لماذا كانت قصة سيدنا موسى من أكثر القصص ذكرا في القرآن الكريم؟
قصة سيدنا موسى عليه السلام من أكثر القصص ذكرا في القرآن الكريم. فقد ورد اسم سيدنا موسى عليه السلام 136 مرة في 34 سورة. و ذكر الله لنا أيضا قصة سيدنا موسى وقومه مع فرعون 20 مرة في القرآن الكريم. فلماذا كانت تلك القصة الأوفر نصيبا والأكثر ذكرا من الله عز و جل لنا؟
هذا الأمر تحديدا يحتاج منا مزيدا من التدبر و التفكر و محاولة لفهم المغزى. أمرنا الله عز وجل بالتدبر و إعمال العقل لفهم رسائله لنا في كتابه الكريم كله. و لما كانت هذه القصة أكثر ذكرا فبالتأكيد أن بها رسائل هامة عديدة سنظل دائما جاهدين في محاولة استنباطها و فهمها. سنحاول البدء معا في النظر إلى هذه القصة من أبعاد مختلفة.
تدبر معي لماذا قال الله عز وجل في ذكر قوم فرعون “فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ” [الزخرف 56] ؟
دعنا نتأمل قليلا في جزء منها. كان فرعون حريص كل الحرص على ثبات ملكه و استقراره و يخشى على إحكام سيطرته من الضعف و التفكك و انفراط العقد بخروج بني إسرائيل مع سيدنا موسى. كان يستخف قومه و يخاف أن يبدل سيدنا موسى دينهم! ويذهب بطريقتهم المثلى التى حددها فرعون لهم وفقا لأهوائه. و لا تتعجب حينما تعلم أنه كان يحذرهم من سيدنا موسى كليم الله فهو من وجهة نظره يظهر في الأرض الفساد! و لما لا ففرعون كان يرى نفسه أنه يعمر في الأرض ويبني الصروح وله الملك وتجري الأنهار من تحته كما يرى الجميع.
مساحة إعلانية
كان يقول لشعبه إني أهديكم سبيل الرشاد ، كان لا يريهم إلا ما يرى هو، و لكن الله يرى أن عمل فرعون هو عين الإفساد في الأرض. وصف الله لنا قومه الذين أطاعوه أنهم كانوا قوما فاسقين ( لأنهم أطاعوه ورأوا ما يرى). أراهم الله الآيات التسع البينات على يد سيدنا موسى و تيقنوا منها لكن جحدوا بها. و خيل لفرعون سلطانه أن مظهر الآيات يمكن استضعافه هو وقومه.
فاستعبد فرعون بني إسرائيل ذبح أبنائهم و استحى نسائهم و كان في ذلك بلاء عظيم كما أوضح لنا رب العزة. بمنظور اليوم فرعون يمتلك كل شيء، المال و السلطة و القبضة الحديدية، أما سيدنا موسى فقير مستضعف يهين و لا يكاد يبين كما قال فرعون. فلمن الغلبة؟ نهاية القصة يعرفها الجميع لكن أحد أبعادها هنا هو “الاستضعاف” فقد أخبرنا الله في محكم آياته أن هذا الاستضعاف كان سببا في المن و الفضل و النعمة.
(وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۖ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا ۖ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ) [ الأعراف 137]
آمال حافظ
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
آمال حافظ من مصر. تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية. عملت في مجال إدارة الفنون وتنظيم المعارض. كما شاركت في فعاليات ثقافية بمنظمات المجتمع المدني ولها دراسات متعددة في مجال الإعلام.