أصبح عالمنا غريب على أصحاب الأخلاق فلقد أصبح كساحة كبيرة لا تسع ولا تستوعب إلا أصحاب المنازعات والتراشقات والخصومات وكأن هذه الساحة ضاقت على أصحاب القيم والأخلاق. فالكل يدعي الطهارة والإخلاص ويبرع في إلقاء اللوم والتهم لغيره. (الأخلاق في الإسلام)
فالحكومات تلقي لومًا كبيرًا على الرعية والرعية صوتها يبلغ عنان السماء من الحكومات. والدكتور في جامعته والمعلم بمدرسته يئن كلاهما من سوء الأخلاق وكثرة العثرات ومن ضيق الأحوال. والطالب يشكو تجارة معلمه بالعلم، وتحديد المستقبل متعلق تعلقًا كليًا بمن اشترى من الدكتور الكتب والأوراق والملخصات.
حتى العامل بمصنعه أو ورشته الصغيرة يشكو من صاحب العمل وصاحب العمل صراخه ملأ الآفاق. والرجل يشكو سوء خلق زوجه ومكوثها على مواقع التواصل بالساعات متجاهلة حقوقه تاركة تربية الأولاد. والزوجة تئن من اهمال زوجها ومكوثه خارج البيت كثيرًا من الأوقات حتى لو جمعهم سقف بيت فالكل مشغول بهاتفه وقراءة الأخبار وتصفح المواقع والصفحات.
وبالرغم من ذلك لا تناقش أحدهم إلا وقدم لك المبررات وألقى اللوم على غيره حيث إن صدره لا يتسع لمثل هذه النقاشات.
وغالب هذه الأمور تحدث لعزوف الناس عن طلب العلم وما يُصلِح أحوالهم واهتموا بعلوم لا تسمن ولا تغني من جوع.
عزف الناس عن طلب العلم – الأخلاق في الإسلام
وبالرغم من وفرة الوسائل العلمية وانتشار العلم في كل مكان إلا أن الناس عزفت عن طلبه وتعلقت القلوب بالأخبار والحروب والنزاعات فتكاد من بين المائة ترى واحدًا يتعلم ما ينفعه وينجيه من هم الدنيا وفي الآخرة من الكروبات.
فالإنشغال بالفضائح وهتك الستر أصبح سبيلًا لكثير من الناس. انشغلوا بعيوب غيرهم وتركوا اصلاح نفوسهم ونظروا إلى ذنوب العباد كأنهم أربابًا من دون الله ونسوا أنهم عبيدا لله الواحد القهار.
فإن أقبلوا على علم أقبلوا عليه ليجاروا به العلماء ويماروا به السفهاء. فعزفوا عن علم يزيدهم تواضعًا ويقربهم من عالم الأسرار.
فميادينهم غالبها للتناحر والتراشق واظهار قوة خلفها ضعف ثم ضعف ثم أوهام. كمثل السنبلة الفارغة التي تعلو وتعلو وتتباهى بعلوها على سنابل انحنت ومن الأرض اقتربت لكثير خير تحمله هذه المتواضعة من السنبلات.
فلو أنهم أقبلوا على علم نافع لرفعهم في الدنيا وكانوا في الأخرة من أصحاب المقامات.
فأمتنا أمة اقرأ وليست أمة مبررات – الأخلاق في الإسلام
ولقد مدح الله الذين ءامنوا والذين أتوا العلم ورفعهم درجات بقوله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)[سورة المجادلة 11] بل شهد النبي بأن ملائكة الرحمن لتضع أجنحتها لطالب العلم لما يصنع أيها الأحباب. وسهل الله طريق الجنة لمن سلك طريقا يلتمس به علما فلا تهدأوا يا أحباب. فأمتنا أمة اقرأ وليست أمة مبررات.
فدواء كثرة التبريرات وزيادة المنكرات
لا يكون إلا برفع جهل سيطر على كثير من العقول.
نحتاج أن يقوى إيماننا وتعلو هممنا وأن نسعى للعلم بسنة الرسول.
يحتاج الجميع أن يعلم إنه بين يدي ربه موقوف وإنه عن كل شيء مسؤول.
فصاحب المنصب سيُسأل وكذلك كل من في الرعية مسؤول.
والطالب سوف يسأل وكذلك سوف يسأل المعلم والدكتور.
وصاحب العمل سيُسأل وكذلك العامل مسؤول.
وهذا الزوج أحافظ أم ضيع فهو كل كبيرة وصغيرة مسؤول.
والزوجة هل صلت خمسها وصامت شهرها وأطاعت زوجها وعلمت أنها عند ربها ستُسأل هل حفظت أم ضيعت ما أوصى به الرسول.
ولنعلم أننا خير أمة لا لشيء إلا لأمر بمعروف ونهي عن منكر فاعتبروا يا أتباع الرسول. فالمنكر لا يزول إلا بكسب علم على هدي الرسول.
الله أسأل أن يمتعنا وإياكم بتحمل المسؤلية وترك التبريرات وتقليل المنكرات واتباع هدي الرسول. (الأخلاق في الإسلام)
كتبه
محمد خيري بدر
معلم بالتربية والتعليم بمصر
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
محمد خيري بدر من مصر. تخرج من معهد دراسات تكميلية بدمياط وعُين معلم بمدرسة ثانوية صناعية، وتوجه بعدها للقراءة والكتابة الاجتماعية، ومن هواياته الرسم.
زادك الله علما و إخلاصا
أستاذي وصديقي وناصح أمين
جمعنا الله واياكم في الفردوس الأعلى من الجنة
موضوعات حقا تحتاج للمناقشة
وخيرا ما كتبت
هدانا الله واياكم وزادنا علما ودينا
حفظكم ربي