سيدات الطرب العربي

تعرض هذه السطور لنماذج من “سيدات الطرب العربي” اللواتي ارتقين بالذائقة الفنية الغنائية ورسخن، مع نظرائهن من المطربين، الطرب والموسيقى العربيّة الأصيلة.

سيدات الطرب العربي
منشور

“سلطانة الطرب” منيرة المهدية – سيدات الطرب العربي

اشتهرت “زكية حسن منصور” (1885- 1965م)، أو “منيرة المهدية” بلقب”سلطانة الطرب”، أو “السلطانة”. لما كان لها من “سلطان” علي قلوب المستمعين، فضلًا عما تمتعت به من شخصية قوية آسرة. وبدأت حياتها الفنية كمطربة تحيى الليالى والحفلات في مدينة “الزقازيق”، بدلتا مصر. ولما شاهدها أحد أصحاب مقاهى القاهرة، أُعجب بجمال صوتها وإقناعها بالسفر للعاصمة (عام 1905). وفيها ذاع صيتها، وأسست مقهًا خاصًا بحي الأزبكية. ومن ثم تحول “نزهة النفوس” لملتقى لرجال الأدب والفكر والصحافة. وفى صيف 1915م وقفت “منيرة” -كأول سيدة مصرية- على خشبة المسرح مع فرقة “عزيز عيد”، تؤدى دور “حسن” في رواية للشيخ “سلامة حجازى”. مما زاد من الإقبال على المسرحيات، وتبارت فرقة “عزيز عيد” مع فرقة “سلامة حجازى”.

وبالرغم من كونها تؤدي دور رجل. كانت تكتب على الأفيشات “الممثلة الأولى”. ثم انفصلت عن فرقة “عزيز عيد” وكونت فرقة خاصة بها (مسرح “هواء الحرية”). وقدمت أشهر أعمال “سلامة حجازى”. وغنت لأشهر شعراء وملحنى جيلها. وكان لها الفضل في اكتشاف موسيقار الأجيال “محمد عبد الوهاب” (1902-1991). وقامت ببطولة فيلمها الوحيد “الغندورة” (1935م) للمخرج الإيطالي “فولبى”. وفي العام 1948 قررت “منيرة” العودة للمسرح بعد اعتزال الفن لنحو عقدين من الزمان. لكنها لم تلق القبول الذي كانت تتوقعه. وشهدت هذه الفترة “تنافسًا حادًا” بينها وبين المطربة الوافدة “أم كلثوم” التي فرضت شروطًا جديدة على الساحة الفنية لم تستطع “سلطانة الطرب” مجاراتها. وبعد أن أطربت الناس لما يزيد عن ثلاثين عامًا قررت الإعتزال تاركة “تراثًا” غنائيًا كبيرًا من أهمه: “سمر ملك روحي”، و”يمامة حلوة”، و”إرخ الستارة”، و”علي دول ياما علي دول”، و”بعد العشا يحلى الهزار والفرفشة”، و”أشكي لمين الهوى”، و”أنا هويت وانتهيت”، و”أنا عشقت”، و”يا محلا الفسحة يا عيني”، و”عليه سلام الله”.

“كوكب الشرق” أم كلثوم – سيدات الطرب العربي

يرتبط “فجر” الطرب العربي الحديث “بكوكب الشرق، أم كلثوم”، أو “فاطمه إبراهيم السيد بلتاجى” (1898- 1975م). ﻭتعلقت، منذ بدايتها، بالقصائد العمودية، والتي كان ﻭﺍﻟﺩﻫﺎ يشدو بها كثيرًا ﻓﻲ حفلاته. ﻟﻜﻥ الأستاذ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ هو ﺍﻟﺸﻴﺦ “أبو ﺍﻟﻌﻼ محمد” (1878-1927م). وهو من أكثر ملحني عصره ريادة في تقديم وتلحين القصيدة. ولم يبخل “الشيخ” علي تلميذته بخبرته. فلقنها مبادئ الموسيقى الشرقيّة، وارتقى بذائقتها وثقافتها، ووجهها لغناء القصائد. فعُدت أعظم “إنجاز فني” يُحسب له. وفي أوائل عام 1933. بدأت “أم كلثوم” تتجه للسينما وللفيلم الغنائي. فظهرت في ستة أفلام هي: “وداد”، و”نشيد الأمل”، و”دنانير”، و”عايدة”، و”سلامة”، و”فاطمة”. لكن “أم كلثوم” انسحبت من “السينما الغنائية” (بين 1947- 1963م) وهي في قمة مجدها وتألقها الفني. لكنها عادت فقدمت -صوتًا فقط- في فيلم “رابعة العدوية” لنيازى مصطفى، وغنت فيه من نظم الشاعر “طاهر أبو فاشا”.

وعبر رحلة عطاء استمرت لما يزيد عن نصف قرن شدت “ﺃﻡ كلثوم” بمئات القصائد (الفصيحة، والعامية) لعشرات الشعراء القدامي، والمُحدثين. ولقد تقبلها ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﻌﻭﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ بقبول حسن. بل كانت حفلاتها -الخميس الأول شهريًا- موعدًا مضروباً ينتظره المجتمع العربي، ليستمتعوا بالشعر ﺍﻟﻌﺭبي ﺍﻟﻔﺼﻴﺢ. مصحوباً بروعة الطرب، وبراعة الآداء، وعذوبة اللحن. واتسمت قصائد “أﻡ ﻜﻠﺜﻭﻡ” بغلبة الطابع الوجداني، ﻭالتوجه ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ، والملمح ﺍﻟﺼﻭفي. وكثيراً، ما كانت “تتصرف” في أبياتها. فتنتقي بعضها، أو تعيد ترتيبها، أو تحذف حرفاً، أو كلمة، أو تستبدل شطراً. فتري القصيدة النور، دون تأثير علي معناها. أما مُلحنو أعمالها فهم كـُثر.

لكن يبقي “رياض السنباطي/ ملحن القصائد البارع ” (1906-1981م) نسيج وحده. لما لـ “كلثومياته” -علي مدار نحو أربعين عاماً- من فرادة فنية، وقيمة إبداعية.. شكلاً ومضموناً. كما إن “أم كلثوم ” أضافت فارسًا ثالثاُ إلي فرسان ملحنيها.. بعد “القصبجي”، و”زكريا أحمد”. كما وجد “السنباطي” فيها “ضالته المنشودة”، ليحلق معها في سماء الشهرة. فلقد تمتعت بقدرات صوتية، ومواهب فنية، وأداءات متنوعة للأغاني التقليدية، والمُستحدثة. لذا أعطاها “السنباطي” عصارة فنه.. “كلثوميات خالدة” منها: “أغنية النيل”، و”سلو قلبي”، و”رباعيات الخيام”، و”سهران لوحدي”، و”مصر تتحدث عن نفسها” و”يا ظالمني”، و”أراك عصي الدمع”، و”جددت حبك ليه”، و”عرفت الهوى مذ عرفت هواكا”، و”ذكريات”، و”أروح لمين”، و”قصة الأمس”، و”الأطلال”، و”شمس الأصيل” الخ.

نماذج اعتبرت معياراً للأسلوب “السنباطي” في التلحين، أو نماذج للأسلوب “الكلثومي” في الغناء. ويجمل البعض مجموع ما غنت “أم كلثوم “من أنغام “السنباطي” فقط، بنحو ست وتسعين أغنية: إحدى وعشرين قصيدة، وأربعة عشر مونولوجا، وثلاث عشرة طقطوقة، وثلاث وثلاثين وطنية، وخمس عشرة أغنية سينمائية. علي أية حال.. إنه تاريخ طويل من الإبداع المُميز لسيدة الغناء العربي “أم كلثوم”. فلها دور ريادي في خدمة الأدب العربي، خاصة الشعر. حيث نقلت أشعار أكثر من أربعين شاعراً -بصوتها الجميل، وآدائها المُتقن، وألحانها الشجية- من الدفاتر لتصدح بها الحناجر. وبذلك تنتشر القصائد، وتدوم في الوجدان الجمعي، والفضاء الثقافي العربي.

“مُطربة القطرين” فتحيه أحمد – سيدات الطرب العربي

ولدت “فتحية أحمد الحمزاوي” (1898-1975) بحيّ “الخرنفش” بالقاهرة، في نفس العام الذي ولدت فيه صديقتها العزيزة (لأكتر من ستين عامًا) “أم كلثوم”. وكان أبوها الشيخ “أحمد الحمزاوى” منشدًا ومطربًا. رخيم الصّوت. ولحّن كثيرًا من الأغاني الفُكاهيّة، يؤدّي بعضها مع إثنين من المُنشدين “ثلاثي الشّيخ كعبولة”. لكنه يستمر في الغناء طويلاُ بعد أن استوى عود بناته المطربات: “فتحية”، و”مفيدة”، و”رتيبة” التي اشتهرت بـ “ديالوج” التّليفونات. ودرست “فتحية” الغناء على أئمّة المُلحّنين، وخاصة الشّيخ “أبو العلا محمد”، الذي لحّن لها خصيصًا لحنًا جديدًا لقصيدة “كم بعثنا مع النّسيم سلامًا”. وغنّت فتحية ألحانًا كثيرةً من التّراث ومن الغناء العصري. كما لحن لأغنياتها كبار مُلحني العصر أمثال: “محمد عثمان”، و”عبده الحامولي”، و”داود حسنى”، و”كامل الخلعى”، و”سيد درويش”، و: محمد القصبجى”، و”زكريا أحمد”، و”رياض السنباطى” وغيرهم.

وكمطربة وممثّلة. اشتركت بالمسرح الغنائي في سنواته الخصبة (1917- 1927). وتنقّلت مع الفِرَق المسرحية الغنائية بين مصر وبلاد الشّام؛ فأُطلِقَ عليها “مطربة القطرين”. ومن أشهر أعمالها: “زورونى كل سنه مرة”، و”الحلوة دى قامت تعجن”، و”أوبريت ولو”، و”طلعت يا محلا نورها”، و”أوبريت قولوا له”، و”أوبريت فشر”، و”مظلومه وياك يابن عمي”، و”يابو الكشاكش”، و”ألفين حمد الله على سلامتك”، و”أنا بابيع الغربال” الخ. واختتمت مسرحها الغنائي، ببطولة مسرحية “يوم القيامة” من لحن “زكريا أحمد”. وأضيف لها لّحن “يا حلاوة الدّنيا” خصيصًا لكي تغنّيه “فتحية”.

“فاكراك، ومش هانساك”، نجاة على – سيدات الطرب العربي

مطربة لا يزال بريقها متوهجًا في ذاكرة الأغنية العريية. فهي أول من غنت في السينما المصرية. ولدت “نجية علي صيام”(1913-1993) الشهيرة “نجاة علي”في”بردين” بمحافظة الدقهلية بمصر. وبدأت حياتها الفنّية مبكرًا، عندما توفّي أبوها عام 1930. ولما فكّرت في احتراف الغناء، تتلمذت على يدى “داود حسنى”. واكتشفها الشاعر “حسين حلمي المانسترلي”. وأحضرها من الرّيف، وتعهّدتها شركة أوديون، كمطربة. فاشتركت عام 1929 في أول حفلة علي مسرح الأزبكية، كذلك في حفل افتتاح الإذاعة المصرية عام 1934 مع أم كلثوم، ومحمد عبد الوهاب، وفتحيه أحمد.

كما اكتشفت “رياض السنباطي” الذي كان عازفًاَ للعود في فرقتها. وقدمها المخرج “محمد كريم” للبطولة أمام “محمد عبد الوهاب”. وقامت بالغناء والتمثيل في عشرة أعمال: فيلم “معجزة الحب”(1931)، و”دموع الحب” (1935)، و”شىء من لا شىء” (1938)، و”حب من السماء” (1943)، و”الحظ السعيد” (1945)، و”الكل يغنى” (1947)، و”الشاطر حسن” (1948)، ومسرحية “ياسين وبهية” (1965)، ومسلسل “لحظة اختيار” (1978)، ومسلسل “وفية ناس طيبين”(1981).

ولحن لها القصبجي، ورياض السنباطي، ومن أشهر أغنياتها: “فاكراك ومش هانساك”، و”عيد الشباب”، و”يالايمين في الهوي”، و”سلم علي قلبي”، و”أل إيه دلوقتي ما بيحبش”، و”قلوب الحبايب”، و”من بعيد لبعيد”، و”بتشاغلني”، و”غنيت للناس”، و”صلح الحبيب” مع رياض السنباطي، وجزء من قصيدة “الأطلال” لحن محمد فوزى. وكانت أول أغنية تسجلها للإذاعة هي “سر السعادة”. ومن ثم سجلت حوالي 90 أسطوانة، وعدد كبير من الشرائط في الإذاعة. وهي تمتلك رصيدًا غنائيًا يصل لما يقرب من 400 أغنية رغم اعتزالها المبكر. ونالت جائزة الجدارة عام 1978.

إقرأ أيضاً:  "حسين فوزي".. السندباد العصري، والعالِم البحري

مساحة إعلانية


“قيثارة الشرق” ليلي مراد – سيدات الطرب العربي

أمتلكت صوتًا شجيًا، وحضورًا سينمائيًا وجماهيريًا براقًاً، فكانت علامة بارزة في تاريخ الطرب والسينما العربية. شغلت الناس وملأت الدنيا طربًا وفنًا، عبر نحو ربع قرن من الزمان. ومازالت تسكن القلوب، وتتشنف لها الآذان. واحدة من إثنين (بعد “إسماعيل ياسين”) أنتجت لهما السينما أفلامًا تحمل أسمائهما. ولدت “ليليان زكي مراد”(1916 أو 1918-1995) أو “ليلى مراد” في أسرة فنية. فهي شقيقه المطرب “منير مراد”، وأبنة المغني والملحن “زكي مراد”. الذي قام بأداء أوبريت “العشرة الطيبة” الذي لحنه موسيقار الشعب “سيد درويش”. بدأت مشوارها مع الغناء وهي طفلة صغيرة، فتعلمت على يد والدها، وعلي يد الملحن “داود حسني”.

ودشنت مشوارها السينمائي بفيلم “الضحايا”(1932) “لإبراهيم لاما”، عندما غنت نيابة عن بطلة العمل “بهيجة حافظ”. وكان قد تم تصويره كفيلم صامت ولما دخل شريط الصوت السينمائي اضيف له الصوت ليكون بداية مولد نجمها. ومع أنشاء دار الإذاعة المصرية تعاقدت معها علي الغناء أسبوعيًا، وكانت أولى الحفلات في 6 يوليو عام 1934 غنت فيها موشح “يا غزالًا زان عينه الكحل”، ثم انقطعت عنها لإنشغالها بالسينما ثم عادت إليها ثانية عام 1947 فغنت أغنية “أنا قلبي دليلي”. أما أول ظهور سينمائي، فكان في فيلم “يحيا الحب” (1938)، لما إختارها المخرج “محمد كريم” لتؤدي أمام “محمد عبد الوهاب”.

وفي العام التالي بدأت “ليلى” تجربتها السينمائية مع المخرج “توجـو مزراحي”بفيــلم”ليلة ممطرة”. وعرف “توجو” كيف يقدمها للجمهور بشكل مؤثر في خمسة أفلام من إنتاجه وإخراجه وهي: ليلة ممطرة”()1939، و”ليلى بنت الريف”(1941)، و”ليلى بنت مدارس”(1941)، و”ليلى”(1942)، و”ليلى في الظلام”(1944). وأدت في فيلم (ليلى) دور “غادة الكاميليا” للروائي العالمي “ألكسندر دوماس”. ولاقي نجاحًا جماهيرًا كبيرًا، وجعل من “ليلى مراد” ملكة الغناء والتمثيل. لدرجة أن إذاعة القاهرة، في عمل غير مسبوق، أذاعت أغاني الفيلم في الرابع من أبريل عام 1942.

ومن ثم غدت “ليلى مراد” “المثل الأعلى” للفتيات المصريات. وتزوجت (عام 1945) من “أنور وجدي”فكونا”ثنائيًا فنيًا ناجحا” من خلال مجموعة من الأفلام. فقام “أنور” بإنتاج وإخراج وتمثيل سبعة أفلام لليلى. بدأت عام 1945 بفيلم “ليلى بنت الفقراء”، ثم “ليلى بنت الأغنياء”، و”قلبي دليلي”، و”عنبر”، و”غزل البنات”، و”حبيب الروح”، و”ليلى بنت الأكابر”. ويعتبر فيلم “عنبر”: “تحفة سينمائية قائمة على سيناريو محكم وحوار أخاذ، وأغانٍ رائعة وإستعراضات ثرية مبتكرة، هذا إضافة الى التمثيل الممتاز”. أما فيلمها الأشهر (الغنائي الإستعراضي) فهو “غزل البنات”(1949) مع الفنان “نجيب الريحاني”. حيث دخلت به تاريخ السينما العربية والعالمية أيضًا. حيث تم إختياره ضمن أفضل خمسين فيلمًا في العالم عام 1950.

وقد تعاونت “ليلى” مع مخرجين آخرين، مثل: “أحمد سالم” الذي أنتج وأخرج ومثـّل أمامها فيلم “الماضي المجهول” (1946). وفيه غنت مجموعة من الأغاني، كتبها “أحمد رامي”، ولحنها “محمد فوزي”، كأول فيلم يلحنه بعد إنطلاقته في السينما. كما قامت “ليلى” بدور البطولة أمام “يوسف وهبي”، في فيلمين من إخراجه وإنتاجه، وهما “ضربة القدر”، و”شادية الوادي”، وأنتجا عام 1947. بينما قدم لها المخرج “هنري بركات” ثلاثة أفلام: “شاطيء الغرام”(1950)، و”ورد الغرام”(1951)، و”من القلب للقلب”(1952). وقامت ببطولة فيلم “سيدة القطار” لـ”يوسف شاهين”الذي”أثبت أنه عبقري في التعامل مع الخامات الفنية، فقدم أغاني الفيلم بأسلوب مبتكر خالف ما ظهرت به ليلى سابقًا”.

غنت “ليلى” حوالي 1200 أغنية، ومثلت سبعة وعشرين فيلمًا غنائيًا كان آخرها “الحبيب المجهول”(1955) مع “حسين صدقي” واعتزلت العمل الفني. لكنها غنت للإذاعة وسجلت اغنيات لمسلسل: “لست شيطانا ولا ملاكًا”. وكان قد لحن أغانيها كبار الملحنين، وفي مقدمتهم: “محمد عبد الوهاب”، و”السنباطي”، و”القصبجي”، و”محمد فوزي”، و”زكريا أحمد”. وتركت “أسطورة الغناء العربي” ورائها تراثًا هائلًا من الأغاني والأفلام العاطفية الساحرة. وكرمت في مهرجان “القاهرة السينمائي الدولي” في دورة 1998 بمنحها شهادة تقدير تسلمتها عنها الفنانة “ليلى علوي”. وعن مشوارها الفني أنتج مسلسل “أنا قلبي دليلي”(2009) ليعرض خلال شهر رمضان من نفس العام.

“يا جمال الورد” أسمهان – سيدات الطرب العربي

كانت بدايتها الغنائية “السينمائية”بفيلم”زوجة بالنيابة” (1936) لأحمد جلال. حيث غنت “آمال فهد فرحان الاطرش”(1917- 1944) الشهيرة بـ “أسمهان” بصوتها فقط (دوبلاج) أغنية “يا حبيبى تعالى الحقنى”. وجاء اللقاء الصوتي الثانى في فيلم “ليلى بنت الصحراء”(1937) لبهيجه حافظ. وغنت فيه قصيدة “ليت للبراق عينًا”. وفى عام 1939 طلبها الموسيقار “محمد عبد الوهاب” من شقيقها “فريد الاطرش”(1910-1974) للتحضير لفيلم “يوم سعيد”(1940) لـ “محمد كريم”. واتفق معها على الغناء فى الفيلم اغنية “محلاها عيشة الفلاح” وأيضا أوبريت “مجنون ليلى” بالصوت فقط.

وتم التصوير بصوتها وصورة الممثله “فردوس حسن”. أما فيلم “انتصار الشباب” (1941) لأحمد بدرخان فكان أول أفلام بطولتها المطلقة مع شقيقها “فريد”، وهي المرة الوحيدة للتمثيل معه. وغنيا معها أوبريتًا واحدًا، حمل عنوان الفيلم. ثم قامت ببطولة فيلم “غرام وإنتقام”(1944) أمام “يوسف وهبى”، و”أنور وجدي”. ولكنها توفيت على نحو غامض قبل إتمامه؛ فاضطر مخرجه “يوسف وهبي” لإحضار ممثلة بديلة لتصوير بعض المشاهد.وكانت هذه الأفلام الثلاثة هي ما قدمته “أسمهان” للسينما الغنائية.

وذاع صيتها لتصبح المطربة الثانية بمصر بعد “أم كلثوم”. وأستمر مشوارها الفني سبع سنوات فقط منذ أن سجلت أول اسطوانة في 12 أبريل 1937. وقدمت خلال مسيرتها نحو الأربعين أغنية نالت بها شهرة لا تمحى، اذا ما قورنت بمثيلاتها المعاصرات. ومازالت تتربع علي قمة الطرب النسوي بعد مرور عقود على رحيلها. ومن أشهر أعمالها الخالدة: “ليالي الأنس في فيينا”، و”ياللي هواك”، و”يا حبيبي تعالى الحقني”، و”يا جمال الورد”، و”كلمة يا نور عيني”، و”كان لي أمل”، و”في يوم ما أشوفك”، و”أمتى حتعرف أمتى”، و”أيدي في أيدك”، و”أعمل ايه علشان أنساك، و”أهوى”، و”فرق ما بينا الزمان”، و”عليك صلاة الله وسلامه”، و”نويت أداري”، و”ياللي هواك”. ولقد تميزت المطربة الراحلة بصوتها الرومانسى الجميل الآخاذ فيها عطر ورائحة بلاد الشام. مما جعلها من المطربين الخالدين فى ذاكرة الشعب العربى. ولو قدر لها البقاء كانت ستغير مجرى الأغنية العربية. حيث لا يختلف إثنان على جمال صوتها، ورقى موهبتها.

إقرأ أيضاً:  تاريخ تطور السيناريو

مساحة إعلانية


“أم كلثوم لبنان” نور الهدي – سيدات الطرب العربي

اختار “عميد المسرح العربي” “يوسف بك وهبي” (يرجح مولده في 1898- 1982) اسم “نور الهدي” ليكون شهرة لـلمطربة والممثلة اللبنانية “ألكسندرا نقولا بدران”(1924- 1998). ولدت في “مرسين” بتركيا، وأحبت الموسيقى منذ الصغر. فغنت بصوتها الجميل فى المدرسة، وفى الحفلات الخاصة وساهم والدها في نجاحه، وأطلقوا عليها: “أم كلثوم لبنان”. وكانت أولى فرصها الفنية عام (1942) عندما زار الفنان “يوسف وهبى” الشام وأعجب بصوتها. فطلب منها السفر لمصر. ووقعت معه عقدًا لمدة 5 سنوات. حيث أسند إليها بطولة فيلم “جوهرة”(1943)، ثم كان فيلم “برلنتى”(1944) الذى أخرجه “وهبى”، وكتب له القصة والسيناريو كما الحال في الفيلم الأول. ثم انطلقت فى مسيرتها وعملت مع عدد كبير من الفنانين مثل: فريد الأطرش، ومحمد عبد الوهاب، ومحمد فوزی.

وخلال السنوات العشر التي قضتها “نور” في القاهرة، شاركت بالتمثيل والغناء في العديد من الأفلام الغنائية. وتوالت أفلامها ومنها: “مدموازيل بوسة” لنيازى مصطفى، و”أميرة الأحلام” لاأحمد جلال، و”مجد ودموع” لأحمد بدرخان، و”لست ملاكا” لمحمد كريم، و”غدر وعذاب” لحسين صدقى، و”المنتقم” لصلاح أبوسيف، و”قبلنى يا أبى” لأحمد بدرخان، و”حياة حائرة”، والمستقبل المجهول” لأحمد سالم، و”نرجس” لعبد الفتاح حسن. وكانت أدوارها الرئيسة فى أفلام: “مبروك عليك”، و”هدى وأفراح”، و”غرام راقصة”، و”الشرف غالى”، و”شباك حبيبي”، و”ماتقولش لحد” وغيرها. وختمت مسيرتها بفيلم “حكم قراقوش”(1953) لفطين عبد الوهاب.

“ست الحسن” هدي سلطان – سيدات الطرب العربي

تعتبر “بهيجة عبد السلام عبد العال” أو “هدى سلطان” (1925/ 1931-2006) فنانة من زمن الطرب الأصيل. ومن أبرز نجمات الفيلم الغنائي المصري. وظهرت موهبتها في الغناء منذ صغرها. وصنعت، ـ بصوتها الجميل، وآدائها المميزـ نجاحًا فنيًا فريدًا لمطربة تتنافس وسط عالم من المطربات والمطربين الكبار. واثبتت تواجدها الفني بينهم بألحان شرقية أصيلة. وهى شقيقه المطرب المحبوب “محمد فوزى”. تألقت في الأغنية الخفيفة، ومن أشهر أغانيها: “تاكسى الغرام”، و”لاموني”، و”من بحري وبنحبوه”، و”يا ضربين الودع”، و”القدس هترجع لنا”. وكان الموسيقار “رياض السنباطي” من المتحمسين لموهبتها الغنائية، ولحن لها أعمالًا منها “إن كنت ناسي” التي غنتها في فيلم “جعلوني مجرمًا”.

ولقد تنوعت أدوارها السينمائية. حيث اكتشفها اكتشفها للسينما المخرج “نيازي مصطفي”، والمنتج السينمائى “جبرائيل تلحمى”. وكانت بداياتها مع فيلم “ست الحسن” (1950)، و”حكم القوي” (1951) لتبدا رحلتها الغنائية، وشهرتها الفنية. واشتهرت بداية من عام 1952 حيث تعاقدت في هذا العام علي بطولة ثلاثة أفلام دفعة واحدة. وقدمت مع “فريد شوقي”، خلال فترة زواجهما، أكثر من عشرين فيلمًا حيث شكلا ثنائيًا متميزًا في السينما المصرية جذب جمهورًا كبيرًا. ومن أشهر أفلامها الناجحة: “إمرأة فى الطريق”، و”سواق نص الليل” (1958)، و”الإختيار” (1971)، و”شىء فى صدرى”، و”السكريه” (1973)، و”وداعا بونابارت”(1985)، وأخيرًا “إمرأة آيله للسقوط” (1992). ولها أيضًا أفلام: “بدور”، و”بورسعيد”، و”سوق السلاح”، و”عودة الابن الضال”. وكان آخر أدوارها السينمائية عام (2003) في فيلم “من نظرة عين”.

وفي أعمالها المتنوعة. قدمت، صورة المرأة المصرية بكل ما تملك من تميز الصوت والصورة والأداء. وكثيرًا ما استثمر مواهبها المخرج “حسن الإمام”. كما أدت العديد من الأدوار في الدراما التلفزيونية ومن أهمها: “وداعًا يا ربيع العمر”، و”لا يا ابنتي العزيزة”، و”زينب والعرش”، و”الليل وأخره”، و”ثلاثية بين القصرين”، وهي المعالجة التلفزيونية لثلاثية الروائي “نجيب محفوظ”، و”رُد قلبي”، و”زى القمر”، و”للثروة حسابات أخرى”، و”ليالي الحلمية”، و”ارابيسك”، و”زيزينيا”، “سلالة عابد المنشاوي”. ومن مسرحياتها: “وداد الغازية”، و”الملاك الأزرق”، و”باي باي”، و”آه من حلاوتها”. فخلال مشوارها الفني الذي امتد لأكثر من ‏55‏ عامًا، قدمت “هدي سلطان” ما يقرب من 100 أغنية، و‏60‏ فيلمًا، ‏ و‏15‏ مسلسلًا، ‏ و‏8‏ مسرحيات.

“الشحرورة” صباح – سيدات الطرب العربي

اكتشفتها الممثلة والمنتجة “آسيا” لتنافس بها الفنانة “نور الهدى”. فجاءت بها إلى مصر، وأصبحت واحدة من ألمع نجمات الغناء، والسينما العربية. وقدمت، خلال حياتها الفنية، نحو (3242) أغنية و(80) سى دى، و(27) مسرحية، و(85) فيلم، وعدد من الأعمال التليفزيونية والمسرحية المتميزة. لٌقبت “جانيت فغالي” (ولدت في لبنان 1927-) بعدة ألقاب فهي: “صباح”، و”الشحرورة”، و”الصبوحة”، و”الأسطورة”، و”ست الكل”، و”شمس الشموس”، و”ملكة الأغنية اللبنانية”، و”عميدة نجمات الغناء العربي” الخ.

تميز صوتها الجبلي بالقوة والجمال والدلال الذي كفل لها النجومية في عالم الغناء. برزت أمام عمالقة الغناء والموسيقي مثل: فريد الأطرش، ومحمد عبد الوهاب، ومحمد فوزي، وعبد الحليم حافظ، ووديع الصافي. وكثيرًا ما أدت “دويتوهات” غنائية مع “وديع الصافى”، و”فريد الأطرش”. ولصباح إطلالتها المميزة في مختلف أفلامها مثل: “لحن حبي”، و”الأيدي الناعمة” و”الرجل الثاني” و”العتبة الخضراء” الخ. وكانت قد بدأت حياتها الفنية في بداية الأربعينيات من القرن الماضي حيث ظهرت في بواكير أعمالها السينمائية: “القلب له واحد”(1944) مع “أنور وجدي”، و”أول الشهر” (1945). ومن أبرز افلامها مع الفنان الكبير “عبد الحليم حافظ” “شارع الحب” (1958) والذى لاقى نجاحًا كبيرًا. وفيلمها “الرباط المقدس” (1960) مع “صلاح ذو الفقار”. والمأخوذ عن رواية “توفيق الحكيم”.

وقدمت صباح العديد من السهرات الموسيقي’ في العديد من الدول العر بية. وهي تحمل أربعة جنسيات: المصرية، واللبنانية، والأردنية، والأمريكية. وتم تكريمها فى مهرجان الأسكندرية 1998 وقد اعتزلت السينما عام 1981. وتبقي هى الفنانة المتالقة دائما التى لم يخبو ضوئها واشعاعها بمرور الوقت.

“شادية الوادى” شادية – سيدات الطرب العربي

صوتها ساحر، وشجي، وحالم. وهي “دلوعة” السينما المصرية. عشقت “فاطمة أحمد كمال شاكر” (1931، أو 1934-) الفن. فأبدعته معطرًا بأرق المعاني، وأصدق المشاعر، وأعذب الكلمات، وأفاويج البهجة. وكلما اشتاق الناس إلى العودة إلى “كلاسيكيات الفن الجميل” كانت حاضرة وبقوة. ولقد ساعدتها الظروف لتظهر كنجمة كبيرة. حيث كانت السينما بحاجة إلى ظهور فتاة “الأسرة المتوسطة/ المطحونة/ الدلوعة خفيفة الظل”. وتكون موازية “لفاتن حمامة”. فتحمس لها المخرج “أحمد بدرخان”، ولفتت نظر الفنان “محمد فوزى”. وتلقفها وتبني موهبتها المخرج “حلمى رفلة” (قدما معًا اثني عشر فيلمًا). وأطلق عليها “شادية” تيمنًا بفيلم “شادية الوادى” بطولة وإخراج “يوسف وهبى”. وللمكانة الكبيرة لـ”عميد المسرح العربى” فقد راق الأسم لـ”رفلة”، فأختاره شهرة “لفاطمة”. وكان “رفلة” قد قدمها مع الفنان “محمد فوزي” فى فيلم ” العقل فى أجازة” (1947). وهو الفيلم الذي رسخ لها عدة أدوار متنوعة فيما بعد.

فقد أدت أروع الأدوار، بحضور غنائي وسينمائي متميز كما في: “ساعة لقلبك”، و”معلهش يا زهر”، و”ظلموني الناس”، و”شباب امرأة”، “الزوجة رقم 13″، و”مراتي مدير عام”، و”المعجزة”، و”معبودة الجماهير” الخ. وبرزت أكثر في الأعمال المقتبسة عن روايات “نجيب محفوظ”: فكانت “نور” في (اللص والكلاب)، و”حميدة” في (زقاق المدق)، و”زهرة” في (ميرمار)، و”فؤادة” في (شيء من الخوف) للأديب ثروت أباظة الخ. واستمرت في تقديم الروائع حتى عام 1984 عندما قدمت آخر أعمالها للسينما فيلم “لا تسألني من أنا” للمخرج أشرف فهمي.

وطربًا. كانت أولى أغانيها الدينية “قل أدع الله إن يمسسك ضر”(1956) تأليف “زكي باشا الطويل” وتلحين ابنه “كمال الطويل”. ومن روائع طربها المتعدد الجوانب: “مين قالك تسكن في حار تنا”، و”سيد الحبايب”، و”ياسلام علي حبي وحبك” (دويتو مع فريد الطرش)، و”إن رح منك يا عين”، و”آخر ليلة”، و”الحنة ياحنة”. و”يا دبلة الخطوبة”، “مكسوفة منك، و”خدني معاك”، و”عالي”، و”آخر ليلة”، و”شفت القمر”، و”همس الحب”، و”يا حبيبتي يا مصر”، “عبرنا الهزيمة”، “يا أم الصابرين”، “الحب الحقيقي” وغيرها من أجمل ما شدت به من كلمات. (سيدات الطرب العربي)

وبجانب أغنياتها المتميزة. قدمت اسكتشات عديدة مع ” شكوكو”، و”اسماعيل ياسين” وهى اسكتشات فكاهية منها “احنا الثلاثة”. كما قدمت للإذاعة المصرية عدة مسلسلات أهمها: “نحن لا نزرع الشوك”، و”صابرين”، و”سنة أولى حبط، و”كل هذا الحب” وغيرها إلى أن أكملت عشرة أعمال إذاعية منها عملان لإذاعة “مونت كارلو، والكويت”هما:”وسقطت في بحر العسل”، و”شيء من الحب”.

وتعد “شادية” من أبرز نجمات الطرب والسينما العربية وأكثرهن تمثيلًا. فقدمت خلال فترة ما يقارب أربعين عامًا أكثر من (500) أغنية، ونحو (117) فيلمًا سينمائيًا، و(10) مسلسلات إذاعية، ومسرحية واحدة (ريا وسكينة). ثم اعتزلت (الفن) نهائيًا عام 1986 عندما شدت برائعتها (خد بإيدي) كلمات الشاعرة علية الجعار، ولحن عبد المنعم البارودي، في حفل (الليلة المحمدية). ومازال لها قاعدة عريضة بين الجمهور العربي، وهي في نظر الكثير من النقاد “أهم فنانة شاملة ظهرت في تاريخ الدراما العربية”. ويصفها “صاحب نوبل” نجيب محفوظ: من منا لا يحب (شادية) بأدائها. بصوتها المداعب للقلب قبل الأذن. بأغانيها الوطنية التي تشدنا جميعًا. ودورها في فيلم (المرأة المجهولة) يستحق جائزة عالمية. وهي الدلوعة وفتاة الأحلام لكل شاب.

إقرأ أيضاً:  تاريخ الفتوات في مصر القديمة - البداية و النهاية

مساحة إعلانية


“عاشقة مصر” نجاح سلام – سيدات الطرب العربي

“نجاح محيي الدين سلام” الشهيرة بنجاح سلام (من مواليد بيروت، 13 مارس 1931) مغنية وممثلة لبنانية. اشتهرت أغانيها في معظم البلاد العربية. كان جدها الشيخ “عبد الرحمن سلام” مفتيًا للبنان. وأبوها هو الملحن وعازف العود “محيى الدين سلام”. وكانت بدايتها في الغناء من خلال الحفلات المدرسية السنوية. في العام 1948 صحبها والدها إلى القاهرة حيث عرفها على كبار الفنانين. غنت للمرة الأولى أمام الجمهور عام 1948.

وفي العام التالي سجلت لشركة “بيضا فون”أغنية:”حول يا غنام”، وأغنية يا “جارحة قلبي”. وحينها احترفت الغناء. وغنت في مصر، وسورية، والأردن، وبغداد، والجزائر، وتونس. ولحن لها الكثيرون من أبرزهم: “السنباطى”، و”عبد الوهاب”. ويُقدر بأن للفنانة الكبيرة “نجاح سلام” نحو (400) عمل غنائي ما بين طربي وديني ووطني، ومن أبرزها: “يا جارحة القلب”، و”برهوم”، و”عايز جواباتاك”، و”بدى عريس”، و”ميّل يا غزيل”.

أما انطلاقتها السينمائية/ الغنائية فمع فيلم “على كيفك”مع”ليلى فوزي”. ثم فيلم “ابن ذوات” وفيه غنت: “برهوم حاكيني”، “الشاب الأسمر”، وغيرها. ثم مثلت فيلم “الدنيا لما تضحك”، و”الكمساريات الفاتنات”، و”سر الهاربة”، و”الشيطان”. وكانت قد شاركت تمثيل أول فيلم بالألوان مع “وحش الشاشة” “فريد شوقي”، كما شاركت في تأسيس شركة إنتاج، وانتجت أفلامها. وذهبت إلى “كان” لعرض أفلامها.

وكانت بداية العام 1950م قد عادت إلى لبنان لتسجيل بعض الأغاني للإذاعة اللبنانية، وكانت أولى هذه الأغاني “على مسرحك يا دنيا”. ومع العدوان الثلاثي علي مصر (1956) وفي العام 1956م شدت أغانيها الوطنية مثل: “يا أغلى اسم في الوجود”، ثم قصيدة “أنا النيل مقبرة للغزاة”للشاعر”محمود حسن إسماعيل”. وفي عام 1973 سافرت إلى سورية وغنت: “سورية يا حبيبتي” بالمشاركة مع محمد سلمان والمطرب محمد جمال.

وفي العام 1974 اندلعت الحرب اللبنانية فأقامت في مصر. وتم تكريمها بمنحها الجنسية المصرية وأطلق عليها “عاشقة مصر” لما قدمته من أغنيات وطنية صادقة. وعندما استلم الرئيس اللبناني “إلياس الهراوي” الرئاسة، قام بزيارة القاهرة، وكانت الفنانة “نجاح” في حفل استقباله بالسفارة اللبنانية في القاهرة، فبادرها بالقول: “أنها ثروة وطنية وفنانة عظيمة لا يجوز أن تظل خارج بلادها”. فعادت إلى لبنان وقدمت أعمالا وطنية كبيرة مثل: “لبنان درة الشرق” كلمات الشاعر صالح الدسوقي وألحان الفنان أمجد العطافي. وقد كرمها الرئيس “الهراوي” ومنحها وسام الاستحقاق برتبة “فارس”.

“بيت العزّ” فايزة أحمد

تميزت “فايزة أحمد” (1934-1983) بصوتها العذب، وحبها للغناء منذ طفولتها. فقدّمت أغاني “أسمهان”، و”ليلى مراد” بالمدرسة. وشجّعتها والدتها، وأحضرت لها مدرسًا يعلّمها أصول الغناء. لكنها لم توفق في لجنة إختيار المطربين بإذاعة دمشق، بينما قٌبلت في إختبارات إذاعة “حلب” وقدمت من خلالها عددًا من الأغنيات. ولما ذاع صيتها طلبتها إذاعة دمشق (كمطربة مُعتمدة)، فعادت إلي هناك لاستكمال مسيرة النجاح. خاصةً بعد أن تدربت على يد الملحن “محمد النعامي”. ومن سوريا إلى العراق التي غنت بها عددًا من الأغنيات باللهجة العراقية. ثم انتقلت “فايزة” إلى القاهرة عام 1954م، وتقدمت للإذاعة الـمصرية التي اعترفت بها كمطربة عام 1959م بعد أن قدمها الإذاعي “صلاح زكي” في أغنية “ابشر غيرك”، وأغنية “دموع الـمحبة”.

وحرصت “فايزة” علي التفرد بآداء غنائي يميزها عن غيرها من مطربات جيلها. وساعدها علي ذلك تعاونها مع موسيقين بارعين، منهم الموسيقار الراحل “محمد الموجي”. والذي لحن لها أغاني منها: “أنا قلبي ليك ميال”، و”ياما القمر ع الباب”، و”حيران”، و”غلطة واحدة”، و”بيت العزّ” التي أحدثت “ضجة فنية” كبيرة، وحققت لها نجاحًا وشهرة واسعة في مصر، فحصلت على جنسيتها عام 1965م. كما غنت الكثير من الأغاني من ألحان: “كمال الطويل”، و”محمود الشريف”، و”بليغ حمدي”، و”محمد سلطان”. وغنت من ألحان الموسيقار “محمد عبد الوهاب”أغنية”هان الود”. ولقد أثرت “فايزة” عالم الفن بما يزيد عن 320 أغنية في الإذاعة، و80 أغنية في التليفزيون. ومن أبرز أغانيها: “العيون الكواحل”، و”قول لكلّ الناس”، و”تعال شوف”، و”يا طير يا شوق”، و”غريب يا زمان”، “أحبه كثيرًا”، “ست الحبايب”، “يا غالي عليا”، “وقدرت تهجر”، “تهجرني بحكاية”، “رسالة من امرأة”، “خليكو شاهدين” الخ. بينما كانت أغنية “لا يروح قلبي” آخر ما غنته.

وسينمائيًا. شاركت بالغناء والتمثيل في ستة أفلام: “تمر حنة”(1957)،”امسك حرامي” (1958)، و”المليونير الفقير” (1959)، و”ليلى بنت الشاطيء” (1959)، و”عريس مراتي” (1959)، و”أنا وبناتي” (1961) (أنجح حضور سينمائي لها)، و”منتهى الفرح” (1963). ولعبت دور البطولة في أوبريت “مصر بلدنا” علي مسرح البالون. وخلال مشوارها الفني. نالت الفنانة الراحلة “فايزة أحمد” العديد من الجوائز والتكريم حيث حصلت على جائزة أحسن أغنية لعام 1977م عن أغنية “خلّينا ننسى”. كما حصلت على درع الجيش الثاني في أول مايو عام 1974م، وعلى وسام من الرئيس التونسي “الحبيب بورقيبة”. وعنها يقول الكاتب “انيس منصور”: “ماتت فايزة أحمد وهي لاتعرف أنها أجمل صوت بعد أم كلثوم‏”.

“جارة الوادي” فيروز

تعتبر “نهاد رزق وديع حداد” الشهيرة بفيروز (21 نوفمبر 1935-) من أفضل المطربات في العالم العربي. أطلق عليها عدة ألقاب منها “سفيرتنا إلى النجوم” الذي أطلقه الشاعر “سعيد عقل” للدلالة على رقي صوتها، وتميزه. وهو يحلق في سماء الفن بعذوبته ورقته، مع شموخه ووقاره. لبنانية المولد زائعة الصيت والشهرة. قدمت مع زوجها الراحل “عاصي الرحباني”وأخيه”منصور” المعروفين بالأخوين رحباني الكثير من الأغاني والأوبريهات والمسرحيات الشهيرة (نحو 15 مسرحية)، والأفلام التي لاقت رواجًا واسعًا في العالم العربي والعديد من دول العالم. وكانت بمثابة “ثورة” في الموسيقى العربية، لتميزها ـ عما كان سائدًا آنذاك ـ بقصر المدة، وجزالة المعنى، وبساطة التعبير، وعمق الفكرة والتوزيع الموسيقي، وتنوع المواضيع الغنائية. فغنت الأغاني العاطفية والإجتماعية والوطنية والقومية الخ.

واشتهرت “فيروز” منذ صغرها بغنائها بين أفراد العائلة وفي تجمعات الحي. بدأت عملها الفني في عام 1940 كمغنية كورس في الإذاعة اللبنانية عندما اكتشف صوتها الموسيقي محمد فليفل وضمها لفريقه الذي كان ينشد الأغاني الوطنية. وألف لها حليم الرومي مدير الإذاعة اللبنانية أول اغانيها ومن ثم عرفها على عاصي الرحباني الذي أطلقها في عالم النجومية منذ العام 1952. وبعد وفاته عام 1986 خاضت تجارب عديدة مع ملحنين ومؤلفين من أبرزهم فلمون وهبة وزكي ناصيف. لكنها عملت بشكل رئيس مع ابنها زياد الذي قدم لها مجموعة كبيرة من الأغاني أبرزت موهبته وقدرته على خلق نمط موسيقي خاص به يستقي من الموسيقى العربية والموسيقى العالمية.

وشدت لعديد من الشعراء والملحنين ومنهم ميخائيل نعيمة، وسعيد عقل، وأمير الشعراء شوقي وغيرهم. كما إنها غنت أمام العديد من الملوك والرؤساء وفي أغلب المهرجانات الكبرى في العالم العربي. وأصدرت العديد من الألبومات من أبرزها: “معرفتي فيك”، و”كيفك أنت”، و”فيروز في بيت الدين 2000″، وكان ألبوم “ايه في أمل” 2010 آخر ما قدمته من ألبومات. ويبقى فن فيروز الخالد وصوتها الرنان الذي سيظل يحلق في سماء الفن، وتبقى فيروز تردد: “أنا أقف في الحياة كتلميذة، لأتعلم أكثر من سائر الأشياء، من الطبيعة ومن الناس ومن عيون الأطفال ومن شهقات الأمهات، من الكتب وقصائد الشعر ومن الآخرين، لا أتمنى أن أهاجر من تلمذتي ومن مريلتي وضفائري، ولو فعلت ذلك لصرت عجوزًا”.

إقرأ أيضاً:  برك وبحيرات البحتري، ولامارتين

مساحة إعلانية


نجاة “الصغيرة”

صوتها من أصوات “الطرب الجميل”، تميز بعذوبته ورقته ودفئه. وقد بدأت حياتها الفنية وهى طفلة في الخامسة تذيع في محطة الإذاعة. وكان ذلك في إحدى حفلات نادي الموسيقى الشرقي. وبدأت تاريخها الحقيقي في عالم احتراف الغناء وهي لم تتعد بعد 16 من عمرها. ولدت “نجاة محمد محمود حسنى”(1936-) بالقاهرة في أسرة أحبت الموسيقي والفن والتمثيل. فهي ابنة الخطاط “محمد حسني أفندي” الذي هوى العود في شبابه وسرت الأنغام والألحان في شرايين أبنائه. فعشق أبنائه الأربعة العزف علي العود، والقانون، والرق، والكمان، بينما أحبت “سندريلا الشاشة العربية” سعاد حسني التمثيل والغناء.

عندما بلغت نجاة سن التاسعة عشر كلف والدها شقيقها الأكبر “عز الدين ” ليدربها على حفظ أغاني السيدة “أم كلثوم” لتقوم بأدائها فيما بعد في حفلات الفرقة، وتصل نجاة لدرجة الإتقان حتى أمكنها تقليد “أم كلثوم “. وتبدأ مرحلة جديدة في مشوارها الفني، ويقدم لها “مأمون الشناوي”أغنية”أوصفولي الحب” من تلحين “محمود الشريف “، رددت “نجاة” بعض أغاني كوكب الشرق أم كلثوم في الحفلات التي اشتركت بها. وتنامت موهبتها وقامت بغناء أغنياتها الخاصة التي ألفت ولُحنت خصيصًا لها من قبل كبار المؤلفين والملحنين الذين قدموها بشكل مميز مثل: “أسهر وأنشغل أنا”، و”حقك عليا وسامح” وغيرها.

وأحاطت “نجاة ” نفسها بالكتاب والشعراء والمثقفين أمثال: “محمد التابعي”، و”مأمون الشناوي”، و”كامل الشناوي”، و”فكري أباظة”. فكونت “هيئة مستشارين” من أصدقاء ينصحونها، وينيرون الطريق أمام موهبتها. هذا إلي جانب حرصها ودقتها الشديدة في العمل، مما كان له دورا كبيرا في نجاحها المستمر. وكان الكاتب الصفحي “فكرى اباظة ” أول من اطلق عليها “نجاة الصغيرة ” وذلك عندما كتب عنها في بداية ظهورها “إنها الصغيرة التى تحتاج إلى رعاية حتى يشتد عودها، وفى حاجة إلى عناية حتى تكبر وهى محافظة لموهبتها، مبقية على نضارتها”. ويُشار غلي انها لما أشتركت في فيلم “الكل يغني”(1947)، أطلق عليها هذا اللقب لأنها كانت تجسد شخصية المطربة “نجاة على” وهى صغيرة.

واشتهرت “الصغيرة” بالعديد من الاغنيات مثل: سكة العاشقين – ما اقدرش انساك- سال في – حمد الله على السلامة- غنوة الحب- يا هاجر بحبك – حبيبي سامعني- ناداني الليل- طاير يا حمام- شوك ماشى- يا قلبك- اسهر وانشغل أنا- بتقوللى بحبك- ليه خلتني احبك- أنا ذكرى- سلم لى علية- مش هاين أودعك- سهران يا قمر- في السفر- سنة حلوة- في غيابكم دبنا-ايظن-لا تكذبى- إلا انت- شكل تاني – عيش معايا وغيرها من عشرات الأغنيات التي سكنت القلوب واحتضنتها الذاكرة. وقامت الفنانة الكبيرة بالتمثيل فى عدة أفلام منها: ابنتي العزيزة، وبنت البلد، وجفت الدموع، والشموع السوداء، وشاطئ المرح، وسبعة أيام في الجنة، وغريبة، والقاهرة في الليل. كما قامت بالعمل ‏في سهرة تليفزيونية باسم “دعاء”. ولها مسلسل إذاعي باسم “سماح والبنات المدبح”. ‏ واعتزلت الفن عام 2002.

“أميرة الطرب العربي” وردة الجزائرية

بدأت “وردة فتوكي” (1939- 2012) أو “وردة الجزائرية” حياتها الفنية حيث ولدت في فرنسا، من أب جزائري، وأم لبنانية. وكان يشرف على تعليمها المغني التونسي “الصادق ثريا” في نادي والدها. وأصبح لها فقرة خاصة تؤدي خلالها أغاني “أم كلثوم”، و”أسمهان”، و”محمد عبد الوهاب”، و”عبد الحليم” وغيرهم، ثم قدمت أغاني خاصة بها من ألحان مُعلمها “الصادق ثريّا”. ثم انتقلت إلى مصر عام 1960 بدعوة من المنتج والمخرج “حلمي رفلة”. والذي قدمها في أولى بطولاتها السينمائية: “ألمظ وعبده الحامولي”مع”عادل مأمون”. ليكون ذلك بداية لإقامتها بالقاهرة، وذيوع شهرتها. لذا طلب الرئيس “جمال عبد الناصر” إضافة مقطع لها في أوبريت “وطني الأكبر”. (سيدات الطرب العربي)

ثم اعتزلت الغناء لسنوات، حتى عادت بطلب الرئيس الجزائري “هواري بومدين” الغناء في عيد الاستقلال العاشر عام 1972. ثم عادت للقاهرة لتستأنف مسيرتها. وتزوجت الموسيقار “بليغ حمدي”، وبدأت معه رحلة غنائية استمرت حتي 1979. وكان ميلادها الفني مع أغنية “أوقاتي بتحلو” التي شدت بها عام 1979 من ألحان “سيد مكاوي”. وقدمت “بتونّس بيك” مع الملحن “صلاح الشرنوبي”. كما غنت لكبار الملحنين. وشاركت “وردة” في العديد من الأفلام. فكانت مع “حسن يوسف” في فيلم “صوت الحب” الذي كان أول أفلامها السينمائية بعد عودتها من الجزائر. ومثلت في: “أميرة العرب”، و”حكايتي مع الزمان”، و”ليه يادنيا” الخ.

وقدمت مسلسل “أوراق الورد” مع عمر الحريري. وبعد أربعة سنوات شاركت بمسلسل “آن الأوان” جسدت فيه شخصية سيدة تملك شركة إنتاج كاسيت تقف بجوار الأصوات الجيدة، وهو قريب من سيرتها الذاتية. وقبل وفاتها عادت بعد غياب للغناء وأطلقت ألبوم “اللي ضاع من عمري”، وسجلت أغنية: “مازال واقفين” بمناسبة الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر.

في النهاية

وبعد.فهذه خمس عشرة سيدة من سيدات الطرب العربي، أتيح ذكرهن عبر سطور عجلي. لكن القائمة طويلة لا يتسع لها المقال ولا المقام. وليعذرني في ذلك القارئ القارئ الكريم، كما يُرجي إلتماس العذر إن ورد خطأ أو نسيان فيما يتعلق بتلكم السير الذاتية (الفنية) المختصرة. ويبقي القول أن رحلتهن الفنية لم تكن سهلة ميسورة. ولقد دفعهن للسير فيها: موهبة فذة، وصوت قوى، وأداء متميز. فأشعن “الطرب العربي الأصيل والجميل”. وتركن “إرثًا فنيًا”، و”أثرًا ذوقيًا” على جمهور المتلقين. إذ شتان ما بين مُطربة ومُغنية، فـ: “كل مطربٍة مغنٍية، وليس كل مغنٍية مُطربة”. فالأولي مؤدية موهوبة لها القدرة على الإجادة/ الإرتجال الناجح/ التجاوب مع الجمهور/ الإبداع داخل العمل الغنائي. أما الثانية فـ “طاقة صوتية” تـُترنم، وتتغني (بالمحفوظ). وإذا كان ليس بالمقدور إرجاع الزمن للوراء، فيبقي الأمل معقودًا علي مناخ طرب عربي أصيل معطاء مُثمر للكثيرات ممن يحملن ذات المشعل، ويسرن علي نفس الدرب. (سيدات الطرب العربي)

أ.د. ناصر أحمد سنه
كاتب وأكاديمي مصري

 

إقرأ أيضاً:  عمالقة "العصا السحرية"


لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:



هذه المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن منصة المقالة.


مساحة إعلانية


⇐ لا تنس عمل مشاركة (Share)

المقالة التالية

علاقات غير مفهومة وليست ذات معنى

الأربعاء يوليو 7 , 2021
تمت قراءته: 3٬237 طالعنا منذ عدة أشهر تريند هاني -الذي لم يكن وقته ولا مكانه، ولن يفيدنا بشيء يومًا ما-، لكن لفت نظري تعليق وجودي جميل: (علاقات غير مفهومة) السؤال وجودي ومهم جدًا في الحقيقة، لكن لكي نستطيع أن نجاوبه بصورة صحيحة، يجب أن نتكلم عن أشياء مختلفة. أولها: ما […]
علاقات غير مفهومة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: رجاء عدم محاولة النسخ، وعمل مشاركة/شير أو استخدم رابط صفحة المقالة كمرجع في موقعك - جميع الحقوق محفوظة لمنصة المقالة