كثيرًا ما يُحتدم النقاش بين مؤيد لعمل المرأة، وله في ذلك حججه وبراهينه، وبين معارض لعملها، وله كذلك حججه ومؤيديه.
الفريق المؤيد لعمل المرأة
فالمؤيد لعملها يرى أن للمرأة الحق، شأنها شأن الرجل، في ممارسة حقها الطبيعي في العمل. فالمرأة قديمًا كانت تعمل، كتفًا لكتف مع الرجل في الحقول والبساتين؛ هو يحصد وهي تحزم، هو يحرث الأرض وهي تبذر الحب؛ فكانا يشكلان سيمفونية متناغمة تنتهي مع انتهاء يوم العمل. وأجمل مثال على أهمية عمل المرأة، السيدة خديجة زوجة رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام؛ فهي كانت ربة أعمال، تبيع وتشتري، فساهمت بذلك في دفع عجلة التنمية في وسطها كما يفعل الرجال. وأمثلة ذلك في أيامنا الحالية كثير.
فالمرأة سدت فراغًا كبيرًا في التعليم والطب والإرشاد الديني وغيره. ولا أقول في الإدارة أو في أماكن العمل حيث يكون عاملان أو ثلاثة فقط في مكتب واحد. وقد يحصل أن تكون المرأة وحدها برفقة رجل في مكتب واحد، وهذا فيه تفصيل ونظر.
فكم من معلمة غرست علمًا نافعًا في صدور الناشئة، وكانت متميزة في عملها؛ وكم من طبيبة أشرفت على عمليات ولادة لرضع، فأعطت بذلك الحياة لروح أدخلت الفرحة والبهجة على الأبوين.
ولا أجد خير دعم لها كقول الشاعر حافظ إبراهيم:
دون أن ننسى دورها في الحروب قديمًا وحديثًا، فهي من كانت تعمد لتضميد الجراح ومواساة الرجال وتوفير المطعم والمشرب، فلم يكن دورها أقل شأنًا من دور الرجل.
الفريق المعارض لعمل المرأة
أما الفريق المعارض لعملها، فيرى أن المرأة عملها في بيتها، وخروجها يعد ضربًا من الخروج عن جادة الشرع والعادات والتقاليد؛ دليلهم في ذلك قوله تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ…) [1]سورة الأحزاب (33). وقد يزيدون دليلًا أن المرأة ما دام الرجل يوفر حاجياتها فلا ضرورة أن تغادر المنزل مزاحمة للرجال. فالاعتناء ببيتها وأبنائها هو الدور المنوط بها.
وفي هذا الشأن يُحكى أن امرأة عاملة جاءت لحكيم تسأله: يا حكيم أنا عاملة أريد أن أساهم في تنمية مجتمعي بعملي فماذا تقول؟
فأجابها: هل لك أبناء؟
فقالت: أجل لي كذا من الأبناء.
حينها رد عليها: عندما تخرجين للعمل أنتِ تساهمين حقًا في تنمية المجتمع، ولكن ستتركين أبناءك خلفك دون تربية أو رعاية، فهم أقرب أن يكبروا مهملين، فيكون أحدهم مجرمًا والآخر قاطع طريق وغيره عاطلًا عن العمل والآخر ذاك كسولًا.
أما لو بقيتِ وحرصتِ على تربيتهم، فالأقرب أن تنتجي لنا الطبيب والمهندس والأستاذ والتاجر الحذق، فنكون ربحنا أما وأبناءًا صالحين، وفي حالتك الأولى خسرنا أما وأنتجتِ أبناءً فاسدين. فأيهما تختارين؟
خلاصة القول
خلاصة القول، أن النقاش المحتدم حول تأييد أو معارضة عمل المرأة يجانب الصواب. فالعمل لا يختلف اثنان أنه مطلوب، وأمر محمود؛ إذن فالمسألة هي: أين تعمل المرأة؟ ومتى تعمل؟
فالمرأة التي تعمل عملًا يضمن كرامتها ويحافظ على عفتها، وتفيد به مجتمعها، ولكن دون إخلالها بواجبات فردية خاصة منوطة بها مطلوب ومحمود. أما ما كان يجلب لها هضمًا لأنوثتها وهتكًا لعرضها، فلا خير فيه، فهو غير محبذ لا دينًا ولا عرفًا.
وعطفًا على الخلاصة أعلاه، ديننا الحنيف فصل في أمر عمل المرأة بما يحفظ دينها وكيانها كامرأة، فلا حاجة أن يكون الجدل والنقاش العقيم حول عمل المرأة دون الرجوع للضوابط التى شرعها الله سبحانه، فنخرج بهذا من دائرة الاختلاف؛ هل نحن مع أو ضد؟!
محمد دباغ
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
محمد دباغ من الجزائر، أستاذ تعليم ثانوي، متحصل على شهادة ليسانس لغة إنجليزية سنة 2007. ناشط بعدة جمعيات ثقافية وخيرية وخريج المدرسة الكشفية. يهوى المطالعة وكتابة القصص القصيرة والمقالات وكذلك الرحلات الإستكشافية.
الملاحظات أو المصادر
↑1 | سورة الأحزاب (33) |
---|