العنف ضد المرأة العربية

صار من المألوف أن نشهد جرائم عنف مشينة ومروعة بأبشع الطرق بحق المرأة العربية، بذريعة أن البنت هي الحلقة الأضعف بين خلق الله، وأن البنت هي مقياس لشرف العائلة المصونة. لذا موضوعنا: العنف ضد المرأة العربية.

العنف ضد المرأة العربية
Rights Watch Blog | La veille sur les droits

لا تستضعفِ.. رسالتي لكِ

مرحبًا عزيزتي..

أعلم جيدًا عندما تقرأين هذا المكتوب، تكونين مُعنفة مُنهكة مُستضعفة، وعاجزة تمامًا، إما في بيت العائلة أو في بيت الزوجية.

توجد كدمات على وجهكِ أو جسدكِ إزاء التعنيف والظلم الذي تعرضتِ إليه من أقرب الناس لكِ، وهذا أكثر ما يؤلمك!

تلك الكدمات تركت أثرًا واضحًا عليكِ مدى الحياة، تدلُ على مرارةِ العيش التي ذقتِها في حياتكِ وأنتِ تترقبين بكل حسرةٍ يد عون تمددُ إليكِ لكي تخلصكِ من هذا العذاب، أو بالأحرى، الجحيم الذي مررتِ به، ولكن لا حياة لمن تنادي!

قد تنصدمين من ذلك، وتجدين نفسكِ وحيدة، ويصيبكِ اليأس والأحباط. وقد تُفكرين في كيفية التخلص من هذا الوضع المزري السيء الذي فُرض عليكِ بسبب بعض العادات والتقاليد والأعراف البالية السائدة في مجتمعكِ الذي لا يرحمكِ، بذريعة أنكِ بنت، لا حول ولا قوة لديك غير الخضوع لهم، وتقبلكِ للواقع كحال الكثيرات!

فليس باليد حيلة.

هذه المواريث الاجتماعية دمرتكِ، ودفعتِ ثمنها أنتِ لا غير، تنادين وتنادين، وهل من مستجيب؟!

إيقانكِ في غياب التشريعات القانونية الضامنة لحقوقكِ زاد وضعكِ سوءًا بعد سوء.

والآن طفح الكيل. قد تفكرين في الانتحار لتتخلصي من هذه المآسي والويلات. أو قد تفكرين في الهرب أو في ارتكاب جريمة ما! لا سمح الله. أدرك بأن قلبكِ يتألم الآن. وروحكِ لا تستطيع التحمل، ولا تتمكني من أن تقهري الفوضى التي بداخلكِ.

لكن مهلًا يا عزيزتي، انتظري لحظة! نعلمُ أنكِ في وضع مؤلم، قد سَلبتِ قلوبنا وتعاطفنا معكِ، ونحن نفهمكِ جيدًا، ونشعر بأنكِ عندما تتقبلين الإهانة والضرب، بحجةِ أنكِ أضعف ما خلق الله (حاشا لله).

انتبهي لي، كوني واعية وتمردي على الألم بعد الضعف، بعقلانية. صدقيني يا عزيزتي قد تتولد بداخلكِ قوةٌ عظيمة.
فقط ضعي أملكِ بالرب قويًا، وآمني به، وهو سوف يدلكِ على الدرب الذي سوف تسلكينه.
فهو الوحيد بجانبكِ ولو الجميع قد تخلى عنكِ، فلا تنسي ذلك، وتذكري دائمًا وأبدًا بأن الرب معكِ.

لا تسكتين عن حقكِ مهما حصل، ودعي العالم بأسره يسمع صوتكِ.

إقرأ أيضاً:  فيض الخاطر

جرائم العنف ضد المرأة لا تنتهي في عالمنا العربي

يأتي هذا الأمر في ظل غياب شبه تام لدور الجهات المختصة، وكذلك التشريعات الضامنة لحقوق المرأة العربية، التي باتت حبرًا على ورق في أغلب الأحيان.

فيحدث ما يحدث. في النهاية إنها مجرد بنت ليس بيدها حيلة إلا والتعايش مع هذا الوضع المزري، وتقبله.

وخلافًا لذلك، ستكون حياتها الثمن، ليتم بذلك تطهير شرف العائلة، يا لها من سخرية!

الخزي والعار لكم أنتم لما يكون مقياس الشرف بالنسبة لكم بين أفرج النساء، تعنفون بناتكم وتنظرون في ذلك تأديبًا لهن! فأنتم لا تستحقون الحياة حتى. لماذا قلوبكم قاسية؟ صلبة كالحجر؟ أدمغتكم ضالة هكذا؟

لا تحدثونني عن بعض العادات والتقاليد البالية والمواريث الاجتماعية التي تُقلل من شأن المرأة والتي ورثتموها من أجداد أجدادكم بحسب قولكم. أفيقو من ضالتكم هذه.

ها نحن اليوم في العام ٢٠٢١ يا سادة!

لكل زمان ومكان سياق معين يرتبط به الإنسان ويتبعه، يختلف جذريًا عما كان عليه الإنسان من مئات بل وآلاف السنين.
عصرنا اليوم يختلف عن عصر أجداد أجدادنا.

بالرغم من ذلك، ما زالت جرائم العنف تجوب عالمنا العربي، وفي جُعبتها الكثيرات، يقعن ضحايا الجهل والتخلف الذي بات يُلاحقنا في كل جهة نخطو إليها، ولا أحد يحرك ساكنًا!
ألا يكفي؟ ألا تخافون الله بأفعالكم البشعة؟
يكفيكم ظلمًا واستبدادًا. إلى متى؟!

العنف ضد المرأة العربية
الباروميتر العربي – مصدر [1]العنف الأسري ضد المرأة: مدى انتشاره – اضغط هنا

من خلال منبر المقالة..

باسمي وباسم الكثيرات، نُطالبُ بتفعيل وتشريع قانون مناهضة العنف الأسري، ولتكون هناك قوانين صارمة رادعة بخصوص ذلك، والالتزام بها، فالقانون فوق الجميع، أليس كذلك؟ أم ماذا؟
وفي النهاية من أمن العقاب أساء الأدب.

إيناس فيصل
تحيات..

 

إقرأ أيضاً:  حرية الضمير


لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:



هذه المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن منصة المقالة.


مساحة إعلانية


 

الملاحظات أو المصادر

الملاحظات أو المصادر
1 العنف الأسري ضد المرأة: مدى انتشاره – اضغط هنا
⇐ لا تنس عمل مشاركة (Share)

المقالة التالية

بين نظرية إرادة العيش وخرافة تجاذب الأضداد

الخميس مايو 20 , 2021
تمت قراءته: 2٬366 في كتابه “عزاءات الفلسفة” [1]كتاب عزاءات الفلسفة، آلان دو بوتون، 2019. يتحدث “آلان دو بوتون” في الفصل قبل الأخير عن العزاء بشأن انكسارات القلب، ويتناول في هذا الفصل “نظرية إرادة العيش” للفيلسوف “شوبنهازر”. ما هي إرادة العيش عند شوبنهاور؟ يرى أن بداخل كل فرد ما يسمى بإرادة […]
إرادة العيش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: رجاء عدم محاولة النسخ، وعمل مشاركة/شير أو استخدم رابط صفحة المقالة كمرجع في موقعك - جميع الحقوق محفوظة لمنصة المقالة