سيكولوجية الديون والرشاوي والاحتيال

حدثت “أزمة الرهن العقاريّ” Subprime Mortgage Crisis (2007-2008)، في الولايات المتحدة الأمريكية بسبب الانكماش الحاد في السيولة النقدية، وهددت بتدمير النظام الماليّ الدوليّ، وسببت فشلًا ذريعًا للعديد من البنوك الاستثماريّة والتجاريّة الكبرى ومقرضي الرهن العقاريّ، إضافةً إلى شركات التأمين وجمعيات الادّخار والقروض، وقد كانت كذلك أحد أسباب الركود الكبير، والذي يعد أسوأ انكماش اقتصاديّ حدث منذ الكساد العظيم (1929). (سيكولوجية الديون والرشاوي والاحتيال)

سيكولوجية الديون والرشاوي والاحتيال
رواد

لظروف أو لأخري هناك معُسرين يُضطرون ـ أمام قلة أو إنعدام مداخيلهم المالية، وضغط الحاجة، والإحباط المادي ـ إلي الأستدانة. لست السطور بصدد هذا الجانب، لكن ما تريد الإشارة إليه هو ذلك التغير في الإتجاهات النفسية والإجتماعية والأقتصادية الرأسمالية ـ بعد عقود شهدت نوعًا من الازدهار الاقتصادي العالمي ـ نحو الدَيون. مما حولها من الناحية السلبية (النفور والكراهية الخ) إلي الناحية الإيجابية بإعتبارها “سلوكا اقتصاديا مقبولا”، وُمشجعًا عليه من قبل الأقتصادات المزدهرة، والبنوك “العامرة”. وبمرور الوقت وتنامي “الظاهرة”، وضعفًا وإستسلاما لـ “هوس” الشراء، و”غرور” التملك، و”مغريات” الوفرة، و”ترف”الإستهلاك غير الضروري (لسلع أو خدمات أو ماشابه) سعي الأفراد والجماعات والدول للاستدانة. استسهالا في “الرهن”، وتيسيرا للقرض ثم القرض ثم القرض. لكن حالت قدرتهم الإنتاجية علي الدفع الفوري لما يستوجب عليهم ما اضطرهم إلي تاجيل الدفع إلي أجل مكتوب أو أحيانا غير مكتوب، مع تحمل كافة المضاعفات المترتبة علي ذلك.

إنها مضاعفات أدت بأهلها إلي العنت والمشقة والإرهاق والإستلاب، وتعكير صفو حياة العباد والبلاد جراء تتراكم الهموم (فالديون همّ بالليل، مذلة بالنهار) حول كيفية توفير الموارد لسدادها. فتاخير السداد يسبب تنامي مشاعر”الغضب المتبادل/ والكراهية والأحتقار”. مشاعر تخفي اتخاذ المال ـ من كلا من الطرفين الدائن (الذي يهدف لإيلام المدين)، والمدين (المقهور)ـ وسيلة لتفريغ “الشحنات النفسية العدوانية”ومشاعر”السيطرة والزهو والتفاخر” به. حيث أن لسان حالهم يقول: “إني اكرهه فهو من هو. وأنا من أنا” (راجع د.أكرم زيدان: “سيكولوجية المال”، سلسلة عالم المعرفة، العدد: 351، مايو 2008م).

دوافع وأسباب سلوك الديون – سيكولوجية الديون والرشاوي والاحتيال

  • نقص المهارات الاجتماعية والاقتصادية والإدارية وأساليب إدارة المال والوقت، وحل الضغوط، فيُلجأ للدين طريقًا أكثر سهولة. إن عدم القدرة علي الموازنة والتحكم في الإنفاق والبُعد عن الأدخار يزيد من سلوك الدَين.
  • المقارنة الاجتماعية والتطبيع الاجتماعي والاقتصادي للديون: فالأفراد/ الجماعات ذوي وجهة “الضبط الخارجي” الذين يلقون باللوم علي الظروف الخارجية/ الأقتصادية السيئة لا يجدون حرجا من الاستدانة. فسواء تحت ضغط مالي أو لا تنحو “سيكولوجيتهم” إلي أن الدَين “عملا عاديا” لا يشعر بالخجل أو القلق او التوتر، فيهون عليهم الأمر ليلا ونهارا. فهي تقبل الديون وتؤيدها وتعمل علي استمرارها. فضلًا عن الأستهانة بكيفية السداد ورد الحقوق لأصحابها، وقد يمتعضون من مطالبتهم بذلك. أما ذوو توجهات “الضبط الداخلي” الذين يلقون باللوم علي أنفسهم في حالات الأزمات الأقتصادية التي تعصف بهم، فيخجلون بشدة من الاستدانة، وهم أقل وقوعا في براثنها.
  • وفق “دورة حياة” life cycle theory الأفراد/ المجتمعات ومراحل تطورهم، وتغير توجهاتهم السلوكية والأقتصادية. فتزداد سلوكيات الديون خلال فترة المراهقة، وقبيل مرحلة الرشد (تهربا وقضاء علي الشعور “بالنقص والدونية)، أو”مسايرة” (للحفاظ علي “العضوية” في طبقة / فئة اجتماعية أعلى)، وظروف المجتمعات الفقيرة/ الخاملة (ذات التوجهات النفسية الإيجابية نحو الديون).
  • “خلق” الرغبات الإستهلاكية غير الضرورية، وربطها بمشاعر “السعادة”، وضغوط “خطوط الأنتاج الرأسمالي المتعاظم” Mass Production وإلحاح و”سطوة سلاح الإعلان”، ما يدفع إلي إذكاء “غريزة التملك”، وتنامي “نهم” الشراء، و”جنون” التسوق، بقطع النظر عن الحاجة له، أو التوافق المادي مع متطلباته. فـكلما كان “الاشتهاء كان الشراء”، بيد أن الأشتهاء لا ينقطع ولا يمل، في حين أن المال محدود.مما يجعل من يشتر اليوم ما لايحتاجه، قد يضطر غدا ـ تحت وطأة الديون ـ إلي بيع ما هو في أمس الحاجة إليه.
  • هناك من يرَ أن المال “أصل للشرور وجلب الأزمات” فيسعي كلما جاءه، وتوفر لديه للتخلص منه مما يضطره إلي الأستدانة.
  • في مكر ودهاء. وتلبية لحاجات نفسية تغطي علاقات مضطربة، يلجأ بعض من لديهم وفرة في المال إلي الدَين (دين كاذب، وأقتراض وهمي) والإعلان عنه واشاعته، رغبة منه في دفع طمع الطامعين، وحسد الحاسدين. ولعل الوعي بهذه الدوافع، مع تلافي تلك الأسباب كفيل بالحد من السلوك ـ الفردي والجماعي ـ نحو الديون.

سيكولوجية الديون والرشاوي والاحتيال

إقرأ أيضاً:  الأمهات السامة: أنواعهن وطرق علاجهن

مساحة إعلانية


سيكولوجية الرشوة

الرشوة من أهم العلل الاجتماعية والاقتصادية للمال. فعل مجرم اجتماعيا، ومحرم دينيا، ومرفوض خلقيا، وفاسد/ مُفسد أقتصاديًا. ففي العقود الأخيرة هناك موجات (عالمية) من جرائم الرشاوي هزت مؤسسات اقتصادية عملاقة، وطالت أفراد ومسئولين في صفقات مشبوهة. فعلي سبيل التمثيل ـ وحسب صحيفة “سودويتشه تسايتونج”- أن شركة “سيمنس” الألمانية قدمت (ما بين عام 2000 – 2006م) رشاوى تصل إلى ما يقرب 1، 7 مليار دولار من أجل الحصول على عقود في الخارج. وفي تسعينيات القرن الماضي تورط مسؤولين فرنسيين في دفع رشاوى (عمولات) لتسهيل بيع فرقاطات حربية لتايوان. ويبقي سؤال المعنيين بالأمر: أين المنافسة النزيهة/ الشفافية التي (ينبغي) أن تحكم قواعد العلاقات الاقتصادية العالمية؟

والرشوة أنواع: من يقدمها طلبا لحق له، لا يصبر علي طلبه ويرفض الخضوع للظروف والأجراءات الروتينية الطويلة. وما يُعطي لإحقاق باطل أو لإبطال حق، ولإنتزاع حقوق الآخرين، وما يُعطي لأكل أموال الناس بالباطل، وكذلك ما يعطي للتملق الخ. ولها أطراف: “راشي ومرتشي”، وربما “رائش” لتسهيل حدوثها. سيكولوجية الراشي ضعيفة مفتقرة لقدر معقول من التوافق، عاجزة عن علاج/ مواجهة صراعاتها. هي بالأساس تعتمد علي مبدأ: “الذي لا تستطيع أن ترشيه أو تشتريه بالمال لا تستطيع أن تثق به”، فالرشوة بنظره “عصا سحرية” لحل كل المشكلات التي تهدد كيانه. والمرتشي علي نوعين: من يبدو ـ بنظر الراشي ـ شخصية مرنة أيجابية متفتحة بعيدة عن التعقيد والروتين. وأخري لدي الناس العاديين الذين يرونه من يلعب علي الظروف الضاغطة وعلي سلوكياتهم السلبية، راميًا لتحقيق كسبًا ماديًا. حيث “يستغل” ما يقوم به من “دور مهني أو اجتماعي” لتحقيق منفعة لفرد أو جماعة نظير المال (أو ملكية أو هدية أو خدمات أو امتيازات الخ.

وذلك ضمن قيامه أو امتناعه عن آداء عمل من الأعمال أو تصرفه علي نحو يخلو من النزاهة والشرف والشفافية. وهؤلاء المرتشون المتورطون أشخاص فاتري الهمة، كسالي متراخون، منغلقون مقيدون، قليلو الدافعية للعمل والإنجاز، منعدمي الإبتكار والفاعلية، يتسمون بالإنتهازية والوصولية “والمكيافيلية”، تسبقهم مظاهر الأستهتار، وعدم الأكتراث، والتهاون والإهمال. هم مأسورن فقط بدافع “الحصول علي المال” بأي وسيلة، وبأقل جهد ممكن. هم أيضًا يفتقرون إلي طاقات داخلية (إجابية مُحفزة)، يتنامي لديهم مشاعر الطمع، والحسد.إن انعزال المرتشين عن “الضمير الجمعي العام”، وعدم الشعور والتفاعل معه، والخضوع الكامل لمصالحه الشخصية التي لاتتوافق مع ذلك الضمير يجلب عليهم مشاعر الكراهية والغضب والحقد.مما يترتب عليه مزيد من الفشل في الأنتاج/ الأقتصاد، فضلا عن شيوع مظاهر الفساد الإداري والحكومي والإجتماعي.

دوافع وأسباب سلوك الرشوة – سيكولوجية الديون والرشاوي والاحتيال

  • ضعف الأساليب التربوية الأسرية: فالمرتشي لم يتشبع ـ منذ الصغرـ بالأوامر والنواهي والقيم الأسرية والإجتماعية السوية (مبادئ الثواب والعقاب). وتشربه باساليب خاطئة مشوهة تفتقر إلي الفاعلية والإيجابية.
  • الافتقار إلي الضمير المهني وقيمه، وعدم فهم الدلالة الأخلاقية للعمل وشرفه، وغياب الإحساس بالواجب والشعور بالمسئولية، وضياع الرغبة الحقيقية في خدمة المواطنين.
  • اللامعيارية (المرتشي يجعل نفسه هو المعيار لكل شيء)، وفساد نسقه القيمي/ السلوكي، وغياب تصوره الواضح المحدد حول ما هو “صواب وما هو خطأ”. فصورة الذات لدي المرتشي تتسم بالعجز والسلبية ومن ثم الإحباط. حيث تظهر لديه مشاعر العدوانية والضيق من المجتمع “سلطة غاشمة” تقف دون تحقيق أهدافه. فيتصارع “للإستقلال عن المجتمع”صانعا”سلطة من نفسه” علي الذين “يتسلطون” عليه، ليحصل علي المال ليشعر “بالقوة والحرية”. وفي صورة من أليات النفس الدفاعية لحسم الصراع الداخلي (عجز والرغبة في الحصول علي مصدر للقوة والحرية) نراه يبرر “الرشوة”بأنها:”عمولة، نسبة، سمسرة، إكرامية، حلاوة، عرق الخ”. وتبقي رغباته من جمع المال لاتشبع كما صراعاته وتناقضاته لا تنتهي.
  • سيكولوجية المرتشي تقوم علي “الانتهازية”، وهو غير راض عن نفسه، وظروفه وحياته، و”قيمه”. كثير “التوتر”، كثير التمني، رغباته أكبر من إمكاناته، كثير الشكوي من الفقر وقلة المال، ويرفض أي منطق “يفلسف الفقر، ويشوه الغني”، لدية رغبة عارمة في الغني وجمع المال بأسرع طريق، وبأقل وقت/ مجهود، بوسيلة شرعية أو غير شرعية.
  • اضطراب نسق القيم المجتمعية، وتحولها إلي القيم الاقتصادية الاستهلاكية حيث اعتبار المال “قيمة عليا” مما يدفع بأغنياء وميسورين وراغبي الثراء السريع لتعاطي الرشوة.
  • نقص فرص الأختيار والوسائل المشروعة لبعض الأفراد لتحقيق أهدافهم وتلبية طموحاتهم. بينا يفتقد البعض للصبر والمثابرة وبذل الجهد، وتنامي الرغبة السريعة في الحصول علي المال/ الثروة دون بذل ثمنها المشروع.
  • عوامل الفقر والاحتياج وغلاء الأسعار، إذا تزامنت مع السمات السابقة لشخصية المرتشي فإنها قد تدفع لسلوك الرشوة، والتي ينبغي بكل السبل إيقافها، وعدم توفير ملابسات حدوثها.

سيكولوجية الديون والرشاوي والاحتيال

إقرأ أيضاً:  قرية "الحرانية" تغزل فنوناً عالمية

مساحة إعلانية


سيكولوجية الاحتيال

لدي الكثيرين هناك ترابطًا بين الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية وظواهر الفساد التراكمية وبخاصة الإحتيال. بل من هؤلاء من يعتبر” أزمة الرهن العقاري” التي مثلت القادح المباشر لاندلاعها ماهي سوى الصورة الأوضح لـ”تَمَأْسُس” الاحتيال. على اعتبار عملية الرهن تقوم على منح العقارات قيمة وهمية تفوق قيمتها الحقيقية بعشرات الأضعاف، ومن ثم بيعها العديد من المرات وتكوين محافظ رهون غير ذات قيمة حقيقية. إن الإحتيال سلوك إجرامي يستعمل التضليل للحصول علي أموال الناس، أو الحصول علي ممتلكات بالباطل عن طريق الغش والخداع والمراوغة والكذب والتزييف. إن الوقائع والأرقام تكشف أن الإحتيال كان قد بلغ من الإحكام، و”حماية نفسه”، والإستمرار بعيدا عن الرقباء طيلة هذه السنين السابقة.

واستطاع “برنارد مادوف” الوسيط في “وول ستريت” والرئيس السابق لبورصة ناسداك في نيويورك، أن ينهبه طيلة سنوات “عمله”، والذي بلغ وفق تقديرات أولية 50 مليار دولار، في عملية نصب واحتيال تاريخية طالت أفرادا وشركات على امتداد أمريكا وآسيا وأوروبا من “فريد ويلبون” مالك فريق “نيويورك ميتس” للبيسبول، إلى بنك “بي إن بي باريباس”وشركة”نومورا” القابضة في اليابان وبنك “نيفو برايفيت” في زيوريخ، إلى شركة ادارة الثروات “ام اند بي كابيتال ادفايزر” الاسبانية. ومن الغريب أن يجد “مادوف” وقتأً، وظروفًا مواتية ـ مؤسسيا وقانونيًاـ ليؤسس صندوقا للاستثمارات ويستمر طويلًا في تغطية خسائره التي مني بها بأموال مستثمرين جدد.لكن الأغرب، أن تكون مسروقاته بذلك الحجم، ومتضرروه بذلك العدد، ويوجّه إليه الادعاء الأمريكي تهما بتلك الخطورة، ثم يطلق سراحه بكفالة مالية مقدارها 10 ملايين دولار فقط. بل من الخبراء من لا يستبعد أن ينجو من المساءلة القضائية بحكم تقدمه في السن.

الاحتيال أنواع: منه ما هو مباشر في أثناء الأنشطة والتفاعلات الاجتماعية التي تتضمن البيع والشراء والتجارة. فوفق مصالحهم الشخصية يغررون ويخدعون ضحاياهم. سرقة مباشرة من مشتر، ونصبا واحتيالا علي مستثمر. وهناك الاحتيال علي أموال افراد أو مجموعات من بُعد، عبر خلال وسائل الإعلام والاتصال أما عن طريق إعلانات كاذبة، عروض توظيف وهمية نظير مبلغ من المال، أو مسابقات تلفازية وهمية (يقع في شركها المهووسون بالثراء السريع والحصول علي الملايين جراء اتصال هاتفي) او قرصنة عبر الأنترنت (النصب/ الاحتيال/ الجريمة الألكترونية والتعرف علي كلمات المرور الخاصة ببطاقات الائتمان الخاصة). ثم الاحتيال علي المؤسسات: من موظفيها (لتسهيل الحصول علي اموال/ أختلاس/ قروض دون ضمانات/صفقات لهم ولذويهم ولمن يرشونهم الخ) أو من خارج العاملين بالمؤسسة (مثل الأدعاءات الكاذبة ضد شركات التأمين). إنه في ضوء الوقائع والأرقام المتكشفة أمسي السؤال المطروح: هل بات البقاء ليس “للأنظف يدا”، بل “للأكثر احتيالا”؟

سيكولوجية الديون والرشاوي والاحتيال

إقرأ أيضاً:  الجيد والسريع نادرا ما يلتقيان

مساحة إعلانية


دوافع وأسباب سلوك الاحتيال

  • ضحية الإحتيال وظروفة النفسية والفكرية والإجتماعية والأقتصادية: حيث يزداد في فترة الشباب والمراهقة لوجود هؤلاء خارج البيت فترات أطول، وتفاعلاتهم الأجتماعية الكثيرة). كما إن المرأة قد تكون أكثر عرضة للطمع في أموالها. وهناك موظفي البنوك والصرافين لمنهتهم الهامة في هذا الشأن.
  • وهناك الضحية الطامع في المال/ المهووس بالثراء السريع المتصف بسذاجة التفكير، وسوء التقدير، وعدم الإلتزام بالواقع. أو ذلك المهاجر/ الأقلية الذي يجد صعوبة في التوافق مع ثقافات جديدة الخ.
  • بالنسبة للمحتالين فالوضع المالي والحرمان المادي والأوضاع المالية السيئة، والرغبة في تملك ما لايستطيعون شراءه، والشعور بالنقص والدونية، والجشع والطمع وعدم الأمانة. دوافع واسباب لسلوكهم هذا المسلك.
  • نسق الحياة: كأن يكون سلوك الاحتيال بسبب نسق الحياة الخاص بذلك المحتال الذي وقع في براثن القمار وإدمان الكحول والمخدرات.
  • التفكك الأسري والطلاق وتكاليفه قد تدفع البعض إلي الإحتيال.
  • تعويضا عن مشاعر الضعف والنقص ورغبة في اظهارا القوة والسيطرة علي الاخرين.
  • الإحساس بالنشوة والسعادة (المرضية) جراء النصب والأحتيال علي الناس، وتحقيق ثروة مالية ضخمة غير متوقعة، أو متخيلة، وبث روح اليأس والألم والإذلال في نفوس الأخرين والسخرية منهم واستعبادهم، والفرحة بتحسرهم وتعثرهم.
  • قد يرتبط سلوك الأحتيال علي المال بالشعور “بالإثارة” حصولا علي الأموال السهلة، و”التحدي” حيث الخطط والتخطيط للحصول علي المال، وما يرتبط بهما من “أمل في نجاح، وخشية من فشل يحددان “قدرات” المحتال ومهاراته”.
  • صياغة “التبرير واختلاق الأعذار المسبقة” للتعويض الداخلي للمحتال عن سلوكيات يراها المجتمع إجرامية وشاذة. فييمارس إحتياله تحت “قناعات”ودعاوي”ظلم المؤسسة في الجور العلاوات والترقيات”، و”استحقاق الضحايا لذلك لغبائهم وحمقهم”، ” ارتباط الثروة بالذكاء” الخ. إن سمات شخصية النصاب/ المحتال: تعود الأخذ دون العطاء، المطالبة بالحقوق دون آداء الواجبات، لايريد بذل أي جهد لإستحقاق لقمة العيش (المال من دون مقابل)، لا يهمه الكم والكيف في الحصول علي المال. يبيع ضميره من اجل المال ويسخر نفسه لخدمته. هم متكبرون مغررون يمليون إلي التباهي والشعور بالعظمة يبدلون احتيالهم بأسماء أخري (المهاراة، و”الشطارة” والذكاء). وفي ذلك مظاهر معاناتهم من اضطراب الشخصية النرجسية، واضطراب الشخصية المضادة للمجتمع.

والخلاصة: لا تقوم الحياة إلا بـ”مال”، فهو عصبها. ولا يعيش الناس بغير شيئ يتم “تموله”/ “تملكه” عينيًا أو نقديًا أو نفعيًا، لتحقيق الحاجات، وإشباع الرغبات، وحفظ الكيانات. لذا فالكل يحمل قناعة “فطرية” بأن المال ـ تملكًا ونقلاـ حق مشروع، وهو موضع “حب جم”. ومن الحب ـ غير السوي، وغير العاقل ـ ماقتل. لذا ينبغي الوعي بالدوافع والأسباب الدافعة لـ “ظواهر” الديون/ الرشا/ الأحتيال وأنعسكاتها. فلقد غدت سلوكيات نفسية وإجتماعية واقتصادية مُدمرة، حدت بالبعض إلي القول أن القاعدة الجديدة للرأسمالية: “دعه يستدين/ يرتشي/ يحتال. دعه يمر”.

أ.د. ناصر أحمد سنه
كاتب وأكاديمي من مصر

(سيكولوجية الديون والرشاوي والاحتيال)

إقرأ أيضاً:  جنازات مشاهير. "لم يحضرها أحد"


لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:



هذه المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن منصة المقالة.


مساحة إعلانية


⇐ لا تنس عمل مشاركة (Share)

المقالة التالية

أسباب تدهور التعليم بالدول العربية وأهم الحلول المقترحة

الأربعاء يناير 25 , 2023
تمت قراءته: 1٬036 بداية يمكن القول بأن البحث عن حلول لشيء ما راجع إلى وجود أسباب معينة وهذا ما نلاحظه في منظومة التعليم بالدولة العربية وهناك مجموعة من الملاحظات حول قطاع التعليم حيث أثبت الدراسات أن هذا القطاع يعيش أزمة حقيقية في جل الدول العربية خصوصا الفقيرة منها ومنه فإن […]
أسباب تدهور التعليم بالدول العربية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: رجاء عدم محاولة النسخ، وعمل مشاركة/شير أو استخدم رابط صفحة المقالة كمرجع في موقعك - جميع الحقوق محفوظة لمنصة المقالة