يدفعك الفراغ لتُفكر بحكايات قديمة كثيرة وتبنى التقييمات لكل ما مر بك تقريبًا دون إرادة حقيقية منك، وكالأغلب سيفاجئك كم المؤجلات فى حياتك.
تجتاحني الآن رغبة أن أكتب عن هذه الفكرة الغريبة التى ربما طبقتها بلا وعى كامل أو وليكن أدق بلا توجه مقصود، فكرة عن التعامل مع الأفراد والشخصيات الجديدة فى حياتنا ، فلنضيع بعض الوقت فى تلك الفلسفة اللحظية. (العلاقات البشرية)
قديما كان الجميع لدي صالح. ربما حقاً لم أكن أعطى ثقتى إلا بالتجربة ومازلت إلا أننى لم أكن قط أظن السوء فيمن حولى حتى وإن أُخبرت بسوء أحدهم فالجميع صالح إلى أن يثبت العكس. والأكثر، كنت أفكر فى سعادة الجميع – بما تعنيه كلمة الجميع حتى وإن كان شخص ألتقيه فى تدريب لساعتين فقط أو شخص ألتقيه فى المواصلات لدقائق – وهذا كان يجعل كل قراراتى تقريبًا تتعلق بسعادة من حولي. كان الأمر أشبه بمن يحيا للآخرين وبالتالى كان يؤذيه جدًا أفعال وكلمات الآخرين حتى وإن أظهرت التجاهل والمضى قدمًا.
ومع تراكم الاحتكاك والقليل من التجارب بدأت نظرتى تتغير فلم يعد الجميع صالح، ولكنى أيضًا لم أفكر بسوء أحدهم فاتخذت موقف دفاعى دائم من الجميع كان يجعل من ينوي السوء يفكر قليلًا كيف سيكون رد فعلها؟ فيتأخر قرار الأذى حتى إن البعض كان يخشى مجابهتى لفعل قد يحمل أكثر من معنى، الحق أن تلك الهيبة منعت الكثير ولكنها أغرت الأكثر سوءًا فى التحدي ولكنى مع هذا ظل الجميع لدي صالح وظللت دومًا أُبادر بمساعدة الجميع حتى قبل أن يطلبوا.
(العلاقات البشرية)
مساحة إعلانية
كبرت قليلًا وكبرت التجارب وزاد السيئون فى الحياة أو ربما زادت قدرتى على رؤيتهم وتغيرت نظرتي للحياة فى أمور كثيرة ووجدتني أتساءل لما دومًا أُبادر؟ لما دومًا أقف على خشبة المسرح؟! لما لا أجلس قليلًا بين المشاهدين؟ والحق أني لا أجيد جلسة الجمهور فموقع المذيع والمنظم شغفي الخاص، ولكني أيضًا أحب التجربة والمغامرة فلما لا أجرب موقع المشاهد!
وهذا يعني أن تتفاجأ بما ترى ويُدهشك كم كنت مهمل لذاتك والأهم ستعرف من حقًا يُقدرك ويستحق دعمك ومن يستنزفك دومًا لأنك فقط تحبه أو تدعمه، في الواقع ستكتشف أمورًا كثيرة عن الآخرين ولكنك أيضًا ستعرف أنه غير مهم معرفة ذلك بل من الأفضل أن تظل تظنهم جميعًا الأفضل.
والأكثر ثمنًا فى هذا أنك تجلس فى موقع غير موقعك يؤذيك دومًا مجرد التواجد به ولكنك ستكتسب خبرات لانهائية فى تحليل الآخر وفهم الكثير عن معنى الصالح والسيء فليست الأمور “حدين” واضحين، بل على الأغلب تسود المنطقة الرمادية، القليل فقط هو من يظل مع تقلب الظروف ثابت فى منطقته (حتى الأشرار يذهبون للمنطقة البيضاء).
ومع تراكم الخبرات وتجربة مواقع الحياة المختلفة، والمرور بتجارب مختلفة منها الجيد والسيء ستبدأ فى أولى خطوات النضج دون وعي حقيقي منك. فى تلك المرحلة ستبدأ بالتصنيف فليس كل من يمر بنا يستحق جهد التفكير، عرفت في تلك المرحلة أن أصنف من يمر بحياتي إلى أربعة أصناف:
- الأول من يريد أن يدخل حياتي.
- الثاني من أريده أن يدخل حياتي.
- الثالث من تضعه الظروف جبرًا عني وعنه ليصبح فى حياتي.
- الرابع من لم يكن فى حياتي سوى عابر.
من الجلي بكل تأكيد أن الصنف الرابع هو الأفضل نفسيًا على الإطلاق، لأنه لن يأخذ حيز تفكير، بل يجب أن تذكر نفسك دومًا (سيمر لا داعي لبذل الجهد) فلا حاجة لإضافة الترسبات منه.
أما الثلاثة الأولى ربما ستختلف درجة الاهتمام بهم ولكنهم سيظلوا دومًا جزءًا منك.
فى الواقع ستفاجئك نفسك عندما تجلس لتفكر كيف يسير التعامل فى تلك المرحلة!
فى تلك الفترة لقد أتقنت دور الجمهور وأبدعت على خشبة المسرح فهى شغفك أصبحت لك القدرة على التنقل بينهم بسهولة، ستجدك تجلس متفرجًا تترك من أمامك يدلو بمكنوناته. لن يفهم من أمامك إن كنت (خيرًا أو شرًا) بل سيرى انعكاس ذاته.
#ندى_الصناديقى
(العلاقات البشرية)
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
ندى الصناديقي من مصر. تخرجت ندى من كلية العلوم بجامعة أسيوط، وكانت لها كتابات متنوعة منذ الصغر حتى أنها أسست نادى أدب بكليتها وساهمت فى بعض الحركات المجتمعية لتثقيف الشباب، ثم اتجهت بعد تخرجها للعمل الإعلامى، وهى تهوى القراءة والسفر.