هشاشة العظام عند الأطفال

ارتبط مرض”هشاشة العظام، ووهنها” (Osteoporosis) باشتعال الرأس شيبًا، جراء زيادة عمر الإنسان وكبر سنّه وشيخوخته. لكن هذا المرض، لا يقتصر على كبار السن، بل قد يصيب الأطفال، مما يثير هاجسًا لدى الآباء والأمهات والإختصاصيين، فما هو هذا المرض، وما هي سُبل وقاية الأطفال منه؟ – (هشاشة العظام عند الأطفال)

هشاشة العظام عند الأطفال
Total Orthopaedic Care

تشكل الكتلة العظمية للجسم نحو 14% من وزنه. والعظم عبارة عن‏ نسيج حي يتكون من بروتينات (الكولاجين بروتين رئيس فيها)، وخلايا حية تساعده على النمو والترميم، وعديد من الأوعية الدموية والليمفاوية والعصبية. كما يتكون من أملاح معدنية، ككربونات وفوسفات الكالسيوم، بالإضافة إلى كميات قليلة من الماغنيزيوم وغيرها من المعادن الدقيقة، وجميعها تكسبه القوة والصلابة. ‏ وللعظام أنواع‏ منها العظام الصفائحية وتتألف من العظام اللحائية أو الكثيفة وتكون 80% من مجموع العظام‏ أما العظام المسامية أو الأسفنجية فهي موجودة داخل العظام الطويلة، لكنها أقل كثافة من سابقتها. وهناك العظام المنسوجة أو المتموجة وهي غير مكتملة النمو أو العليلة لوجود علة ما تسبب ضعفها وليونتها. ‏

ويتم بناء عظام الجسم بواسطة خلايا اوستوبلاستس Oesteoplasts التي تنقل الكالسيوم الممتص من الأمعاء والكليتين بنسبة 98% لترسبه بالأنسجة العظمية بوجود فيتامين(د). كما أن هرمون الكالسيتونين يلعب دورًا في بناء العظام إذ يعيد تخزين الكالسيوم بالعظام عندما يرتفع بالدم بعد انخفاضه. ‏ وقد يلجأ الجسم عند انخفاض مستوى الكالسيوم في الدم للحصول عليه من مخازنه لتعويض فقده وإعادته إلى مستواه بواسطة خلايا اوستيوكلاستس Oesteoclasts المذيبة للعظم والمحررة للكالسيوم عن طريق إفرازات الغدة جار الدرقية بوجود فيتامين(د). وكلما زاد معدل ذوبان العظم عن بنائه تحدث الهشاشة به. ‏

ولذا فعظم الإنسان يمر ـ عبر مراحل حياته ـ بعملية “إعادة التشكيل”، حيث تتحلل العظام القديمة وتستبدل بأخرى، جديدة وقوية. فمنذ الطفولة يكون النسيج العظمي في أقصى حالات نشاطه وبنائه حتى بلوغ سن الثلاثين. وعندها فإنه يصل إلى الحد الذي تكون عنده العظام أكثر قوة وصلابة. أما بعد الأربعين فتبدأ صلابة العظام في الانخفاض تدريجيا على مدى السنوات اللاحقة حتى تصبح أكثر رقة وهشاشة: (قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا) (مريم: 4). لذا يمثل الاهتمام بالغذاء الجيد المتوازن، من حيث تناول المواد البروتينية وكذلك شرب الحليب الغني بمادة الكالسيوم والتعرض للشمس أهم العوامل الأساسية لبناء وتقوية العظام. وقد حدد الاختصاصيون احتياجات الفرد من الكالسيوم في جميع مراحل حياته 300 ملغ/ اليوم للوليد حتى عمر سنة و800 ملغ للأطفال، و1200 ملغ للمراهقين، و1000 ملغ للنساء قبل عمر 40 سنة، وللرجال قبل سن الستين، و1200 ملغ للرجال بعد الستين، و1500 ملغ للنساء بعد سن الأربعين.

إقرأ أيضاً:  الطب فى مصر القديمة

مساحة إعلانية


ما هي”هشاشة العظام”؟

“هشاشة العظام” (Osteoporosis) المُبكر، أو “العظام المسامية/ المرض الصامت”، يختلف عن “لينها” (Rickets)، فالأول يصيب كتلة العظم وكثافتها، بينما الأخير يرجع لقلة ترسبات الكالسيوم/ الفوسفات، وكلاهما مختلف في الأعراض المرضية، وطرق العلاج. وعندما تنخفض كثافة العظام لدرجة إمكانية حدوث كسر فيها، تبدأ ظهور الآلام والتشوهات العظمية. تم الاهتمام بدراسة المرض عند السيدات بعد سن اليأس، لكن هذا المرض لا يقتصر على سن معينة، فضلًا عن أنه قد يحدث في كلا الجنسين، لأسباب وراثية ومرضية.

ما الأسباب؟ – هشاشة العظام عند الأطفال

  • عوامل وراثية: بعض الأمراض الوراثية مثل اوستيوجنسيس امبيرفكتا (Osteogenesis Imperfecta) يصيب العظام بالوهن منذ تكوينها داخل الرحم ويستمر بعد الولادة. في الحالات الحادة قد يؤدي إلى وفاة الطفل خلال سنوات عمره الأولي بسبب كسور حادة بالعظام الهامة كعظام الجمجمة. ينشأ هذا المرض بسبب نقص وراثي في مادة الكولاجين.
  • قلة أو عدم تناول الحليب بالكميات المطلوبة خلال فترة بناء العظم، فالحليب غني بالمواد البروتينية وكذلك بعناصر الكالسيوم والفوسفات، ذات الفوائد اللازمة لبناء العظام والمحافظة علي صحتها. وتبين أن حموضة الغذاء تؤثر على معدل امتصاص الكالسيوم، كذلك ثمة مواد وأشربة (كالكولا) تعيق امتصاص الفوسفات.
  • قلة أو عدم التعرض لأشعة الشمس الضرورية لتكوين فيتامين (د) داخل الجسم.
  • نقص الوزن الحاد أو ضعف البنية، وقلة النشاط والحركة: فكلما كان الشخص بالغ النحافة تكون العظم أكثر عرضة للإصابة بوهن العظام وهشاشته.
  • العلاج طويل الأمد بمركبات الكورتيزون: كما في أزمات الربو الشعبي الحادة المتكررة، وحالات التهاب المفاصل الروماتيزمي، والذئبة الحمراء، ومرض الزلال البوليNephrotic Syndrome. وكذلك عقاقير الصرع المستخدمة لفترات طويلة.
  • بعض أمراض الغدد الصماء مثل النشاط الزائد للغدة الدرقية، والغدة جار الدرقية، والنشاط الزائد للغدة الكظرية ومتلازمة كشنج (Cushing”s syndrome)، وأمراض الكبد، والتهابات الأمعاء (Inflammatory Bowel Disease)، وكذلك أمراض المناعة الذاتية من العوامل التي تؤدي إلى هشاشة العظام عند الأطفال والمراهقين.
  • أسباب غير معروفة تصيب عظام الأطفال والمراهقين بالهشاشة مثل (Idiopathic Juvenile Osteoporosis).

أما تشخيص المشكلة فيعتمد علي حالة الإصابة بهشاشة العظام. وهل ثمة كسور قد حدثت أم لا؟ عمومًا مجموعة الأعراض إلى جانب الاختبار البدني، والفحص بالأشعة السينية، وفحص كثافة العظام من أهم دعائم التشخيص.

إقرأ أيضاً:  قطار الشرق السريع، وسكة حديد الحجاز: غايات، وثقافات

مساحة إعلانية


ما هي سُبل الوقاية؟

  • التوعية بها لتقليل فرص ظهورها عن طريق التغذية والرياضة والتعرض لأشعة الشمس ببناء عظام قوية مؤمن لها الاحتياجات اليومية بشكل متواصل وخاصة من مراحل الطفولة إلى المراهقة فالشباب.
  • التغذية الصحية المتوازنة، والتركيز على المواد البروتينية وشرب الحليب، بمقدار كوبين يوميًا (كأس الحليب كامل الدسم يحوي 290 ملغ كالسيوم، وقليل الدسم فيه 297 ملغ واللبن كامل الدسم به 250 ملغ وبدون دسم 400ملغ و100 غ من سمك السلمون بها 882 ملغ و100 ملغ سردين مع البندورة يحوي 620 ملغ كالسيوم). ‏
  • عدم الإفراط في تناول البروتينات لعدم فقد الكالسيوم عن طريق البول علما بأن البروتين النباتي لا يسبب خسارة الكالسيوم كما يفعل البروتين الحيواني. ‏ كذلك الاعتدال في تناول الدهون وأخذ السعرات الحرارية اللازمة حسب حاجة الجسم لها. ‏
  • الاعتدال في تناول الأملاح حتى لا ترهق الكلية بإفراز السوائل الزائدة إلى خارج الجسم ومعها يفقد الكالسيوم. ‏ عدم الإسراف في تناول المشروبات الغازية، والمنبهات كالقهوة، فمادة الكافيين تعيق امتصاص الفوسفات الضروري لبناء العظم.
  • التعرض لأشعة الشمس غير الحارقة يوميًا لمدة 15-20 دقيقة، ويجب التنبيه على عدم التعرض لأشعة الشمس في فترات الظهيرة وعندما تكون الشمس عمودية وذلك تلافيًا لحدوث ضربات الشمس.
  • الرياضة اليومية، سواءً كانت مشيا أو جريا أو سباحة، قدر الإمكان لتقوية العظام.
  • تناول جرعة وقائية من فيتامين (د) بمعدل 400 وحدة دولية يوميًا وذلك إذا تعذر شرب الحليب أو التعرض للشمس. ويجب التنبيه على أن الأغذية التالية تعتبر مصدرا جيدا لفيتامين (د) وهي: الكبد، زيت السمك، الحليب ومشتقاته المعززة بفيتامين (د).
  • البرتقال والليمون يساعدان في علاج هشاشة العظام لغناها بالمركبات الفلافونويدية. كما يساعدان في رفع مستوي الكالسيوم بالدم، بالإضافة لعملها كمضادات للأكسدة. ‏ كما أن الموز والتين من الفواكه التي تحتوي على البوتاسيوم. العنصر الهام في هذا الأمر. ‏
  • تناول الخضراوات الورقية مثل البقدونس والبصل والثوم والمشروم تساعد في تحسين امتصاص الكالسيوم بالأمعاء، ومن ثم خفض عمليات نخر العظام وكسورها.

أ. د.ناصر أحمد سنه
باحث وأكاديمي مصري

(هشاشة العظام عند الأطفال)

إقرأ أيضاً:  ما هي مرحلة الطفولة المبكرة وأهميتها وما خصائصها؟


لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:



هذه المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن منصة المقالة.


مساحة إعلانية


⇐ لا تنس عمل مشاركة (Share)

المقالة التالية

الموروث التربوي لابن خلدون

الأحد أكتوبر 23 , 2022
تمت قراءته: 1٬798 دراسات نقدية في الفكر التربوي المعاصر الفكر التربوي عند ابن خلدون ابن خلدون عبد الرحمن بن الحسن بن خلدون، ولد في تونس سنة 732هـ، ويرجع نسبه إلى حضرموت من عرب اليمن، تربى في حجر والده حيث تعلم القرآن، من نشأته الأولى انكب على تحصيل العلوم الدينية وغير […]
الموروث التربوي لابن خلدون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: رجاء عدم محاولة النسخ، وعمل مشاركة/شير أو استخدم رابط صفحة المقالة كمرجع في موقعك - جميع الحقوق محفوظة لمنصة المقالة