر البشري ولكن العمليات البشرية تعتمد بدرجة أساسية على الإنسان أي أنها تعتمد على التقلبات المزاجية والحالة النفسية للقائم بالعمل والمهمة ولذلك لا يمكن أن تتماثل مخرجات العملية البشرية لإنسان ما مع مخرجات إنسان آخر.
    إذن فالسريع والجيد نادرا ما يلتقيان، يقول بيهر جيلنهار أحد خبراء علم الإدارة: “عندما يقوم على الإنتاج أناس يحبون عملهم ستكون مخرجاتهم على أعلى درجة ممكنة من الجودة دون أن يفكروا بمستوى تلك الجودة وهم يعملون”.
  • تحتاج العمليات البشرية إلى وقت بينما تحتاج العمليات الآلية إلى لتجهيز المدخلات ثم يبدأ التشغيل وتبدأ المخرجات أو المنتجات بالظهور، أما العملية البشرية فتحتاج إلى وقت للحضانة والتفكير والتفريخ ولا يمكن اعتبار هذا الوقت هدرا وذلك لأن جودة مخرجات العملية تعتمد أحيانا على طول فترة الحضانة والتفريخ، فما يعتبر هدرا في العملية الآلية يكون عنصرا ضروريا في العملية البشرية ويمكن للقائد أن يحتضن الأفكار التالية:

التمييز بين العمليات الآلية والعمليات البشرية ويمكن ملاحظة أوجه الاختلاف التالية:

  • اختلاف مكونات كل عملية.
  • واختلاف وتيرة العمل والإنجاز.
  • وكذلك اختلاف الضغوط التي يمكن ممارستها على كل العمليتين.
  • لا تعجل العمليات البشرية وامنحها ما تتطلبه من وقت فالوقت يعتبر عنصرا أساسيا لإنجاز العملية البشرية بمستوى مناسب من الجودة.
  • تحديد إطار زمني وتشغيلي لكل عملية بحيث يضمن الجودة النوعية لمخرجات العملية البشرية.
  • جدول أوقات الراحة والتفكير ضمن توقيتات العملية البشرية ولا يجب اعتبارها هدرا.
  • قياس مخرجات العملية البشرية باستخدام المقاييس الكيفية.
  • تحديد للعمليات البشرية مستوى أدنى من الجودة لا تقل عنه.

د. نجيب بصيلة

(إنجاز المهام بسرعة)

إقرأ أيضاً:  علوم الإدارة الحديثة في الإسلام والحضارة المصرية القديمة


لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:



هذه المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن منصة المقالة.


مساحة إعلانية


⇐ لا تنس عمل مشاركة (Share)

المقالة التالية

فن الأرض

الأثنين نوفمبر 7 , 2022
تمت قراءته: 1٬178 ظهر فن الأرض ـ كأحد أشكال الفنون الحديثةـ أواخر ستينيات القرن العشرين في الولايات المتحدة الأمريكية، ومنها انتشر عبر العالم. وذلك عندما قرر بعض المُبدعين نقل أعمالهم من أروقة الفن المغلقة، ومعارضه الضيقة إلى أحضان الطبيعة الرحبة، ومساحاتها الشاسعة. محاولين العودة إليها وفهمها، وتأملها، واكتشاف خباياها وسحرها. […]
فن الأرض

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: رجاء عدم محاولة النسخ، وعمل مشاركة/شير أو استخدم رابط صفحة المقالة كمرجع في موقعك - جميع الحقوق محفوظة لمنصة المقالة