البيت هو مجالها الأرحب لهذه الدعوة، هو مكان رباطها في العملية الجهادية التغيرية، وقد سماه الإمام المجدد (برجها الإستراتيجي) أي المرحلة الذهبية للنقش والتكوين لتعزيز مسائل العقيدة والإهتمام بالتربية الصحيحة والتنشئة السليمة على القيم والمباديء الإسلامية، وتأهيل الأبناء للإندماج في المجتمع ، وإعداد المجاهدين والعلماء الربانيين إذا قامت بتربية أولادها على الوجه المرضي، ثم الأقرب فالأقرب، كما يتصور أنها متى أخفقت في هذا المجال فهي لما سواه أكثر إخفاقا ضد هجمات الأعداء من مستشرقين ويهود وفضح مخططاتهم، وكشف الستار عن أهدافهم ونواياهم السيئة. (دور المرأة الريادي في إيجاد البيت المسلم)
يقول الشيخ سعيد الغنام في أثناء حديثه عن الأثر المترتب على إهمال المرآة الدعوة داخل نطاق البيت والأسرة: (إن عجز المرآة عن إقامة محضن تربوي في مقر بيتها، يعني شللها التام عن القيام بدور فعال في المجتمع الكبير، وهذا هو الواقع مع الأسف، ونرجو ألا يكون ذلك سببا للإحباط بقدر ما يكون دافعا للتصحيح والنقد الهادف).
نريد البيت المسلم في تفكيره وعقيدته، وفي خلقه وعاطفته، وفي عمله وفي تصرفه، ونحن لهذا نعتني بالمرآة عنايتنا بالرجل، فالمرآة في الإسلام تتربع على عرش بيتها، ولا يستقيم أن تشغل المرآة الداعية نفسها بإصلاح بيوت الأبعدين وبيتها خراب، ومؤسسات التربية ودور الحضانة لا تغني عن الأم.
يجب أن تكون الحياة منزلية بقدر الإمكان لرعاية الأولاد التي هي منحة ربانية للتمكن على ما يرام من تحقيق وظيفتها في كيانها الأسري، وأن يشبعوا أبنائهم من جميع الجوانب النفسية والعاطفية والإجتماعية حتى لا يتلقوا إشباع هذه الجوانب من قنوات ومصادر منحرفة.
رسالة المرآة الأصلية هي الأمومة التي خلقت من أجلها، لا يعني منعها من التعليم أو الحد من طموحها، بل إن ذلك سبب آخر يدفعنا إلى تمكينها من القيام بمهنتها الكبرى في ظروف أفضل.
إياك والإنكماش داخل البيت فيكون البيت نقطة البداية ومحطة النهاية، أو الإستقلال من وظيفة البيت والفرار من أعبائها ومسؤولياتها، ومراعاة التوازن شرط تجاوز الإخلال النجم عن هذين المنزلقين.
وكل ذلك مشروط بوعي المرآة بمسؤوليتها وخطورة دورها في المجتمع وأهمية عملها داخل البيت باعتبار تربية الأجيال ترسيخا للمعروف وإبادة المنكر، وهي تمارس السياسة حتى داخل منزلها.
ووعي الرجل بضرورة التخلص من أنانيته وغطرسته بدعوى الرجولة والإستئساد على الحمل الوديع الضعيف المغلوب.
لا بد للمرآة الجمع بين التربية الداخلية والخارجية، فالجبهة الأساسية لدى المرآة هي التربية باعتبارها أساس المستقبل، وهي مهمة شاقة، ثم بعد ذلك تعبئة الأمة لايجاد المشروع الإسلامي.
فـ”المرأة المربية” أجل وأعز لقب ووظيفة يجب أن تفتخر بها المرأة قبل كل إنجازا دون تقليل مما تحققه في مجالات الحياة، أقول مهلا لمن يحسبها دعوة للتخلي عن الكفاح والتميز ، فدور المرأة في التربية لا يتقاطع مع هذه الأدوار الوظيفية الأخرى. ودور “المرأة المربية” لا يفهم منه عدم مواصلة الطموحات في عصر العلم والعمل وإنما عليها أن تمتلك الأسس السليمة لتربية ورعاية أبناء وإدارة بيت بكفاءة عالية.
د. منيرة جابر
دور المرأة الريادي في إيجاد البيت المسلم
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
د. منيرة جابر من الخليل وتعيش في المملكة الأردنية الهاشمية. تخرجت من كلية الشريعة من الجامعة الأردنية عام ٢٠١٧م، وهي معلمة في وكالة الغوث الدولية، وحاصلة على جائزة المعلم المتميز، وحاصلة على السند الغيبي في القرآن الكريم، ولها ثلاثة أبحاث منشورة.