التنمر والشريعة الإسلامية
أصبح التنمر ظاهرة تغزو المجتمعات وهي ظاهرة من الظواهر المنبوذة شرعًا، لأنَّ الشريعة الإسلامية حَرَّمت الإيذاء بكل صوره وأشكاله؛ قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا﴾ (الأحزاب: 58). ويقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ دِماءكم وأَموالَكم وأَعراضَكم عليكم حَرامٌ كحُرمةِ يَومِكم هذا في بَلَدِكم هذا في شَهرِكم هذا» [1]الراوي : أبو بكرة نفيع بن الحارث | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري.. كما أن الظاهرة تضرب في عمق القيم الأخلاقية وتسعى إلى انهيار الترابط الإجتماعي بين أفراد المجتمع الواحد، ويعتبر التنمر عدوانًا على الآخر إما بالتحرش اللفظي أو الجسدي أو النفسي.
ميزات المتنمرين والضحايا
أما المتنمر فهو -عادة- شخصية تجدها متفوقة إما على المستوى الدراسي أو الاجتماعي أو على مستوى البنية الجسمانية أو المهنية. أما الضحايا فتجدهم غالبًا أقل شأنًا دراسيًا أو إجتماعيًا أو حتى جسمانيًا ولا يمتلكون القدرة على المواجهة. بل وحتى إن كانوا متفوقين في مجالاتهم فهم يفضلون العزلة والوحدة وتجنب الصراعات والإبتعاد عن المشاكل. وهؤلاء هم الأكثر عرضة لبطش المتنمرين التي تصور لهم أنفسهم المريضة أن ما يقومون به من إحتقار للغير سيرفع من قيمتهم المعنوية وأنهم بذلك سيفرضون قوتهم ويثبتون وجودهم. ولكن نفسهم الخبيثة هي من تصور لهم ذلك فيظنون أنهم فوق الجميع وهم الأسياد والباقي عبيد ولكن شعورهم بالنقص النفسي هو ما يجعلهم يحتقرون الآخر ويجعلون منه هدفهم الذي يمارسون عليه شذوذهم الأخلاقي والسلطوي ليشبعوا بذلك الجانب الظلامي أو بالأحرى الشيطاني لشخصياتهم.
التأثيرات السلبية للتنمر
فالروح الإستبدادية للمتنمر هي ما تجعل منه متسلطًا وعدوانيًا، وأغلب المتنمرين يختارون ضحاياهم الأقل منهم شأنًا من ذوي الأمراض أو الإعاقات المختلفة أو الأضعف من حيث البنية الجسمانية ليجعلوا منهم محط تلاعباتهم واستهزاءاتهم المتكررة. خصوصًا في المحطات الدراسية فكثير من الأطفال تركوا مدارسهم وفصولهم الدراسية تجنبًا لتسلط المتنمرين الذين بتصرفاتهم قد يتسببوا في خلق أزمات نفسية لضحاياهم يمكنها أن تؤثر عليهم طيلة حياتهم.
ولا يشمل التنمر فقط الفصول الدراسية فحسب، بل وحتى في أماكن العمل فكثير ما نجد شخصًا بين العمال أو الموظفين وأحيانًا يكون أعلى منهم رتبة في السلم الإداري يتنمر عليهم ويجعل من بعضهم محط إستهزاء وإهانة كما أن هذه الظاهرة يمكنها أن تشمل حتى العلاقة بين الجنسين ونجد أغلب النساء هن ضحايا لظاهرة التنمر والتحرش.
محاربة التنمر
إذن التنمر على الآخر أو احتقاره هي ظاهرة اجتماعية مسكوت عنها ويجب اجتثاتها من العمق وسن إجراءات وقوانين لمعالجتها وحسب علمي أن بعض الولايات الأمريكية قامت بسن هذه القوانين.
إذن التنمر ظاهرة تزعج راحة الآخر بشكل مستمر خصوصًا في المدارس أو أماكن العمل أو الأحياء وحتى المنازل أحيانًا. وتكون هذه الظاهرة إما بشكل فردي بين فرد وآخر، أو بشكل جماعي بين جماعة وأخرى. ليكون الضحايا عرضة للإستهزاء أو التنكيل الجسدي واللفظي وحتى النفسي وتكون أكثر تأثيرًا على الأطفال الذين يتولد لديهم إحساس بالنقص. ويمكن أن يتطور الأمر إلى أزمات نفسية تؤثر على مسارهم الدراسي أو المعنوي وحتى العاطفي. لهذا يجب اجتثات هذه الظاهرة من جذورها خصوصًا في مجتمعاتنا العربية بسن قوانين رادعة للمتنمرين، حتى لا يكون هناك ضحايا يعانون من هذا النوع من التحرش يمكن أن يصل بهم لحد التفكير في الإنتحار أو الإنقطاع عن المسار الدراسي أو المهني لما تسببه لهم الظاهرة من تأثيرات معنوية ونفسية تجعلهم يشعرون بالإحتقار من الآخر.
تأثير الظاهرة على الفرد والمجتمع
إذن ظاهرة التنمر هي ظاهرة غير صحية للمجتمع وتضرب بالعلاقات الاجتماعية. ولها تأثير نفسي على ضحايا هذا النوع من السلوك كما يمكن أن تودي بهم إلى أمراض نفسية وعصبية كالإكتئاب وغيره. لهذا وجب محاربة الظاهرة لما تشكله من خطر على المجتمع خصوصًا بالنسبة للأطفال الذين لهم قابلية سريعة للتأثير بالظاهرة ويمكن أن تكون ردود أفعالهم غير محسوبة أو متوقعة أحيانا، وهذا ما يستدعي محاربة الظاهرة من العمق بعد إخراجها من طابوهات المسكوت عنه.
مع تحيات
سعيد لقراشي
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
تخرج سعيد لقراشي من الثالثة ثانوي بالمغرب. حاصل على دبلوم المحاسبة. كاتب سيناريو لمجموعة من الأفلام القصيرة عرضت على قنوات اليوتيوب. شارك في بعضها كممثل كما يعمل كمراسل لمجموعة من المواقع الإلكترونية.
الملاحظات أو المصادر
| ↑1 | الراوي : أبو بكرة نفيع بن الحارث | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري. |
|---|
