قال تعالى (. وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ) [الشعراء 227] والمظالم قد تبدأ بين الناس فيما بينهم مثل الرجل يظلم زوجته أو عماله أو أولاده أو والديه أو إخوته أو جيرانه أو أصحابه أو العكس وكذلك الحاكم يظلم رعيته أو بين الإنسان والحيوان. إلخ. (الفوارق بين الظالم والمظلوم من الجمع والمعلوم)
وكذلك الحيوانات فيما بينها لقوله صلى الله عليه وسلم (لَتُؤَدُّنَّ الحُقُوقَ إلى أهْلِها يَومَ القِيامَةِ، حتَّى يُقادَ لِلشّاةِ الجَلْحاءِ، مِنَ الشَّاةِ القَرْناءِ.) [1]الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم. الدرر السنية
والظلم يكون أيضا بين الجن والإنس ولهذا وجب قراءة الأذكار والأدعية اليومية من أجل التحصين.
وأيضا الظلم بين الإنسان ونفسه فيظلمها في الحرمان من أمور الدين ومنافع الدنيا وعكس الظلم هو العدل والجمع بين الظالم والمظلوم هي كلمة الحق فالظالم تجده يحاول طمس الحقائق والمظلوم يحاول إظهار الحق أمام الباطل وتحقيق العدالة الدنيوية.
أنواع الظلم
منه الظلم القولي أي باللسان ومنه الظلم الفعلي أي باليد أو بالحركات القاسية كالغمز واللمز. إلخ.
الظلم الفعلي
فيظلم الشخص الآخرين في أخذ حقوقهم من المال أو غيرها أو ضربهم أو إحتقارهم بالعين المجردة وكذلك منه الظلم للحيوانات والطيور بالتجويع أو التعذيب أو الإساءة إليه من سوء المعاملة ومنه ظلم الإنسان للطبيعة حينما يقوم بقطع الأغصان للشجر وغلق الطرق على المارة من الناس ورمي “المزابل” في كل مكان وتلويث البيئة بالحرائق المتكررة. إلخ.
ومن الظلم الكبير عندما يظلم الإنسان نفسه بنفسه في حياته فيحرمها من أشياء هو قادر عليها كالزواج والأكل والشرب واللباس وتعلم العلم النافع، وحتى العمل: من وجد عملا واستكبر عليه يعتبر ظُلم للنفس.
وأخطر أنواع الظلم هو ترك الطاعة وفعل المعصية وهو أشد أنواع الظلم فمن منا يتحمل عذاب القبر أو عذاب جهنم عفانا الله منهما وإياكم.
فالظلم كمن يسير في ظلمة لا نور له فيها وهو لا يعلم أين يسير فقد ينجو وقد يسقط في إحدى الحفر ونجاة الظالم لا تكون إلا بالتوبة النصوح والإصلاح والإعتذار من المظلوم؛ فإن الظالم ضعيف ولهذا يخاف من المظلوم فيظلمه كي لا يقوى عليه يوما ما نعم إنه ضعيف؛ ضعيف الإيمان وقليل الصبر وضعيف النفس وضعيف القدرة والمنافسة فتجده يغار ويحترق بداخله ولا يتحمل ذلك وهو ضعيف العقل والتفكير أيضا ولا بصيرة له فهو كالأعمى والظالم يشبه الشمعة تذوب بعد إحراق نفسها وكذلك هو إنه جاهل حتى لو تحصل على أعلى الشهادات من أرقى الجامعات فظلمه لن يدوم طويلا مهما عاش دهرا من عمره.
مساحة إعلانية
الحسد طريق إلى الظلم
الحسد يبدأ بالغيرة من الناجح ثم بالكراهية له ثم بتمني زوال النعمة عليه وبعدها تصل إلى معاداته بدون سبب وآخيرا إلى محاولة قتله أو ظلمه. إلخ. وهذا كله بسبب الحسد والغيرة الزائدة، فالغيرة نوعان:
- مذمومة.
- محمودة.
- فالمذمومة لا تصح لأنها تؤدي إلى الحقد والكراهية والظلم.
- أما المحمودة فلا بأس بها لأنها تخلق المنافسة بين الفاشل والناجح فيما بينهما.
ومن أسلحة الشيطان الحسد بين الناس والحرص على الدنيا وهذه كافية لزرع العداوة والبغضاء في قلوبهم فيكون طرفا ظالما والآخر مظلوما وقد قسم العلماء الذنوب إلى أربعة أقسام ومنها (ملكية وشيطانية وسبعية وبهيمية) والظلم يصنف فيهم جميعا أما الملكية مثل الطغيان والتجبر على الضعفاء وإستعبادهم كما فعل فرعون وأمثاله وأما الشيطانية مثل الإفساد والخداع والمكر والغش وأما السبعية كالقتل والعدوان وأما البهيمية فهي كالإغتصاب من أجل الشهوة أو السرقة من أجل النفس.
الظلم القولي
فالذي يتكلم في أعراض الناس هذا ظالم في حقهم بلسانه آثم على أقواله تضيع حسناتك بنفسك وتهديها لغيرك وتحمل أوزارهم على كتفك يوم القيامة. ومنها سب الناس أيضا، ولي كتاب يعالج قضايا معاصي اللسان وذنوبه المعنون بجامع الألفاظ بين الخطأ والصواب في جزئه الأول الكتاب إلكتروني موجود في مكتبة فولة بوك.
مساحة إعلانية
العبرة – الظالم والمظلوم
فيا أيها المظلوم إن كان هناك أناس يتكلمون في عرضك وشرفك من وراء ظهرك فاعلم أنك في المقدمة فواصل المسيرة فأنت مثل الغني يتحدث عنه الفقراء ويتمنون مكانته لأنفسهم إذا من يتكلم عنك بالسوء فذاك يتمنى مكانتك وأنت لا تدري لأنك تركته في الخلف ينبح فكن كالأسد ولا تعطي قيمة للحسد مهما كان؛ وفائدة كلام الناس الجارح في حقك اليوم تجده غدا عند الحساب جبال من الحسنات من غير تعب ولا مجهود أو تمحى عنك سيئاتك لتتحول لصفحاتهم بسبب كلامهم السئ في عرضك فهذا طبق من ذهب أن تذنب أنت اليوم ويأتي من يحمل وزرك غدا يومها لا ينفع درهم ولا دينار.
الخلاصة – الظالم والمظلوم
فالظلم القولي كالتعدي على الناس لفظا وتجريح المشاعر وإهانتهم أمام الملأ ومن الظلم الفعلي كالإحتقار باليد أو بالحركات والزور والتي تكون غالبا في قضايا الميراث بين الإخوة فيقوم أحدهم بالتحايل على البقية ليأخذ كل شئ لوحده زورا وظلما الله المستعان.
الخاتمة – الظالم والمظلوم
للظلم نهاية معلومة وكما تدين تدان فالظلم عقابه عاجل غير اجل والمظلوم حقه لن يضيع فخالقه لم يتركه عندما كان رضيع فهذا هو المعلوم والمظالم حرمها رب العوالم فالظلم لونه أسود لا نور فيه ولا بياض ولا نجاة لصاحبه منه وأقبح الظلم هو أن يشرك العبد في عبادته لربه عز وجل فهو المعبود بلا واسطة ولا شريك له في العبودية تجلت ألوهيته في السماء والأرض وتقدست أسمائه وصفاته بلا مثيل.
فالظالم كالعود المحترق لن يعود غصنا ولا يسلم من قام بلمسه من شدة تلونه بالرماد فتتلطخ اليد بسواده والتوبة من ظلم لا تكون إلا بإرجاع حقوق الناس لأهلها المظلومين والإعتذار لهم في الدنيا قبل موعد الرحيل فلا تجدهم يومها تجاهك أسرع ولا تكن من الغافلين الذين يكونون يوم القيامة من النادمين فالظلم ظلام في ظلام يملأه السواد الداكن بين سحب الإغواء.
شعيب ناصري
(الظالم والمظلوم)
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
شعيب ناصري من الجزائر. تحصل على العديد من الشهادات المهنية والحرفية يهوى المطالعة وحب الكتابة، وألف كتاب “وباء كورونا بين الواقع والإسلام” وشارك في عدة مجلات ورقية وإلكترونية.
الملاحظات أو المصادر
↑1 | الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم. الدرر السنية |
---|