هل نستطيع تغيير الواقع لما نريد؟ تأملات فلسفية في الكهرومغناطيسية (الحلقة الثانية)

تحدثنا في الحلقة السابقة عن طبيعة الصور التي نراها بأعيننا والأصوات التي نسمعها وكل ما شابهها من الحواس التي يتمتع بها الانسان. وأوضحنا أن كل ما يستقبله الانسان بحواسه الخمسة المعروفة ما هي إلا موجات ذات طبيعة مختلفة يستقبلها المخ البشري ويقوم بمعالجتها بطريقة ما ليحولها الى صورة أو صوت أو شعور بالحرارة أو البرودة أو مذاق مر أو مذاق عذب إلى آخره. (هل نستطيع تغيير الواقع لما نريد؟)

هل نستطيع تغيير الواقع لما نريد؟
iStock

إذًا فهذا يعني أن الانسان يستطيع إذا ما استطاع التحكم بالعمليات التي تجريها خلايا مخه فسيستطيع ببساطة إعادة تشكيل كل ما يراه من حوله ببساطة شديدة. ولكن تنفيذ هذا الأمر ليس بسيطًا بالتأكيد ولكنه أيضًا ليس مستحيلًا. الموضوع برمته يعتمد على التدريب المكثف والطويل وقد يستغرق سنوات. مثله مثل تمرين العضلات في الجسم لتحمل أوزانًا أكثر وتصبح أقوى. والمخ لا يختلف عن أي أعضاء أخرى في جسم الانسان وبالتالي نستطيع أن ندرب عقلنا لزيادة قوة الادراك. وفي هذا المقال سنتحدث عن بعض هذه التدريبات التي قد تبدو عجيبة لبعضكم أو قد ترون بعضها سهلًا للغاية.

التدريب الأول (هل نستطيع تغيير الواقع لما نريد؟)

أول وأسهل هذه التدريبات هو قراءة القصص الخيالية، نعم عزيزي القارئ كما قرأت بالضبط، ولا تظن أني أسخر منك حاشا لله.

قراءة القصص المغرقة في الخيال تخلق مساحة كبيرة داخل المخ لعوالم الجديدة ومشاهد جديدة ليخلقها في ملفات ذاكرته، هل تتذكر في الحلقة الماضية عندما قلنا أن المخ يحتفظ بكل الصور والمشاهد التى رآها ويختار منها ما يناسب الموجات الكهرومغناطيسية التي تصله ليضعها أمام عينيك من خلال الشبكية؟ وبنفس الطريقة فإن قراءة القصص الخيالية يزيد من حصيلة الصور والمشاهد التي يخزنها المخ في خلاياه الرمادية، ولكن الفرق أن هذه المشاهد من صناعتك أنت وليست نتيجة موجات كهرومغناطيسية استقبلها مخك دون حول منه ولا قوة. وأنا هنا أتحدث عن الروايات التي لا تمت للواقع بصلة والمغرقة في الخيال مثل رويات هاري بوتر وملك الخواتم والهوبيت وغيرهم. رويات الخيال العلمي أيضًا مثال جيد خاصة تلك التي تدور أحداثها في المستقبل البعيد.

عندما تقرأ القصص الخيالية حاول أن تكون في مكان هاديء ومنعزل، وحاول أن تكون في أكثر حالاتك استرخاءً وهدوءًا. درب عقلك على تحويل كل ما تقرأه من حروف وكلمات وعبارات إلى صور ومشاهد وأصوات. تخيل أشخاص القصة كما لو أنهم بشر من لحم ودم تراهم أمامك رأي العين. ومع الوقت سيصبح لدى عقلك القدرة على تشكيل مشاهد وصور بنفسه بايعاز من ارادتك الحرة. حتى لو لم تكن هذه المشاهد موجودة أو مألوفة. سيصبح عقلك قادرًا على بث صورة لعينيك لتنين يطير أمامك في السماء نافثًا نيرانه وسط السحب، ستصبح قادرًا على أن ترى نفسك تحلق في السماء مثل سوبرمان وتغوص في أعماق البحار وتسبح بين الكواكب في الفضاء.

وليس هذا فحسب، بل بتدريب مخك أيضا ستزيد من قوة الموجات الكهرومغناطيسية والإشارات الكهربائية التي يطلقها عقلك لتصبح قادرة على تخطي محيط جمجمتك لتصل إلى عقول من حولك، مثلها مثل موجات الراديو التي تنطلق من محطات البث وتستقبلها أجهزتنا. في هذه الحالة سيكون عقلك هو محطة البث التي ترسل هذة الموجات لتستقبلها عقول من حولك. وقد يكون هذا كما ذكرت في المقال السابق هو نفس ما قام به سحرة فرعون.

التدريب الثاني

التدريب الثاني هو أن تضع هذه الصورة أمامك طوال الوقت، في منزلك وفي مكتبك وحاول أن تمضي نصف ساعة على الأقل يوميًا في النظر إلى تلك الصورة، فهي تصور الشكل المجرد لماهية الأشياء الحقيقية والتي هي كما قلنا مجرد موجات كهرومغناطيسية يستقبلها المخ ويعالجها ليخلق لنا صورًا، مثلما يفعل جهاز الكومبيوتر تمامًا، يحول إشارات كهربائية بحتة الى فيديوهات وأصوات.

تأملك لهذه الصورة هو تمرين لعقلك لزيادة قدرته على الرؤية بشكل تجريدي مختلف يستطيع فيه رؤية أصل الأشياء على حقيقتها وبالتالي يستطيع مع الوقت تطوير قدرته على معالجتها بطرق مختلفة ليحولها امام عينيك لواقع مختلف تمامًا.

هل سألت نفسك كيف استطاع “آصف براخيا” أن يحضر عرش بلقيس في غمضة عين ليستقر أمام نبي الله سليمان عليه السلام دون أن يكون لديه أي قدرات خارقة كالعفاريت والشياطين؟

(قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) [النمل 40].

إذًا فالموضوع كما يخبرنا الله عز وجل، هو علم وهبه الله إلى أحد عباده وليست قدرات خاصة، وربما أراد الله أن يضرب لنا مثلًا عن القوة العقلية الكامنة لدى كل إنسان وكيف أنها تفوق ما يملكه الجن والشياطين من قدرات قد نراها خارقة، والله أعلى وأعلم.
وهذا يتفق مع قصة الخلق وكيف كرم الله نبيه آدم بالعلم والعقل وأمر الملائكة وإبليس أن يسجدوا له.

العقل قوته غير محدودة لأنها هبة من الله، مالك الملك ورب كل الملكوت، حدود العقل هي قيود نضعها نحن لأنفسنا بأنفسنا.

وللحديث بقية إن كان في العمر بقية إن شاء الله.

مهندس/ هشام صبري
استشاري نظم إدارية وجودة

(هل نستطيع تغيير الواقع لما نريد؟)

إقرأ أيضاً:  هل نستطيع تغيير الواقع لما نريد؟ تأملات فلسفية في الكهرومغناطيسية


لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:



هذه المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن منصة المقالة.


مساحة إعلانية


⇐ لا تنس عمل مشاركة (Share)

المقالة التالية

مشاعر

الجمعة أغسطس 6 , 2021
تمت قراءته: 5٬304 دعوني أعلن أن تعريف المشاعر في قاموسي هي تلك الطاقه التي نكتسبها من الآخرين، سواء كانت مشاعر إيجابية مثل الحب أو مشاعر سلبية مثل الحقد والكره. لو كان بإمكاننا أن نمتلك مقياس ملموس لها لوجدنا أن المشاعر السلبية ثقيلة على القلب ولا يستطيع حملها، بل تجرها خلفك […]
ما هي المشاعر؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: رجاء عدم محاولة النسخ، وعمل مشاركة/شير أو استخدم رابط صفحة المقالة كمرجع في موقعك - جميع الحقوق محفوظة لمنصة المقالة