عندما نبحث عن المعنى الحقيقي لكلمة اقرأ والتي كانت هي أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم نجد أن معناها أعمق من أن تكون قراءة الكتب، وإنما هي قراءة الكون والتدبر في ملكوت الله اقرأ أن تبحث عن سر النجوم وعن سر المحيط عن الحيتان وعن الفيروسات وعن النجوم وعن الكواكب والمجرات، كلها تحتويها هذه الكلمة التي تتكون من أربعة أحرف، فلو تقيدنا حقًا بما نزل وبما تأول لكنا نحن من يقود العالم الأن.
اقرأ
كنت أتصفح الأخبار كعادتي حتى وقعت عيني، على خبر يقول:
ورغم أني شككت في كون الخبر مجرد دعاية للشركة، إلا أنه دائمًا ما أنبهر بالصناعات الحديثة والتي سهلت الحياة وجعلتها أكثر يسرًا من ذي قبل، وفي المقابل أرى أنه لامكان للعقل العربي أو المسلم بالتحديد في هذه الثورة الهائلة بينما كان هو رائد الصناعات والتكنولوجيا، فاختراعات العرب والمسلمين بالتحديد لا أحد ينكرها لكنها اندثرت مع سقوط الخلافة أو قبل ذلك بقليل.
“اقرأ” تلخص لنا الحكاية فعندما ابتعدنا عن العلم ابتعد علينا كل شيء، فلا دين ولا دنيا، وقد قال تعالى في كتابه (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) [الزمر 9] وقال أيضًا (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) [فاطر 28]، وقال صلى الله عليه وسلم “مَن سلَكَ طريقًا يلتَمِسُ فيهِ علمًا ، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طريقًا إلى الجنَّةِ” [1]الراوي : أبو الدرداء | المحدث : المنذري | المصدر : الترغيب والترهيب. الدرر السنية، فأول ما بدأ به النبي دولته كان تربية جيل جديد بمنهاج جديد قويم وتعليمه أسسًا جديدة، كانت هي التي أنتجت حضارة جديدة، فالمجتمع الجاهلي والذي كان ينبذ العلم والمعرفة صار هو مركز العلوم وأصبحت الجموع تأتيه من كل حدب وصوب. حتى أن ملوك أوروبا، كانوا يرسلون أبناؤهم للدراسة في الأندلس لأنها كانت حاضرة العلم، وكانت حلقات العلم تعج بالزوار وطلاب العلم، وكان العالم بمثابة حاكم.
ولم تقتصر العلوم في تلك الحقبة على العلم الشرعي والذي كان يعنى بأهمية كثيرة فقد انتشرت علوم شتى كانت هي أساس ما نهضت به حضارات اليوم، فمكتبات الأندلس كانت مملوءة بالكتب وكذلك مكتبات بغداد، ولعل المتمعن يلحظ أن الكتب كانت هي الهدف الأول لكل من يغزو بلدان العالم الإسلامي لأنه يعلم أنها هي أساس هذه الحضارة وأنها هي عصبها، وكذلك نرى أن سياسات التجهيل كانت معنية بالأمر في عهود الاستعمار لأن إنتاج جيل غير متعلم، سيكون عاملًا لهدم أي محاولة لبناء الحضارة وأي محاولة للعودة من جديد.
ولعل الآن أصبحنا نرى، مناهج تعليمية لا تمت بصلة للإسلام، بل هناك ما من شأنه هدم الإسلام وتصويره على أنه دين قتل وترهيب، وتصوير النبي على أنه سفاح، بينما في المقابل نرى تلك الصورة الجميلة التي يرسمونها للحضارة الغربية باعتبارها أنها هي المثال الذي يقتدى به، وقد انعكس ذلك على أجيالنا، وهي كالمنوم مغناطسيًا تنجذب لكل ما هو غربي وتنفر من الإسلام بل وتغادره.
وما يجب علينا فعله أن نجد أنفسنا لنصلح هذا الأمر ونسد هذه الثغرة أن نكون نحن مدرسة لأبنائنا ربما نحن لا نستطيع أن ننهض أو أن نشكل حضارة لكن في استطاعة الأجيال القادمة فعل ذلك عندما نربيهم على القرآن وسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
سيعلمون ما لهم وما عليهم، عندما تنتقل المركزية من المخلوق للخالق يصبح الهم الوحيد هو إرضاء الله، والعلم من أجل أن تنير هذه الأرض من جديد بهذا الدين العظيم والذي سيرتب أوراق الحياة من جديد، سيقضي على هذه الطفرات والتشوهات وسيرمم الكسور ويداوي الجراح، العلم سلاح ذو حدين، فاعلم إلى أين تصوب سلاحك وكيف تستخدمه، فالذي يصنع دواء للسرطان ليس كالذي يصنع قنبلة نووية فهذا يبني وذلك يهدم ويدمر.
الضيف بلول
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
الضيف بلول من الجزائر، يدرس تخصص التاريخ بجامعة الشهيد حمة لخضر. يهوى الكتابة وممارسة الرياضة.
الملاحظات أو المصادر
↑1 | الراوي : أبو الدرداء | المحدث : المنذري | المصدر : الترغيب والترهيب. الدرر السنية |
---|