كثيرا ما يجد الإنسان نفسه مراقبا لأفعال وأحوال الناس من حوله وقد ينتقد تصرفاتهم أو ردود أفعالهم تجاه مواقف وظروف بعينها. يكون وقتها قادر على الحكم على الأمور وتحديد الخطأ والصواب وكذلك المناسب والغير مناسب من منظور قيمي بحت. يرى في نفسه من الفطنة ما يكفي لتخطي تلك المواقف بكل سهولة ويظن أنه مختلفا عمن حوله ويرى الصورة بكل وضوح. ليصدر أحكاما على الآخرين بالتقصير أو بالنقص أو بقلة الخبرة والذكاء. (الحكم على الآخرين)
أحيانا يوجد لهم أعذارا وأحيانا أخرى يكيل لهم الإتهامات كما لو كان قاضيا يمسك بميزان المثل والقيم، متغافلا أية عوامل أخرى ساهمت في إتخاذ قرار معين والإطار الزمني وقت وقوع تلك المواقف.
مساحة إعلانية
يتفاعل الإنسان في الحياة وتمر الأيام وتدور الدوائر ليجد نفسه في نفس ذات المواقف التي استبعد حدوثها له واستسهل التعامل والتعاطى معها. فتراه يختار ما اختاره من كانوا مخطئون في نظره سابقا متفاعلا ومتخذا قرارات مشابهة بصورة أو بأخرى للتي كانت محل إنتقاده. غيرعابئ بالأحكام التي أطلقها على الأخرين سلفا، متصالحا مع نفسه بكل أريحية ناتجة عن فلسفة لحظية للتبرير.
لو بحثنا الأمر من منظور أوسع وأشمل ونحينا الإطار الزمني جانبا قد نستوعب أن البشر في النهاية خياراتهم غالبا واحدة ومتشابهة إلى حد كبير، ما يفرقهم فقط هو الموقع والدور الذي يلعبه كل منهم في محيطه. تلك حقيقة لو أدركنها لأزيل الكثير من الإلتباس ووضحت الكثير من المعاني.
أخبرنا الله عز وجل في كتابه عن الأقوام السابقة وحدثنا عن قصصهم وأخبارهم وكيف كانت اختياراتهم وما هي عاقبة أمرهم لتكون لنا عبرة وعظة *لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ۗ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * [يوسف 111]
نسترشد من خلالها كيف نتصرف ونسير في حياتنا. يعلم الله أننا سنمر بنفس المواقف ونتعرض لنفس الإختبارات بصورة أو بأخرى ومن لطفه وكرمه بنا أعطانا الدليل الإسترشادي في قرآنه المجيد وسنة رسوله الكريم. نستطيع من خلالهما فك طلاسم الحياة ونرى الأشياء على حقيقتها من غير لبس او زيف.
يكون لنا التمسك بحبل الله هو طوق النجاة من كل الفتن والسبيل إلى اجتياز كل الاختبارات. فكلما اقتربنا هدانا الله بإسمه الهادي إلى كل ما هو صحيح من قول أو فعل وكلما ابتعدنا زاد التيه والضلال. الأمر كله بيده جلى وعلى ليست أبدا ألمعية من أحد بل من فضل الله ونعمته.
آمال حافظ
(الحكم على الآخرين)
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
آمال حافظ من مصر. تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية. عملت في مجال إدارة الفنون وتنظيم المعارض. كما شاركت في فعاليات ثقافية بمنظمات المجتمع المدني ولها دراسات متعددة في مجال الإعلام.