هل تنقلت بين عدة مهن خلال حياتك؟ وهل شعرت بعدم التوافق مع واحدة أو أخري؟ وهل فكرت فى أنها لن تحقق نجاحك المنشود؟ إن عدداً ممن يتزعمون الدول (رؤساء، ورؤساء حكومات) عمِلوا في مهن حرة قبل أن يتبوؤا مناصبهم الرسمية. (من مهنة حرة إلي رئاسة الدولة)
من المعروف عن رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق “سيلفيو بيرلاسكوني” Silvio Berlusconi (من مواليد 29 سبتمبر 1936) اشتغاله بالعديد من المهن المختلفة خلال فترات حياته. فهو من أقطاب إمبراطورية الإعلام في بلاده. وفى عام 1980 أنشأ القناة الخامسة Canale 5 كأول قناة خاصة في إيطاليا. ثم امتلك أكبر ثلاث شبكات تلفزيونية في البلاد. وفي عام 1986.. اشترى نادي “إيه سي ميلان” لكرة القدم. لكنه في عام 1950 كان من أشهر المطربين و عازفي الجيتار. وشارك في العديد من الحفلات بجزيرة “إلبا” الإيطالية، وكان مطرباً في حفلات العديد من السفن البحرية بالبحر الأبيض المتوسط. كما عمل كمندوب مبيعات مكانس كهربائية يعرضها على الزبائن في منازلهم.
ووفقاً لمجلة فوربس Forbes الأمريكية حصل “برلسكونى” ـ عام 2013ـ على لقب “أغنى سابع رجل في إيطاليا”، وكان من بين أغنى 194 شخصية عالمية. وذلك بسبب ثروته الشخصية التي تقدر بنحو 6.2 مليار دولار.
ولد “مايكل دانييل هيجينز” (Mícheál D. Ó hUiginn) الرئيس التاسع للجمهورية الأيرلندية في 18 أبريل 1941 بمدينة “لايمرك” الأيرلندية. وشغل منصب وزير الفنون والثقافة (1993- 1997). ثم تولى رئاسة البلاد في 11 نوفمبر 2011. ويشار إلي أن هذا الشاعر، والكاتب، والمعلم، والرئيس نشر أربعة دواوين شعرية. وحظت بالنقد المكثف بالرغم من كونه رئيساً للبلاد، فقال أحد النقاد عن أحد دوواينه الشعرية:”من الممكن أن يحاكم الرئيس بتهمة ارتكاب جرائم ضد الأدب”.
وكسرت “جوانا سيجورداردوتير” (66 عاماً) العديد من القواعد عندما تم انتخابها كأول رئيسة وزراء فى آيسلندا عام 2009. كما أنها من أكثر الشخصات التى صمدت في هذا المنصب الرفيع. وقد بدأت حياتها في الخطوط الجوية المحلية ببلادها حين عملت مضيفة طيران لأكثر من 30 عاماً، قبل أن تتقلد منصبها الحكومي.
ونالت “كرستينا إليزابيث فيرنانديز” (من مواليد 19 فبراير 1953) شهادة في الحقوق من جامعة “بوينس آيرس” وامتهنت المحاماة، وشغلت منصب “شيخة” سابقة عن محافظة “بوينس آيرس”. وكانت زوجة للرئيس الأرجنتيني السابق “نيستور كيرشنير”. ثم انتخبت رئيسة للأرجنتين ما بين 10 ديسمبر 2007-10 ديسمبر 2015.
(من مهنة حرة إلي رئاسة الدولة)
مساحة إعلانية
ولد “غربانغلي بردي محمدوف”(Gurbanguly Berdi muhamedow) في 29 يونيو 1957. وفي 21 ديسمبر 2006 أصبح قائماً بأعمال رئيس “تركمانستان” في أعقاب وفاة الرئيس “صابر مراد نيازوف”. وفي 14 فبراير 2007 كان “محمدوف” الفائز في الإنتخابات الرئاسية للبلاد. وفي انتخابات عام 2012 حصل على 97٪ من الأصوات. وكان “محمدوف” قد تخرج عام 1979 في المعهد الطبي للدولة التركمانية كطبيب أسنان. ووثق به الرئيس “نيازوف” فجعله طبيب الأسنان الخاص به. وكما تولى “محمدوف” وزراة الصحة التركمانستية.
ودخل “إيفو يجوسيبوفيتش” (ولد في 28 أغسطس 1957) السياسة كعضو في “رابطة شيوعيي يوغسلافيا” (SHK)، ولعب دوراً هاماً في التحول الديموقراطي لهذا لحزب. لكنه ترك السياسة عام 1994 ثم عاد مرة أخرى عام 2003 كعضو مستقل في البرلمان الكرواتي. وبالإضافة إلى السياسة.. عمل “يجوسيبوفيتش” أستاذاً جامعياً، وخبيراً قانونياً، وملحناً موسيقياً. حيث لحن العديد من المقطوعات الموسيقية الكلاسيكية التي عُزفت في مهرجان كرواتيا للموسيقى. ولم يتخل عن التلحين الموسيقي بعد أن أصبح رئيساً لكرواتيا عام 2010.
وشغل “أنتوني جون أبوت” (من مواليد 4 نوفمبر 1957) منصب رئيس الوزراء الأسترالي الثامن والعشرين منذ 2013. ولد في لندن/ المملكة المتحدة لأب إنكليزي وأم أسترالية. وهاجر إلى “سيدني” مع والديه عام 1960. وقبل دخوله البرلمان.. درس الإقتصاد والقانون ونال شهادتي بكالوريوس فيهما من جامعة “سيدني”، ثم شهادة الماجستير في الآداب. وفي العشرينات من عمره تدرب “أبوت” في معهد لتعليم اللاهوت تابع للكنيسة الكاثوليكية الرومانية لكنه لم يكمل تدريبه, واستقال بعد ثلاثة أعوام. وعمل صحفياً, ومستشاراً سياسياً. وكان أيضاً لاعب مصارعة سابق. وفى عام 1992 عُين مديراً لمجموعة أستراليون للملكية الدستورية, وهو المنصب الذي شغله حتى إنتخابه نائباً في البرلمان عام 1994.
وعمل “بويكو بوريسوف” (مواليد 13 يونيو 1959) مدرباً للكاراتيه ولاعب كرة قدم، ورجل إطفاء حرائق، قبل أن يؤسس شركة خاصة للأمن. وعمل حارساً شخصياً للملك البلغاري “سيميون ساكس كوبورج جوتا” الذي تم نفيه. وعقب عودة الملك تمت مكافأة “بوريسوف” بتوظيفه حكومياً. ثم انتخب “بوريسوف” رئيساً للوزراء في 27 يوليو 2009، وأطلق عليه “باتمان” بسبب شراسته الشديدة، وبعد استقالته من منصبه عام 2013 لم يضيع وقتاً فعاد كلاعب كرة قدم محترف.
وتولي “بورات باهور” رئاسة الحكومة السلوفينية (نوفمبر 2008- فبراير 2012)، ثم رئاسة الدولة منذ 22 ديسمبر 2012. وكان قد عمل عارضاً للأزياء ليتمكن من الإنفاق على تعليمه الجامعي. حيث توفي أبوه وكان “بورات” في سن صغيرة، فنشأ في كفالة أمه. وكان قد ولد في الثاني من نوفمبر 1963.
وفي 4 يوليو 1964.. ولد “إيدي راما” (Edi Rama). وكان قد شغل منصب رئيس الحزب الاشتراكي الألباني منذ 2005، ووزير الثقافة والشباب والرياضة (1998-2000)، ثم عمدة العاصمة “تيرانا” (2000-2011). ثم رئيس وزراء ألبانيا منذ 2013. وقال: “لست متأكداً إذا كنت رجل سياسة، فأنا أرى أنني فنان يستخدم السياسة لتغيير العالم للأفضل”. درس “إيدي” الرسم في مدرسة الفنون الجميلة بباريس واستغل موهبته وإحترافه الفني حين أصدر أوامر بجعل ألوان المباني الوردي، والأصفر، والأخضر بدلاً من اللون الرمادي. وكان قد شارك برسوماته في عدة معارض فنية وشخصية في نيويورك، وفرنسا، وفرانكفورت، وبرلين، وساوباولو. واستعان معرض الفن الوطني في ألبانيا ببعض رسوماته الفريدة. وفي 2009، اتجه “راما” إلى نشر جزء من مذكراته الخاصة ورسوماته في كتاب بعنوان “إيدي راما”.
(من مهنة حرة إلي رئاسة الدولة)
مساحة إعلانية
أما “أندري نيرينا راجولينا” (من مواليد 30 مايو 1974) فهو رئيس السلطة الانتقالية العليا في مدغشقر. وأصبح رئيس البلاد في 21 آذار 2009 خلال أزمة سياسية، بعد أن شغل منصب عمدة أنتاناناريفو لعام واحد. وقبل دخوله الساحة السياسية.. أطلق عدة مشاريع ناجحة منها شركة الطباعة والإعلان (Injet) عام 1999, وراديو فيفا (VIVA) وشبكات تلفزيونية عام 2007. كما بدأ حياته المهنية بوصفه ريادي “عصامي” في سنوات مراهقته. وكانت اول مهنة امتهنها هي عازف (دي جي) في النوادي المحلية، وثم امتهن تنظيم وتشجيع الأحداث الموسيقية في العاصمة. وفي أمريكا الجنوبية.. عمل رئيس فنزويلا “نيكولاس مادورو”، كسائق شاحنة، بالتزامن مع عمله النقابي في العاصمة “كراكاس”. وانضم الممثل الكوميدي السابق “جيمي موراليس”، بعد فوزه بانتخابات غواتيمالا الرئاسية، إلى قائمة رؤساء دول امتهنوا حرفة التمثيل قبل منصبهم الرسمي.
كل المهن تؤدي إلي البيت الأبيض – من مهنة حرة إلي رئاسة الدولة
لقد أعاد انتخاب “موراليس” رئيساً لفنزويلا إلى الذاكرة اسم شهير لرئيس كان يمتهن التمثيل أيضاً قبل خوضه غمار العمل السياسي هو الرئيس الأميركي “رونالد ريغان”. فهو من أشهر الرؤساء العصاميين الذين كان طريقهم مملوء بالعمل والكفاح. حيث عمل في صباه وشبابه منادٍ في السيرك، وعامل بناء، وغاسل صحون، ومنقذ شواطىء، ومدرب سباحة، ومذيعاً قبل أن يصبح ممثلاً من الدرجة الثانية ثم رئيساً من أشهر الرؤساء في تاريخ بلاده.
ومن العصاميين الآخرين الرئيس “هربرت هوفر” الذي اتعسه سوء حظه بتولي الرئاسة في نفس العام الذي بدأ فيه الكساد العظيم وهو الذي أطلق اسمه على سد هوفر أحد أكبر السدود في العالم. وشارك “هيربرت” صديق له في شركة لبيع وتصليح ماكينات الخياطة عندما كان مراهقاً. ولتغطية نفقاته الجامعية.. عمل في مصبغة لتنظيف الملابس وموزع جرائد، وفراش مكتب، ومُشرف حفلات موسيقية، وعقب التخرج عمل مساح جغرافي ثم مهندس بالمناجم، ولاحقاً وزيراً للتجارة.
وكان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية “ليندون جونسون” قد عمِل في إحدى مراحل حياته: بواباً وعامل مصعد، وجامعاً للقمامة، وماسحاً للاحذية، وجامع فواكه، ، وعامل في البناء، والطباعة، والزراعة، وواضع أفخاخ صيد، وقائداً سيارة مدرسية (تنقل الطلاب من تكساس إلى كاليفورنيا). قبل أن يصبح رئيسا للولايات المتحدة بعد أن شغل أولاً عضوية مجلسي النواب والشيوخ على التوالي. كما عمل بمهنة بواب الرئيس الأمريكي “جيمس غارفيلد”، وهو أقصر رئيس يحكم الولايات المتحدة لحوالي شهر قبل وفاته متغلباً بذلك على رقم “وليام هاريسون” الذى عمل كذلك في مهن أخرى مثل مشغل قارب ونجارا ومدرسا.
وامتهن مهنة الحياكة الرئيس “ميلارد فيلمور”، والرئيس “أندرو جونسون”. فيما عمل الرئيس “مارتن فان بورن” عامل توصيل طلبات، ثم نادلاً في حانة. كما سبق للرئيس “أوليس غرانت” العمل بمهنة سائس خيول. وتربي الرئيس “ريتشارد نيكسون” فى أسرة شديدة الفقر. وبعد فشله في مزرعة الليمون التي امتلكها والده حتى عام 1922، عمل في متجر الخضروات ومحطة بنزين امتلكها والده بعد ذلك.
(من مهنة حرة إلي رئاسة الدولة)
مساحة إعلانية
وفي صغره.. عمل الرئيس “جيمي كارتر” مع والديه في مزرعة للفول السوداني. وعندما بلغ العاشرة تول نقل المحصول إلى بلدات جورجيا لبيعه، قبل أن يترك بلده للالتحاق بالأكاديمية البحرية الأمريكية. ثم انتخب عضوا في مجلس شيوخ ولاية جورجيا، ثم حاكم ولاية، ثم إلى البيت الأبيض.
كان محامياً، وكاتب سير ذاتية. إنه “جيرالد رودولف فورد” الابن (واسمه عند الولادة ليزلي لينش كينغ الابن؛ 14 يوليو 1913- 26 ديسمبر 2006). شغل منصب الرئيس الثامن والثلاثين للولايات المتحدة (1974-1977). تخرج من جامعتي متشغان ويال، وعمل في المحاماة. وانتخب نائباً في مجلس النواب عن ولاية ميشيغان. وعينه الرئيس نيكسون نائباً له. وتولى منصب رئيس الولايات المتحدة الأميركية إثر استقالة الرئيس ريتشارد نيكسون بسبب فضيحة “ووتر غيت” عام 1974. وهو أول شخص يتولى منصب نائب الرئيس ثم الرئيس دون ترشيح وانتخاب.
وفي تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.. بلغ عدد الرؤساء المحامون 25 رئيساً. ومن مكاتب المحاماة برز الرئيس الأمريكي “باراك أوباما” (Barack Obama)؛ (من مواليد 4 أغسطس 1961–) هو الرئيس الرابع والأربعون (من 20 يناير 2009- 20 يناير 2017)، وأول رئيس من أصول أفريقية يصل للبيت الأبيض. وحصل على جائزة نوبل للسلام لعام 2009. وتخرج “أوباما” في كلية كولومبيا بجامعة كولومبيا، وكلية الحقوق بجامعة هارفارد، وكان من أوائل الأمريكيين من أصول أفريقية يتولى رئاسة مجلة هارفارد للقانون، كما عمل في الأنشطة الاجتماعية في شيكاغو قبل حصوله على شهادة المحاماة. وعمل كمستشار للحقوق المدنية في شيكاغو، وقام بتدريس مادة القانون الدستوري في كلية الحقوق بجامعة شيكاغو في الفترة من 1992 – 2004. من أولى الحرف التي شغلها الرئيس “أوباما” وأعلن عنها في حوار مع مجلة “باراد” الأمريكية، هي بائع آيس كريم لدى محلات “باسكن روبينز”. كما كان عامل دهانات، ونادل في المطاعم.
والخلاصة: إن طريق عدد كبير رؤساء الدول والحكومات لم يكن مُعبداً ممهداً. بل طال جهدهم وكفاحهم حتى نالوا منصبهم الرسمي. إن القيمة الكبرى والمجد التليد فى العمل الشريف. ولا شيء أفضل من النجاح في الحياة سوى التخطيط لها حتي الوصول للهدف وتحقيق المبتغى ولو كان منصبا رفيعاً.
أ.د. ناصر أحمد سنه
كاتب وأكاديمي مصري
(من مهنة حرة إلي رئاسة الدولة)
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
أ.د ناصر أحمد سنه كاتب وأكاديمي من مصر، تخرج في جامعة القاهرة (1985)، ويعمل: أستاذًا ورئيسًا لقسم الجراحة – كلية الطب البيطري – جامعة القاهرة. وقد بدأ الكتابة منذ نحو ربع قرن، وله أكثر من خمسمائة مقال (ثقافي متنوع) منشور.. ورقياً والكترونياً، وثلاثة كتب منشورة.