من المعلوم أن الإنسان ضعيف وضعفه يكون ما بداخله وأساس حياة البشر هي القلب ومن القلب تكون الإنطلاقة لأي كان في هذه الدنيا فتبدأ الحياة من القلب إما إلى طريق الخير أو الشر. وكما وصف أحد الحكماء أن لكل عبد ذئبان داخله يقتتلان أحدهما أبيض والآخر أسود فالأبيض يدعو إلى الخير والأسود يدعو إلى الشر والعبد هو من يعين ذئبًا على الآخر فإن كان على الطاعة تكون الغلبة للذئب الأبيض وإن كان على المعصية كانت الغلبة للذئب الأسود، وهو له الإختيار أيهما يغذي. (الفشل والتعب)
ومن هذه الحكمة نبحث عن أهم الصراعات في قلوب الناس ومنها العمل فيتحدث الإنسان في قلبه أن العمل رزق من الله وقد لا يقدم الأسباب لإيجاد العمل فهذا خطأ والصواب هو أن يبحث عنه حتى يجده أما العامل فتحدثه نفسه أنه يعمل أكثر من جهده فعليه أن يستعمل الحيلة في المماطلة وهذا خطأ وغش أيضًا ومن العمل ما هو مؤلم فيتألم البدن بسببه فتحدثه نفسه بترك العمل نهائيًا. وهذا خطأ والصواب هو الإستمرار فيه حتى يجد خيرًا منه إن شاء الله وهناك من يحدث له حادث في العمل فيتمالكه الخوف وتحدثه نفسه بأنه سيهلك إن لم يعمل وأولاده قد يموتون بالجوع وهذا راجع إلى ضعف الإيمان ونقص الثقة بالله فهنا ما عليك سوى الرضا بقدر الله وحسن التوكل عليه فالرزق رزقان رزق تطلبه ورزق يطلبك هذا من أقوال الإمام علي رضي الله عنه فالله من خلقك وهو المتكفل بك. فقط ثق ولا تيأس من رحمته وهناك من يكون عمله في تجارة أو فلاحة فتحدثه نفسه وتخيفه بالخسارة فيها فيتراجع عن العمل.
- أولًا الخسارة تكون كما يكون الربح فيها.
- ثانيًا عليك بصلاة الاستخارة قبل أي مشروع.
- ثالثًا شاور أهل الإختصاص كيف يكون المشروع ناجحًا.
الفشل عكسه النجاح والتعب عكسه النشاط
فكما تنتظر الربح عليك قبول الخسارة كما أن هناك من يقوم بتجربة أولى وثانية ثم يأتيه الفشل المعنوي لأنه لم يصل إلى مبتغاه. نقول له: الناجحون لولا الفشل لما وصلو لما هم فيه الآن كما أن هناك فرق بين الفشل والتعب فالفشل هو إحباط المعنويات والتعب يكون بدنيًا. فالفشل عكسه النجاح والتعب عكسه النشاط، وكما أن التعب والفشل ينجبان الكسل فتجد رجلًا كان عاملًا يحب عمله فلما خسر تجارته أو منصبه يأس فتعب وفشل واستسلم للواقع ثم صار كسولًا لا يهتم بالعمل وتضيع حياته بسبب هذه الأفكار المحطمة للذات والقدرات فيتحول الكسل إلى أوهام ويبدأ يتكلم عن أشياء غريبة ينتظرها فيقول لك تخيل معي أن تجد ذهبًا أو مبلغا من المال كذا وكذا.
مساحة إعلانية
مرض الحقد والكراهية
وهكذا يوهم نفسه في عالم الخيال فتضيع منه أيام وشهور وربما سنوات من عمره وقد يصاب بالوسواس عندما يرى أصحابه بأولادهم وسياراتهم وبيوتهم وهو قد تقدم في السن فتحدثه نفسه بلهجة أخرى أنك الخاسر الأول فيتألم نفسيًا ومعنويًا وحتى بدنيا وحينها سيشعر بالمرض وهذا أخطر الصراعات الداخلية وهو مرض الحقد والكراهية وتمني الشر للآخرين فهي مصيبة المرء حقًا فتبدأ أفكاره التي كانت إيجابية تتحول عليه سلبًا فتسبب له الغضب الزائد والثورة الدمائية التي لا تنطفئ حتى يقع في بلاء لا مفر منه ولا ينفعه الندم حينها فكم رأينا من شاب كانت آمالهم كبيرة وكنا نراهم قدوة لنا فأصبحوا اليوم أسوأ الناس أخلاقًا بسبب تسرعهم وعدم تركيزهم في أهم القرارات التي اتخذوها في حياتهم اليومية والندم يولد إنفجار اللسان بالكلام الساخن فيخلط بين الحسن والقبيح في مجالسه فيهجره الناس ولا يجالسوه فلا يسلم من ألسنتهم بعدها بأنه أصبح مجنونًا أو كذا وكذا… إلخ فيراهم أعداء ظاهرين له ولا يأمنهم ولا يقبل منهم خيرًا أو نصيحة لأن نفسه وقتها سيطرت عليه فأصبح عبدًا مملوكًا لها.
فتحدثه تلك النفس الخادعة بأنهم يمكرون به فلا تبقى له ثقة بأحد منهم وأكبر صراع هو الذي يكون بين القلب والبطن فيأمرك البطن إذا جاع بالحرام لإشباعه فالقلب إما أن يتقبل أو يرفض فكرتها فإذا قبل وسار الإنسان إلى هواه ضاعت منه مروءته وكان عبدًا عاصيًا لله لا يهتم بالحلال أو الحرام مطيعًا للشيطان فعيشه لا طعم فيه ولا رائحة بعيدًا عن دينه مدمنًا على الشهوات يتخبط في المصائب لا يتذكر الموت على لسانه ظالمًا لنفسه وأهله لا ينهى عن المنكر ولا يأمر بالمعروف فيكون مغتابًا لأعراض الناس لأن قلبه لا يحس بالآخرين من شدة الحقد والغيرة التي لا تنفعه في حياته فلا يفرق بين الخير والشر ولا السنة بالبدعة ولا الحلال من الحرام فيموت القلب ويدفن في صدر صاحبه.
ختامًا
هذه الدنيا يعيش فيها الإنسان مرة واحدة فقط ولا يولد لها من جديد بعد موته. حياته تطوى في الماضي ثم يكون معدومًا كما كان قبل خلقه لا يعرفه أحد كن للعقل سيدًا ولا تكن للعواطف عبدًا لماذا لا تحول ضعفك إلى قوة وتثبت وجودك بين الناس فالعمر قصير مهما بلغ صاحبه سنًا.
بقلم شعيب ناصري
(الفشل والتعب)
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
شعيب ناصري من الجزائر. تحصل على العديد من الشهادات المهنية والحرفية يهوى المطالعة وحب الكتابة، وألف كتاب “وباء كورونا بين الواقع والإسلام” وشارك في عدة مجلات ورقية وإلكترونية.