زمن ولى – ذكاء المحمول
قبل أن نخوض في هذه المقالة، لا بأس أن نتحدث في افتتاحيتها عن العلاقات الإنسانية قبل ظهور المحمول أو الهواتف الذكية، وكيف كان الناس يتبادلون الزيارات فيما بينهم للإطمئنان على بعضهم، وكذلك عن الأجواء العائلية الجميلة والعائلة مجتمعة تشاهد التلفاز، أو تستمع لحكايات يرويها الجد أو الجدة، أو تتبادل أطراف الحديث فيما بينها في حميمية ودفئ بين أفراد الأسرة، هكذا عشنا وكنا نعيش ونحيي صلة الرحم فيما بيننا ونطمئن على بعضنا البعض. (ذكاء المحمول)
غزو من نوع آخر
إلى أن جاء المحمول أو الهاتف الذكي الذي أصبح يلعب دورا كبيرًا في حياة الأشخاص لكونه قرب المسافات، ولكنه باعد بين العائلات في البيت الواحد، حتى قل الحوار وكثر الإدمان على هذا الجهاز، فأصبح الكل مدمنًا على حمله، وبدلًا من الزيارات المتبادلة أصبحنا نكتفي بمكالمة هاتفية متبادلة للإطمئنان على أحبابنا وعائلاتنا، فالتعزية أو التهنئة أصبحت عبر الهاتف، إذ أصبح هذا الجهاز فردًا من حياة كل فرد.
نخاف عليه أن ينكسر أو أن يضيع، ولكن الانكسار الحقيقي هو ما خلفه من قطع لأواصر وروابط اجتماعية، وما ضاع هو لغة الحوار والتعبير، فنجد في العائلة الواحدة كل فرد في عزلة عن الآخر وهو ممسك بهاتفه بين يديه غائصًا في عالمه الخاص، وهذا ما أفقدنا القدرة على إجادة لغة الحوار وتجاذب أطراف الحديث داخل العائلة، وحتى داخل المجتمع، فأغلبنا يتفقد هاتفه المحمول طيلة الوقت منشغلًا بلعبة أو متصفحًا وسائل التواصل ليعيش كل فرد بعيدًا عن الآخر رغم التقارب، وهذا ما أدى إلى فقدان مهارات التواصل والحوار مع الآخر فأصبح الهاتف المحمول هو الوسيلة التي يمكن التواصل بها مع الآخر عبر عوالم إفتراضية وليست حقيقية. (ذكاء المحمول)
ذكاء جهاز وغباء إنسان
لقد كان اختراع هذا الجهاز طفرة نوعية في عالم التكنولوجيا الحديثة من أجل خدمة الإنسان وراحته إذ أخذ في الانتشار شيئًا فشيئًا حتى غزى جميع البيوت والعقول، وأصبح الجميع مدمنًا على استعماله، لأن ذكاؤه التكنولوجي جعله مطلوبًا، رغم ماله من تأثيرات على صحة الإنسان وحتى على العلاقات داخل المجتمع وداخل البيت الواحد، فذكاء هذا الجهاز سبب غبائنا؛ لأننا لم نعد نجيد لغة الحوار وأدابه ولا لغة الكتابة واختلط علينا الحابل بالنابل، وهذا ما أفقدنا لغة التواصل فأغلب أفراد العائلة لا تتواصل فيما بينها، في حين أنها مدمنة على التواصل مع الغرباء، وهذا يمكنه أن يتسبب في مشاكل قد لا تُحمد عقباها.
خصوصًا لدى فئة الناشئين والمراهقين والشباب، فاستخدام هذا الجهاز دون مراقبة ممنهجة والوقت محدد قد يتسبب في كوارث وأزمات نفسية خطيرة قد تؤثر على مستقبل جيل بأكمله. لذا فالحيطة والحذر مطلوبين في التعامل مع هذا الجهاز الذي هو سيف ذو حدين يمكنك الإستفادة منه أو يمكنه أن يفقدك تقنيات ولغة الحوار الخاصة بك ويجعلك مهووسًا به لدرجة الجنون.
مع تحيات
سعيد لقراشي
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
تخرج سعيد لقراشي من الثالثة ثانوي بالمغرب. حاصل على دبلوم المحاسبة. كاتب سيناريو لمجموعة من الأفلام القصيرة عرضت على قنوات اليوتيوب. شارك في بعضها كممثل كما يعمل كمراسل لمجموعة من المواقع الإلكترونية.