فيه مقولة مشهورة في عالم الشركات الكبيرة بتقول “ما لا نستطيع قياسه لا نستطيع تحسينه أو تطويره”. الجملة دي معناها ببساطة اني لازم يكون عندي مجموعة من المعايير والقياسات لأي ادارة أو مؤسسة علشان أقدر أولا اعرف المكان ده ناجح ولا لا واعرف ثانيًا ازاي ممكن اطوره. معايير التقييم.
خليني أقولك مثال، لو سألتك وقولتلك على سبيل المثال: إيه رأيك في آداء جهاز الشرطة؟
تفتكر ردك حيكون ايه؟ سلبي ولا إيجابي؟
الحقيقة إن تقييمك بالسلب أو بالإيجاب غير مهم حاليًا على الإطلاق لأن الدولة مش حاطة معايير موضوعية نقدر نحكم بيها على آداء جهاز الشرطة “كمثال”.
طيب معايير التقييم دي ممكن تبقى ايه؟
معايير التقييم اللي بتستخدمها دول العالم كثيرة و متعددة، وممكن نقول إن أهمها بالنسبة لنا واللي محتاجين انها تبقى موجودة هما الكام واحدة دول:
- معدل الجرائم.
- نسبة الجرائم التي تم حلها.
- نسبة القضايا التي رفضتها النيابة العامة أو اعادتها للشرطة (علشان نضمن انهم مش بيقبضوا على أي حد علشان يلبسوه التهمة ويحققوا التارجت بتاع نسبة الجرائم المحلولة).
- متوسط الوقت لحل الجريمة أو إعادة الأطفال المخطوفين أو السيارات المسروقة.
أهمية وكيفية اختيار التارجت
طبعًا محتاجين إن كل معيار من المعايير السابقة يكون له تارجت، والتارجت ده علشان نختاره لازم نعرف المعايير دي قيمتها كام حاليًا، وايه البينش مارك اللي الدول اللي ظروفها زينا مستخدماه، يعني مثلًا ما ينفعش فجأة تقول أنا عاوز معدل الجرائم يبقى صفر زي دبي ولا ينفع برضه تقارن نفسك بأمريكا اللي السلاح فيها بيتباع بالبطاقة.
اختيار تارجت أو وضع قيمة له دي حاجة ليها أسلوب وطرق علمية كتير، ما ينفعش احط تارجت صعب قوي يعملي احباط ولا تارجت سهل قوي أضحك بيه على نفسي.
معايير التقييم
ومعايير التقييم زي ما قلنا لازم تتوفر فيها مجموعة عوامل العالم كله اتفق عليها.
- أولًا: لازم يكون محدد و مفهوم بالنسبة لكل شخص حيشارك أو حيتأثر بالمعيار ده، في حالة الشرطة مثلًا لازم يكون المعيار مفهوم للظباط والمواطنين زي معدل الجرائم.
- ثانيًا: لازم يكون حاجة أقدر أقيسها ماتبقاش معتمدة على الأهواء الشخصية أو الانطباعات الفردية، يعني ماينفعش احط معيار اسمه احترام الظابط لرؤسائه لأن حاجة زي دي ماينفعش أقيسها؛ وبالتالي ممكن لو ظابط رئيسه مستتقل دمه يوقعه في المعيار ده. و طبعًا أشهر مثال للمعايير أو التارجت الغير قابل للقياس إني أقول ان مصر حتبقى قد الدنيا.
- ثالثًا: لازم التارجت أو الهدف يكون قابل للتحقيق، ماينفعش زي ما قولنا إني فجأة أطلب من الشرطة ان معدل الجريمة يبقى صفر، لازم التارجت يكون متدرج الصعوبة.
- رابعًا: لازم المعيار يكون له علاقة بطبيعة الشغل نفسه، ماينفعش أحط هدف للشرطة ان القسم يبقى ممسوح ونضيف تلات مرات في اليوم. هو طبعا شيء مهم لكنه غير مؤثر بشكل مباشر في نوعية وكفاءة الآداء.
- خامسًا: لازم يكون التارجت محدد بمدة زمنية معينة، مثال: خفض نسبة جرائم السرقة من كذا لكذا بنهاية عام 2020.
آلية تنفيذ معايير التقييم
المعايير السابقة محتاجين انها تبقى موجودة على مستوى الافراد، ثم على مستوى الادارة اللي بيتبعها الموظف، ثم على مستوى الهيئة تصاعدًا لحد ما نوصل لمستوى رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية. ولازم المعايير دي و التارجت بتاعها يتم اعلانه من الحكومة في بداية كل سنة لكل الوزارات والهيئات وتتم مناقشتها في مجلس الشعب، و بعد السنة ما تخلص، مجلس الشعب يناقش مع الحكومة إيه اللي اتحقق وإيه ما اتحققش وليه؟ وإيه المعوقات اللي واجهت الحكومة خلاها ماقدرتش تحقق الاهداف المتفق عليها؟ ونشوف هل فيه خطة تم وضعها لعلاج أوجه القصور دي و لا لأ؟ و بناءًا عليه نبدأ نحط أهداف السنة الجديدة وهكذا.
مثال
يعني مثلًا، وزيرة التخطيط هالة السعيد قالت في أغسطس 2018:
لكن اللي حصل:
و بالتالي ده معناه اننا مش حنقدر نحقق التارجت بتاع الـ 11 مليار ولا حتى نصفه. في الحالة دي المفروض البرلمان يسأل الوزيرة الأسئلة التالية:
- على أي أسس تم وضع الـ 11 مليار كقيمة مستهدفة؟
- ما هي الأسباب لعدم تحقيق الهدف؟
- هل مطلوب من السلطة التشريعية مساعدة في حل المشكلة مثل اعادة صياغة بعض التشريعات أو وضع تشريعات وقوانين جديدة؟
- هل هناك خطة، كيف نستطيع تحقيق هذا الهدف في العام القادم؟ وهل سيتم تغييره أم لا وعلى أي أساس؟
وعلشان كده لازم الشعب يختار نواب البرلمان يكونوا بيفهموا في علم الادارة والاقتصاد والتشريعات والقوانين، لازم يكونوا ناس متخصصة، مش أروح اختار تاجر أوكبير عائلة مابيفهمش حاجة فيما سبق علشان حيديني كارتونة تموين!
فيه نقطة ناس كتير ما تعرفهاش عن النائب اللي المفروض يختاروه، النواب مش لازم بالضرورة يكونوا بيعبروا عن كل فئات المجتمع، يعني مش لازم يكون فيه نائب بيمثل سواقين التكاتك، وواحد بيمثل رجال الأعمال، وواحد بيمثل رجال القضاء، وهكذا..
النائب بيمثل أهل الدائرة الانتخابية اللي تم ترشيحه فيها كلهم، السواق والموظف والتاجر والمرأة والراجل اللي على المعاش.
وإلى الحديث بقية..
مهندس/ هشام صبري
استشاري نظم إدارية وجودة
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
المهندس هشام صبري تخرج من كلية الهندسة جامعة القاهرة من قسم القوى و الآلات الكهربائية في عام ٢٠٠٣. عمل المهندس هشام في عدد كبير من الشركات في مختلف دول العالم، وله عدد من الكتب المنشورة في علوم الإدارة والتاريخ والفيزياء الكمية.
الملاحظات أو المصادر