“يبدأ الحب الحقيقي عندما لا نتوقع شيئا في المقابل” أنطوان دي سانت أسكوبيري. (الحب غير المشروط)
معنى الحب غير المشروط
هل سمعت بهذا التعريف من قبل؟ ما معنى أن أحب بدون شروط؟ هل هذا نوع من التضحية؟ هل هو شيء مثالي رومانسي وغير واقعي؟ ولماذا قد نختار أن نحب بدون شروط في الأساس؟ ما الاستفادة من ذلك؟ وكيف نصل إلى ذلك؟
قبل أن تحكم ان كنت مع أم ضد هذا النوع من الحب؛ دعنا نعرفه أولا.
ما هو الحب غير المشروط؟
الحب غير المشروط هو أن تحب الآخر رغم عيوبه ورغم ظروفه. هو أن تحب دون أن تنتظر شيئا من هذا الآخر، ولا حتى أن يبادلك نفس المشاعر؛ فالحب في ذاته شعور جيد، بل هو الشعور الأفضل على الإطلاق؛ ماذا تنتظر بعد ذلك إذًا!
هل الحب غير المشروط تضحية؟
قد يتبادر إلى ذهنك في البداية أن هذا النوع من الحب سيجعلك تضحي بذاتك وبكل ما لديك من أجل الآخر دون استفادة في المقابل. ورغم أن هناك من يفعل ذلك بالفعل دون ضجر أو سخط، مثلما نفعل مع أبنائنا، ولكن هذه حالة خاصة جدًا وهى ليست مقصدنا الآن.
في الحقيقة أنت تشعر بأنك تضحي، عندما تبذل مما لديك في انتظار الحصول على شيء ما. في هذه الحالة أنت تشعر بالاحتياج، وهذا ليس حبًا حقيقيًا.
الحب الحقيقي غير المشروط ينبع من كونك تشعر بالامتلاء والاكتمال. هنا أنت لست في احتياج للآخر، ولكنك تحبه. أنت تحبه لأنك رأيت فيه شيئًا ما يميزه في عينك عن الآخرين. أنت تحبه لأن مجرد وجوده يُشعرك بالارتياح، ويٌشعرك بأن العالم لا يزال بخير، وأن في هذه الدنيا ما يستحق أن يُعاش من أجله، ولأنك مهما قاسيت من الحياة فإنك تعلم أن هناك ما سيجعلك تحتملها. سوف تواصل يومك رغم الضغوط. ستنام دون أن تتساءل ما جدوى ما أفعل ولماذا سأستيقظ في الصباح لأفعل ما أفعله كل يوم. لن يكون يومك مملا وسوف تشعر بالحماس للقيام بعملك وتقديم المساعدة للآخرين حتى وإن كنت لا تعرفهم.
الحب غير المشروط هو أن تستطيع أن ترى الجمال دون الرغبة في الحصول عليه.
مساحة إعلانية
لماذا إذًا ينتقد البعض الحب غير المشروط؟
قد يتجه البعض لنقد هذا النوع من الحب ومن يؤمنون به؛ لاعتقادهم أنه غير واقعي وشديد المثالية. ولكنك في نفس الوقت ان سألتهم عن مفهوم التسامح والرحمة وتقبل الآخر فسوف يجيبونك بأنهم بالطبع يشجعون هذه المبادئ ويدعون اليها ويرون أنها جميلة.
اذًا من أين تأتي المشكلة؟ المشكلة في الخلط بين معنى الحب غير المشروط والعلاقة غير المشروطة.
العلاقات الانسانية لا تصح ولا تدوم إلا بشروط. وهذا لا يتعارض مع الحب. فأنا قد أحبك لكنني أرى أن من الأفضل أن أبتعد عنك. قد أحبك ولا أظهر لك ذلك. وفي كل الأحوال أظل أحبك ولا يتغير شيء.
أما أن يعتمد الشخص على هذا الحب ويتجاوز حدوده مع الآخر؛ فهو بذلك يدمر العلاقة بينهما. ما معنى أن يكون لك صديق، ولأنه يحبك وتحبه، فإنه يلغي الحدود تمامًا بينكما؛ فمثلا يتصل بك هاتفيا في الخامسة فجرا لمجرد أنه يشعر بالأرق ويريد أن يحكي لك عن يومه! أنت تحبه ولكنك تريد أن تنام الآن! أو أن يطلب منك أموالا ويعدُك بردها ولا يردها، أو أن يجبرك أن تشاركه سلوك ما أنت ترفضه، وإن لم تفعل فسوف يغضب منك. وغيرها كثير من الأمثلة.
إن إلغاء الشروط والحدود في العلاقات يفسدها ويدمرها. أنت وإن تحملت صديقك مرة، فلن تستطيع تحمله كل مرة. وإن ضحيت من أجله فسوف تنهار أنت في النهاية وربما لن يشعر هو بشيء. بل في الغالب سوف يعتبر ما كنت تفعل من أجله حقا مكتسبًا وأمرًا طبيعيًا.
ويمكننا أن نلخص الأمر كالآتي: وضع الحدود في العلاقات أمر واجب. العلاقات لابد أن تكون مشروطة. أما الحب فلا حدود له ولا شروط.
سلوى ناجي
(الحب غير المشروط)
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
سلوى ناجي من مصر. تخرجت من كلية التربية جامعة عين شمس، الأولى على قسم اللغة الإنجليزية. كما درست “المناهج وطرق التدريس”، ثم اتجهت لكتابة الشعر والمقالات الاجتماعية.