تنتشر في مجتمعاتنا إحدى الأفكار المغلوطة والتي تقول: إن من سمات المبدع أن يكون فوضويا!
لقد تأملت كثيرا في هذه الشبهة (وليست الفكرة من وجهة نظري) ثم قلت لنفسي كيف لي أن أصدق مثل هذه المعتقدات دون أي تفكير وتحليل على مدى سنين طويلة؟ لا أدري كيف لهم أن يجمعوا بين الإبداع والفوضى؟ فهما يكادان أن يكونا متضادين! (الفوضى والعشوائية)
لقد علمونا أن الإبداع قرين الفوضى حتى أصبحنا نمجد الفوضويين كما نمجد المبدعين وقد أصبح الواحد منا إذا قيل له أنت فوضوي احتج بأن المبدعين كذلك، وبالتالي فإنه من منظور الرياضيات هو كذلك مبدع!
إني لا أعلم من هو صاحب هذه النظرية العبقرية لكنني أجزم أنه مخادع كسول وليس مبدع، وإلا كيف له أن يربط بين الإبداع والفن والرقي وبين الإهمال والفوضى والكسل.
إن الفوضى ليست المكان الأمثل للإنتاج والابداع والتميز، لذا علينا أن ننظف مثل هذه المعتقدات والخرافات التي لا يتقبلها العقل ولا المنطق.
إن الفوضى والعشوائية مضيعة للوقت والجهد مفسدة للجمال البصري والحسي، ولا علاقة لها بالإبداع والذكاء لذا إذا كنت فوضويا فيؤسفني أن أقول لك إنك لست مبدعا كما أخبروك!
مساحة إعلانية
الفوضى والعشوائية
إنها عبارة عن سلوك وفكر غير حضاري لا يساعد على الاستغلال الأمثل للمساحات والوقت والقدرات وربما تكون سببا في تأخرك عن المواعيد.
إنها السبب الأول في ضياع أوراقك المهمة، وساعتك المفضلة وحذاءك الجميل وقميصك الثمين، وهي السبب في الدمار والغبار في غرفتك ومكتبك وحمام بيتك.
ومن نتائجها السلبية عدم الوضوح في الرؤية وتشتت الأهداف، تلك الارتجالية المقيتة التي لا تحتوي على التخطيط والاستعداد والترتيب.
إذا عليك أن تتخلص من جميع صور العشوائية والفوضى سواء في الفكر والرؤية أو السلوك، في البيت او العمل، في الحاضر أو المستقبل. عليك أن تتخلص من تلك الأواني والأثاث العشوائي، تلك الملابس الزائدة، تلك الأوراق المتراكمة فوق المكتب، تلك الأهداف والأفكار المشوهة والمشوشة وغير المنتجة، تلك العلاقات والخرجات غير المنظمة.
عليك أن تخطط جوانب حياتك المختلفة كي لا تضيع الفرص وتتصدى لصعوبات الحياة، أريد أن أخبرك أن الترتيب والتنظيم لا يعني إطلاقا أن تكون آلة تشتغل ليل نهار إنما يعني الاستفادة القصوى من الحياة وعدم الركون للضياع والتشتت والاستمتاع بسحر الترتيب.
لقد حاولت أن أجد للفوضى ولو جانبا واحدا مشرقا إيجابيا لكنني لم أتمكن من ذلك، إنها لا تجلب المال ولا الصحة ولا العلم ولا المعرفة ولا الراحة ولا المتعة.
إذا لماذا الكثير من الناس فوضويون؟
لأن الفوضى سهلة لا تحتاج لأي نشاط ذهني أو بدني، أنها تعني أن لا تفعل شيء وأن تترك الأشياء والأفكار تتراكم فوق راسك ومن حولك ثم تبدأ مسلسل التأفف واللوم والشكاوى، وتعتقد أنك مبدع لكنك لست كذلك!
عليك أن تتعلم الترتيب والتنظيم في كل شيء حتى تسيطر على حياتك وتتمكن من الفوز فيها، عليك أن ترتب الأفكار في عقلك وتقضي على الفوضى في قلبك وأن تحارب العشوائية في قراراتك وأن تقاوم الارتجال في معاركك والا ستلتهمك الحياة وتهوي بك الفوضى إلى القاع حيث الزحام والصخب وعدم الوضوح والضبابية.
رتب، استعد وخطط لحياتك، لا تعش حياة الفوضى والإهمال.
وحيد بوبعة
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
وحيد بوبعة من الجزائر. حصل وحيد على شهادة الليسانس في إدارة الأعمال في جامعة جيجل 2007، درس بمعهد البحوث والدراسات العربية بالقاهرة حيث حصل على دبلوم الدراسات العليا العربية في الاقتصاد 2009، وعلى شهادة ماجستير تنمية اقتصادية 2011، دبلوم إدارة الموارد البشرية من معهد ميزونوف بمونتريال 2021، عمل في مجال إدارة الانتاج والعمليات وإدارة الجودة لعدة سنوات، يعمل حاليا مستشار في إدارة الموارد البشرية (مستشار التوظيف)، مؤلف وكاتب:
كتاب: التنمية البشرية تحت المجهر، هل هي علم أم خرافة؟
كتاب: كيف تفوز في معركة الحياة؟
كتاب: خرافة النجاح السريع