إجابات من كتاب الإسلام بين الشرق والغرب

بمجرد الانتهاء من قراءة كتاب الإسلام بين الشرق والغرب [1]الإسلام بين الشرق والغرب هو كتاب ألفه رئيس البوسنة “علي عزت بيغوفيتش” أول رئيس جمهورية للبوسنة والهرسك … Continue reading، ستختلف نظرتك إلى كثير من الأشياء، وسترى جوانبًا مختلفة لم تكن تراها من قبل في الحياة بشكل عام.

الإسلام بين الشرق والغرب
غلاف كتاب الإسلام بين الشرق والغرب – منصة هواء

كتاب الإسلام بين الشرق والغرب

يدخل “علي عزت بيجوفيتش” هذا الكتاب بنموذج مركب يفسر لنا من خلاله أشياءًا يصعب تفسيرها بعيدًا عن هذا النموذج، وهو نموذج “المادي والروحي” أو “المادي والإلهي” أو “الطبيعي والميتافيزيقي” أو سمه كما تشاء. كما أنه بهذا النموذج، يربط بين أشياء ويضعها جنبًا إلى جنب، لم يكن ليوجد بينها علاقة خارج هذا النموذج. فما علاقة “الماركسية بالحضارة”؟ وما علاقة “الفن بالخلق”؟ وما علاقة “السياسة بالطوبيا”؟ وهكذا.

ومن خلال هذا النموذج، يجيب عن أسئلة كثيرًا ما تُطرح في ذهن الفرد، ولكن غالبًا ما لا يجد لها إجابة، أو تكون الإجابة غير مقنعة. وفي السطور القادمة، نستعرض بعض هذه الأسئلة وإجاباتها من خلال النموذج.

أسئلة كثيرًا ما تُطرح في ذهن الفرد

من هذه الأسئلة مثلًا سؤال:

لماذا لم تنتشر الماركسية في الدول الإسلامية بينما توغلت في الدول المسيحية؟

يرى “بيجوفيتش” أن الإسلام يحمل ماركسيته داخله (إذا صح التعبير). لأن الإسلام يعترف بأن الإنسان يتكون من روح ومادة، ولم يغفل احتياجات الإنسان في أي من الجانبين. فنرى الإسلام يحث على العلم، وممارسة السياسة والاقتصاد، والزواج (أشياء مادية).

كما يحث أيضًا على التأمل، والتعبد، والأخلاق (أشياء روحية)؛ أي ما أطلق عليه: “الوحدة ثنائية القطب”، وهي توجد داخل الإسلام فقط. ومن خلال الكتاب، يشرح تجلياتها في جوانب كثيرة من الإسلام. فلذلك كان الإسلام محصنًا من الماركسية “المادية” وسيظل محصنًا منها.

عكس المسيحية، التي يرى أنها مجردة من أي شيء مادي، وتتجه إلى السماء، وليس لها علاقة بهذه الأرض. فنرى في المسيحية العزوبية والتي هي الطريق الصحيح (طريق رجال الدين)، والزهد ومبادئ اللا عنف، والامتناع عن المقاومة وعدم العمل. فبذلك اهتمت المسيحية بالجانب الروحي فقط في الإنسان، وأغفلت الجانب المادي. ولذلك رأينا الدول الكاثوليكية والتي تتجه كلية نحو السماء تنزح في الماركسية؛ لأن الماركسية جاءت كتعويض عن الجانب المادي الذي طرحته الكاثوليكية والأرثوذكسية جانبًا.

على عكس دول البروتستانت التي تحررت من الاتجاه المجرد في المسيحية خلال فترة الإصلاح الديني في أوروبا؛ ولذلك نجد أن الماركسية لم تتوغل بها، لأنها سعت إلى التوازن بين الروح والمادة.

إقرأ أيضاً:  طبقة المهمشين وحقوق المواطنه

وأيضا سؤال:

ما الرابط بين المدينة والجرائم وعدم الأخلاق؟ على عكس الريف مثلًا التي تقل فيه هذه الأشياء؟

يرى أن الحضارة، والتي المدينة نتاج رئيسي لها، تتعامل مع الإنسان على المستوى المادي فقط. فنرى الدخول المادية العالية، والرفاهية، والمتعة؛ ولكن رغم ذلك، نجد الجريمة في تزايد، والأخلاق في انحدار، وزيادة حالات الانتحار والأمراض النفسية. وذلك لأن المدن (كبيرة المساحة خاصة) يتم التعامل فيها مع الإنسان على المستوى المادي فقط.

وتقل نسبة التدين تبعًا لحجم المدينة، ويرجع هذا إلى تركيز العوامل الحضارية التي تساعد على عزلة الإنسان. فكلما اتسعت المدينة قلت الطبيعة والسماء فوقها؛ فهناك دخان أكثر وجدران من الأسمنت المسلح وتكنولوجيا وجريمة. بالنسبة لحجم المدينة هناك علاقة عكسية بالتدين وعلاقة طردية بالجريمة.

وكذلك يجيبنا “علي عزت” على سؤال:

لماذا يمكن أن تجد في الغرب “مواطنًا” صالحًا في حين أن نفس المواطن يمكن أن يكون لا يملك من الأخلاق شيء؟

هناك فرق بين التنشئة والتدريب؛ فالتنشئة تعمل على تغيير جوانب في نفس الإنسان، عن طريق الحب والقدوة والتسامح والعقاب، أما التدريب يكون على المستوى الخارجي للإنسان فقط. وعلى ذلك فإن الإنسان الغربي يتم تدريبه وليس تنشئته عن طريق التعود أو الخوف من القوانين.

ولذلك تجد الإنسان الغربي ينفذ القانون أمام الكاميرات وفي الطرقات، ولكن إذا لم يره أحد فيفعل ما يشاء، وذلك عكس سلوك الإنسان الذي يتم تنشئته. إن التدريب يعتمد على تغير السلوك الخارجي للإنسان دون التأثير به داخليًا، عكس التنشئة التي تؤثر بالإنسان داخليًا ومن ثم يُقَوَّم بالسلوك.

إن التدريب حتى ولوكان يفرض السلوك الصحيح هو في أساسه لا أخلاقي وغير إنساني.

ومن الأسئلة التي يجيب عنها أيضًا:

لماذا في الدول الماركسية يبزغ سياسيون وعلماء ويختفي الفنانون؟

يرى “بيجوفيتش” أن الفن هو عمل ميتافيزيقي خالص، ويتم أداء الفن بالروح وليس باليد. ويقول:

فقد أبدع رافائيل لوحاته ليس بيده وإنما بروحه. وكتب بيتهوفن أعظم أعماله الموسيقية بعد أن أصيب بالصمم. إن النمو البيولوجي وحده وحتى لو امتد إلى أبد الآبدين (أي يقصد تطور اليد وفقًا لنظرية دارون)، ما كان بوسعه أن يمنحنا لوحات رافائيل، ولا حتى صور الكهوف البدائية التي ظهرت في عصور ما قبل التاريخ.

فالإبداع هنا ليس متعلقًا باليد؛ لأن لكل إنسان يدًا ولا يستطيع إبداع هذا الفن، ولكن متعلق بالروح.

ولأن الدول الماركسية مادية، لن يظهر بها شيء روحي، وإن ظهر سيكون باهتًا. والدليل على ذلك، عندما قام الاتحاد السوفيتي “الماركسي” بحظر أعمال كلًا من دوستويفسكي وبيتهوفن وشكسبير وتولستوي، ولم تعد أعمالهم إلا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي. ولم يكن حظر هذه الأعمال من قبيل الصدفة، بل هو اتساق تام مع الرؤية الماركسية المادية.

على الطرف الآخر، نجد دائمًا سياسيين وعلماءً متميزين في الدول الماركسية، لأن العلم والسياسة نتاج طبيعي للرؤية المادية.

وهذه كانت بعض الأسئلة التي يجيب عنها هذا الكتاب، والتي ما زال يوجد غيرها الكثير.

بسام حسان
طالب بكلية الإعلام

 

إقرأ أيضاً:  كورونا: "من المحنة تولد المنحة"


لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:



هذه المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن منصة المقالة.


مساحة إعلانية


الملاحظات أو المصادر

الملاحظات أو المصادر
1 الإسلام بين الشرق والغرب هو كتاب ألفه رئيس البوسنة “علي عزت بيغوفيتش” أول رئيس جمهورية للبوسنة والهرسك بعد انتهاء حرب البوسنة. – ويكيبيديا
⇐ لا تنس عمل مشاركة (Share)

المقالة التالية

البحث عن الحقيقة

الأربعاء يونيو 2 , 2021
تمت قراءته: 3٬220 البحث عن الحقيقة في ظل التطورات الحديثة للعالم كله وكشف كثير من الأسرار التي كانت تختفي عن الكثير، وجدت أن ذلك زاد بعض الثابتين ثباتًا. وارتاب غالب الناس وشكوا في أمور كثيرة، وخاصة بعد وضوح شبه كامل لتزييف ما كنا نعتقد الوثوق به. بل ربما نستطيع أن […]
البحث عن الحقيقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: رجاء عدم محاولة النسخ، وعمل مشاركة/شير أو استخدم رابط صفحة المقالة كمرجع في موقعك - جميع الحقوق محفوظة لمنصة المقالة