بسم الله الرحمن الرحيم، قال تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) [الروم 23]. أي ما يراه الناس في منامهم، وقال عز وجل (لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) [يونس 64]. قيل هي الرؤيا الصالحة للمسلم. (تفسير الأحلام وأحكام الرؤيا)
تعريف الرؤيا والحلم – تفسير الأحلام وأحكام الرؤيا
الرؤيا هي علامة خير وتكون بشارة من الله عز وجل إلى العبد في نومه ليتفائل بها. أما الحلم فهو عبارة عن وهم ويتكون من أفكار مزعجة يبثها الشيطان في مخ الإنسان ليلا ليخيفه نهارا بهذا الحلم والحلم شبيه للإحتلام فتكون للشيطان سيطرة جسدية على الإنس.
قال صلى الله عليه وسلم “لا يَبْقى بَعدي منَ النُّبوةِ شيءٌ إلَّا المُبشِّراتُ، قالوا: يا رسولَ اللهِ، وما المُبشِّراتُ؟ قال: الرُّؤيا الصالحةُ، يَراها الرَّجلُ، أو تُرى له.” رواه البخاري. [1]الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند | الصفحة أو الرقم : 24977 | خلاصة حكم … Continue reading
قيل أن أصدق الرؤيا هي وقت القيلولة أي بعد صلاة الظهر مباشرة واقتراب الفجر والثلث الأخير من الليل ومنتصف الليل وآخرهم بداية الليل بعد صلاة العشاء والرؤيا التي تتكرر مرات متعددة فستتحقق قريبا جدا للرائي إن كانت خيرا إن شاء الله.
وللرؤيا الصالحة لها ضوابط في التعامل معها:
- أولا أن يحمد الله عليها فهي نعمة كباقي النعم.
- ثانيا أن يحاول كتمانها قال تعالى (قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) [يوسف 5]. ولهذا قال العلماء (استعينوا على قضاء حوائجكم بكتمانها فإن كل ذي نعمة محسود) وهو حديث مختلف بين الصحة والضعف فيه.
وحتى الرؤيا الصالحة يحسد عليها قال صلى الله عليه وسلم “إذا رَأَى أحَدُكُمُ الرُّؤْيا يُحِبُّها، فإنَّها مِنَ اللَّهِ، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عليها ولْيُحَدِّثْ بها، وإذا رَأَى غيرَ ذلكَ ممَّا يَكْرَهُ، فإنَّما هي مِنَ الشَّيْطانِ، فَلْيَسْتَعِذْ مِن شَرِّها، ولا يَذْكُرْها لأحَدٍ، فإنَّها لَنْ تَضُرَّهُ.” متفق عليه. - ثالثا أن يستبشر خيرا بها إن شاء الله قال صلى الله عليه وسلم (الرؤيا الصالحة من الله والحلم من الشيطان) رواه مسلم
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله (المنامات والمرائي تنقسم إلى ثلاث أقسام: رؤيا محبوبة ورؤيا مكروهة ورؤيا عبارة عن أشياء ليس لها معنى) [2]رياض الصالحين للنووي رحمه الله ص 170.
وهذا ما يأكده حديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال (الرؤيا ثلاث فرؤيا حق ورؤيا يحدث الرجل بها نفسه ورؤيا تحزين من الشيطان.) رواه الترمذي وهو حسن صحيح.
مساحة إعلانية
فقول ابن عثيمين رحمه الله (رؤيا عبارة عن أشياء ليس لها معنى) هو ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم (ورؤيا يحدث الرجل بها نفسه) وتسمى أضغاث أحلام ولا تفسر أصلا أي تكون مشتتة وصاحبها لا يقدر على فهمها وكيف يرويها من بدايتها لكثرة الأحداث فيها أو التي يفكر فيها نهارا وما يتخوف منه ومن هذه الرؤيا ما تكون غالبا في وضح النهار بعد طلوع الشمس وبعد العصر وبين المغرب والعشاء تقريبا هذه الأوقات من نام فيها لا تفسر أحلامه والله أعلم.
والأسباب التي تجعل من المسلم يحلم بالمنامات المزعجة هي نقص الأذكار الليلية وقراءة القرآن الكريم فالمعوذتين وآية الكرسي تكفيانه من كل ليلة مع الأدعية الثابتة بالكتاب والسنة والإستغفار والصلاة على النبي المختار صلى الله عليه وسلم.
قال صلى الله عليه وسلم (إذا اقتربَ الزَّمانُ لم تَكَدْ رؤيا المؤمنِ تَكْذبُ ، وأصدقُهُم رؤيا أصدقُهُم حديثًا) رواه أبو هريرة.
إذا هنا الرؤيا لها شروط والنبي صلى الله عليه وسلم ذكر منها الصدق في القول وكذلك من شروطها الإخلاص في الفعل مع الله وهي الطاعة والعبادة ومنها الدعاء فالنبي صلى الله عليه وسلم قال (رؤيا المؤمن) ولم يقل رؤيا المسلم لأن المسلمين درجات في الإيمان وأهمها الصدق والإخلاص.
قال صلى الله عليه وسلم (من رآني في المنام فقد رآني حقا فإن الشيطان لا يتمثل بي) رواه الشيخان وغيرهم.
لكن لرؤية الرسول صلى الله عليه وسلم تحتاج إلى أفعال منا وهي إتباعه وحبه والاقتداء به والصلاة عليه. إلخ.
قال تعالى (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ) [يوسف 4]
عن ابن عباس رضي الله عنه قال (إن رؤيا الأنبياء وحي) رواه البخاري. وقال تعالى (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ۖ وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا) [يوسف 100].
ومدة تحقيق رؤيا سيدنا يوسف عليه السلام كانت ما يقارب حوالي أربعون سنة ولهذا لا يشترط للرائي أن يتحقق حلمه في تلك السنة قد يطول الزمن لسنوات كثيرة لهذا البشارة من الله تحتاج صبر عليها وتقديم الأسباب لها ولا يعقل أن يتوكل على الرؤيا ويترك العمل والسعي لتحقيقها والمقاومة لأجلها والأحسن المبادرة إلى ما ينفع وثقته بالله أكبر.
ومن أحسن الرؤيا تأويلا هي رؤية التنقل والسفر في سيارات ووسائل النقل لأنها تشير إلى الإنتقال من حال إلى أحسن الأحوال وكذلك أكل الفواكه والحلويات بأقلية لأنها رزق دائم أو قادم الرائي وكذلك رؤية دخول المسجد فهي تعبر عن الأمن والأمان الرائي في حياته أو الراحة من همومه وهناك أشياء كثيرة ترى لها تفسير يملأ القلوب فرحا وسرورا لسماعها وكل تفسير على حالة الرائي فالمتزوج ليس كالأعزب والمريض ليس كالسليم. إلخ.
وأما من الرؤيا التي لا تبشر بالخير لصاحبها كرؤية الكلاب وسماع نباحها والعقارب والأفاعي لأنها ترمز للغدر أو الخيانة والعداوة.
قال صلى الله عليه وسلم (الرؤيا من الله والحلم من الشيطان فإذا رأى أحدكم شيئا يكرهه فلينفث عن يساره ثلاث مرات وليستعذ بالله من شرها فإنها لا تضره) عن أبي قتادة.
وهناك بعض الرؤيا قد يخيل للرائي أنها خير وهي عكس وهناك من يراها شر وهي خير وهناك نوع من الرؤيا قد تكون إنذار له أو علامة شر قادم إليه ليحذر منها ويحتاط أو يرجع إلى طريق الرشد والصواب بسبب معاصيه وذنوبه لعله يتدارك الأمر قبل رحيله من الدنيا إلى الآخرة فإن الحلم الحقيقي هو عندما نستيقظ فنجد أنفسنا في القبور تظهر حقيقة الحياة أنها شبه ساعة أو حلم ليلة فيومها من قدم وجد ومن إستخف بالآخرة يهان في دار الهوان ختاما.
النبي الكريم صلى الله عليه وسلم حذر من أمر قد يغفل عنه الناس وقال (إنَّ من أفْرَى الفِرَى أنْ يُرِيَ عَيْنَيْهِ في المنامِ ما لَمْ تَرَيا) رواه عبدالله بن عمر.
والفرى بمعنى الإفتراء وهو أن تقول رأيت ورأيت وهو كاذب لم يرى شيئا في منامه أو يقول لفلان رأيتك كذا وكذا ليزعزع قلبه خوفا أو تهديدا من أجل مصلحة خاصة والله المستعان.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله محمدا النبي الأمين صلى الله عليه وسلم في الأولين والآخرين.
بقلم شعيب ناصري
(تفسير الأحلام وأحكام الرؤيا)
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
شعيب ناصري من الجزائر. تحصل على العديد من الشهادات المهنية والحرفية يهوى المطالعة وحب الكتابة، وألف كتاب “وباء كورونا بين الواقع والإسلام” وشارك في عدة مجلات ورقية وإلكترونية.
الملاحظات أو المصادر
↑1 | الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند | الصفحة أو الرقم : 24977 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه أحمد (24977) واللفظ له، والدارقطني في ((المؤتلف والمختلف)) (1/177)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (4750). الدرر السنية |
---|---|
↑2 | رياض الصالحين للنووي رحمه الله ص 170 |