من قعر المجتمع

هناك جوانب خفية قد لا تظهر للسطح في الحياة العامة للأفراد، نتيجة خصوصية وطبيعة المجتمع العربي عمومًا واليمني خصوصًا. (مساوئ وسائل التواصل الحديثة)

مساوئ وسائل التواصل الحديثة
partnership employment

بالرغم من التراجع الملحوظ للمستوى العلمي والثقافي العربي عامة، فنحن على النقيض من ذلك نستخدم أكثر الوسائل التكنولوجية تطورًا، بحيث باتت تلك الوسائل لصيقة بتفصيلات تفصيلات حياتنا: حواسيب وموبايلات، ووسائل تواصل اجتماعي ومواقع للسوشيال ميديا، وأجهزة دعم مجالات نقل المعلومات، وغيرها.

مساوئ وسائل التواصل الحديثة

وقد لايخفى أن تلك الوسائل وهذا الفضاء الإلكتروني الافتراضي الواسع والمفتوح، والذي بات بمتناول الجميع، هو اليوم عرضة للتطفل وللتعدي والانتهاك بشكل سافر، كنتيجة حتمية لتطور وسائل الجريمة، مجاراة لتطور تلك الوسائل المستخدمة وسبل الكشف عنها، بما يشكل جرائمًا خطيرة على حقوق الأفراد وحرياتهم العامة والخاصة. فقد عمدت جميع قوانين وتشريعات دول العالم حديثًا إلى استيعاب تلك الأفعال والسلوكيات والطرق المجرمة، ضمن نظامها التشريعي والعقابي باختلاف التسميات، كقوانين تعني بالجرائم الإلكترونية.

ومع الاستخدام الواسع للمجتمعات العربية لتلك الوسائل، وتدني مستوى ثقافته العامة بالتعامل معها، وبإجراءات الأمان المطلوبة، ناهيك عن عدم مواكبة التشريعات العقابية لفرض الحماية القانونية لحقوق الأفراد وحرياتهم وخصوصياتهم بهذا الشأن، حيث لا زالت تلك النظم التشريعية حتى اليوم تخضع لبعض أشكال تلك الأفعال المجرمة، وفي النطاق الضيق للقواعد العامة في القانون، بما يشكل قصورًا وعوارًا فاحشًا للقوانين العقابية العربية، يجعلنا سائرين في ذيل الأمم بهذا الخصوص.

فلكُم أن تتخيلوا حجم الجرائم والانتهاكات التي تحصل في مجتمعنا كنتيجة حتمية لذلك: جرائم يندى لها الجبين، ونتائجها دائمًا وَخِيمَة على حياة الفرد والأسرة والمجتمع ككل. طلاق وتفكك أسري، وشيوع الجريمة والفاحشة، واعتداءات وتعسفات قد تصل للإيذاء الجسماني أو القتل أو الانتحار، في مجتمع لا زال يجهل طرق التعامل مع مثل هذه المشكلات واستيعابها، ويخشى دائمًا من العار والعيب والشرف، ويجعلها مقدمة حتى على شريعة الله.

إقرأ أيضاً:  العنف ضد المرأة العربية

فقط على سبيل المثال لا الحصر، فيما يخص عمليات القرصنة الإلكترونية التي يقوم بها شباب يُسَمون بالهكر، يعمدون إلى التلصص على أجهزة الآخرين، وخصوصًا النساء، عن طريق المواقع الوهمية والروابط المدسوسة وانتحال الصفات والأسماء الزائفة، ويقومون بسحب كافة ما تحتويه من مواد وفيديوهات وصور خاصة، والتي غالبًا ما تكون مواد سافرة وخليعة وجارحة للحياء لأسباب شخصية وباعتبارها خصوصيات للفرد. ويقومون بعد ذلك بابتزاز الضحية إما ماليًا (أي الدفع وإلا نشر الصور والمقاطع الشخصية)، ويصل الحال أحيانًا كثيرة للابتزاز الجنسي. وهكذا تقع الضحية فريسة لمثل هؤلاء الأوغاد، إما خوفًا من مجتمعها وأسرتها ومن الفضيحة، وإما من ردود الفعل تجاهها، والتي قد تصل لإزهاق الروح أحيانًا. (مساوئ وسائل التواصل الحديثة)

هؤلاء المجرمون وبهذه الطرق، أصبحوا يديرون مجالات وشبكات واسعة للدعارة الإلكترونية في مجتمعنا. وما قضية المرحوم الشهيد/ عبد الله الأغبري، ومحلات السباعي بصنعاء، إلا نقطة ببحر. تلك الشبكات وجرائمها شائت الأقدار أن تخرج إلى السطح والعلن بعد حياة خفية طويلة.

فيا كل أب وأم، وكل أخ وزوج وقريب وعائل، حافظوا على بناتكم وأبنائكم وعوائلكم، فهم أمانة في أعناقكم، فأدوا للأمانة حقها. ومثلما تغلبكم عاطفتكم ومحبتكم لتوفير ولاقتناء عوائلكم لتلك الوسائل، فليس أقل من أن تهتموا بالمقابل بقدرتهم على استخدامها بشكل آمن، ومعرفتهم بالوسائل الاحترازية التي تقيهم من أن يقعوا ضحايا وفرائسًا سهلة في براثن ذئاب بشرية معدومة الشرف والضمير، لا ترعي لأحدٍ إلًا ولا ذمة، وقبل أن تقع الفأس بالرأس. فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته.
اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.

عدن 8 يونيو 2021
المحامي/ مازن سلام

 

إقرأ أيضاً:  جوهر رسالة المحاماة


لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:



هذه المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن منصة المقالة.


مساحة إعلانية


⇐ لا تنس عمل مشاركة (Share)

المقالة التالية

تأملات

الخميس يونيو 17 , 2021
تمت قراءته: 1٬728 أنت كاتب.. أنت تعاني معظم الّذين كتبوا، وأغلب الّذين يكتبون عدا قلّة تمتهن البيدقة بسفاهة وتملّق لتقتات بها. هم أكثر النّاس تعبًا، معاناة تسكنهم حيث تواجدوا. (تأملات) في حقيقتهم هم يعانون أشدّ المعاناة، أصواتهم صامتة لا تُسمع، لكن ضجيجها عبر الكلمات صاخب لا يُحتمل، قد يصل حدّ […]
تأملات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: رجاء عدم محاولة النسخ، وعمل مشاركة/شير أو استخدم رابط صفحة المقالة كمرجع في موقعك - جميع الحقوق محفوظة لمنصة المقالة