هل الإنسان مسير أم مخير؟
“هل الإنسان مسير أم مخير؟” سؤال فلسفي موجود في عقل الإنسان منذ أن تساءل عن خطيئة نبي الله آدم وعصيان إبليس لله رب العالمين. فهناك جانب من الناس يرى أن الإنسان مُسير بالكامل وبالتالي فهم ينكرون بالتبعية مبدأ حساب الآخرة، فكيف سيحاسبنا الله على أمور لم يكن لنا الخيرة فيها؟
و هناك جانب آخر يرى العكس ويؤمن بأن الإنسان مخير بشكل كامل وأنه سيد قراره وبالتالي ينكر وجود الأقدار وينكر مدبر الأقدار والعياذ بالله.
وأنا أظن أن حياة الإنسان هي مجموعة لا نهائية من الخيارات ونقاط إتخاذ القرار كما في مثال ال Flowchart، فهناك نقطة معينة للإنسان فيها مُطلق الحرية في الذهاب يمينًا أو يسارًا، ولكن كلا الإتجاهيين محددين سلفًا من الله رب العالمين. أي أن الله قد وضع للكون بأكمله عدد لا نهائي من الإحتمالات والمسارات والإنسان يختار أي المسارات يريد ولكنه لا يتحكم فيما هو موجود في كل مسار.
مثال
أمامك فرصة لقتل شخص، فلو أن هذا الشخص مُقدر له أن يموت في هذه اللحظة، فإن عفوك عنه لن يُغير في الأمر شيئًا. وسيموت هذا الشخص ولكنك ستنجو من ذنب قتله، والعكس صحيح.
و هذا الرأي يتفق مع مباديء الفيزياء الكمية والتي تقول بوجود عدد لا نهائي من الأكوان والواقعيات المتوازية تشغل نفس الحيز الزمكاني ولكن في أبعاد أخرى متعامدة على بعضها البعض.
هذه الفكرة الفلسفية تم طرحها بشكل مستفيض في فيلم The Matrix، حيث يعيش البشر في عالم من الواقع الإفتراضي لا يوجد سوى في عقولهم، وأن البشر في هذا العالم يظنون أنهم يملكون حرية الاختيار في المطلق بينما هم في الحقيقة يختارون من بين سيناريوهات أُعدت مسبقًا من قِبل الآلات ونظم الذكاء والوعي الإصطناعي. والفكرة التي يحاول الفيلم التأكيد عليها هي أن إدراكك للحقيقة كفيل بتغيير نظرتك لما حولك تمامًا، بل أن هذا الإدراك سيعطيك قدرة غير محدودة على التحكم في كل شيء من حولك بما فيها قوانين الفيزياء.
وهذا هو أحد الفروق الأساسية والجوهرية بين الفيزياء الكلاسيكية وفيزياء الكم. حيث أن من مباديء فيزياء الكم الفلسفية أن الأشياء موجودة لأننا نراها وليس أننا نراها لأنها موجودة.
تأثير المُراقِب
وهذا هو المصطلح المعروف بإسم تأثير المُراقِب او The Observer Effect، حيث يتأثر الجزيء او النظام المراقَب بنظام المراقبة نفسه. أي أنك عندما تراقب شيئًا ما فإنه سيتصرف بطريقة مختلفة عن تلك التي سيتصرف بها في حال أشحت بنظرك بعيدًا عنه. ببساطة تستطيع أن تقول أن القمر موجود لأنك تنظر إليه الآن أما لو نظرت في أي جهة أخرى فإنه سيتلاشى من الوجود تمامًا، ولن يظهر ثانيةً الا إذا نظرت أنت إليه مرة أخرى.
قد يبدو أمرًا مجنونًا تمامًا، ولكنه مُثبت علميًا على مستوى الإلكترونات والتي هي مكون مشترك في جميع عناصر الكون. فكل شيء في الكون مكون في أصله من نفس الجزئيات الذرية مثل البروتونات والكواركات.
مهندس/ هشام صبري
استشاري نظم إدارية وجودة
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
المهندس هشام صبري تخرج من كلية الهندسة جامعة القاهرة من قسم القوى و الآلات الكهربائية في عام ٢٠٠٣. عمل المهندس هشام في عدد كبير من الشركات في مختلف دول العالم، وله عدد من الكتب المنشورة في علوم الإدارة والتاريخ والفيزياء الكمية.