في كتابه “عزاءات الفلسفة” [1]كتاب عزاءات الفلسفة، آلان دو بوتون، 2019. يتحدث “آلان دو بوتون” في الفصل قبل الأخير عن العزاء بشأن انكسارات القلب، ويتناول في هذا الفصل “نظرية إرادة العيش” للفيلسوف “شوبنهازر”.
ما هي إرادة العيش عند شوبنهاور؟ يرى أن بداخل كل فرد ما يسمى بإرادة العيش، فهي التي تجعل الاكتئابيين وكل مهزوم يقاتل من أجل الاستمرار في الحياة. وإرادة العيش هي ما تحدد الذي نقع في حبه. وذلك لأنه يرى أن الحب والارتباط ما هو إلا إنتاج للجيل الثاني (الأطفال).
فبالتالي تختار إرادة العيش لكل فردٍ الشخصَ الذي سينتج معه جيلًا ثانيًا صحيحًا خاليًا من التشوهات والإعاقات. ولكي يكون الجيل الثاني خاليًا من التشوهات والإعاقات، يجب أن يكون الطرفان مختلفين في الصفات والطباع والشكل. ومثال ذلك أن الرجل الطويل يتزوج المرأة القصيرة أو العكس، وأن يتزوج الرجل الفوضوي المرأة المنظمة، وأن يتزوج الرجل البارد المرأة العصبية.
(شوبنهاور)
أي أنه يرى من الصعب أو المستحيل أن يرتبط شخصان متشابهان في الصفات، لأن ذلك سينتج جيلًا ثانيًا مشوهًا أو معاقًا. أي أنه يؤيد فكرة “تجاذب الأضداد” التي يتبناها كثير من الناس وهم لا يلاحظون ذلك. فهناك أشخاص عند الارتباط، يفضلون أشخاصًا مختلفين عنهم تمامًا. وهذه الفكرة ناقشها كتاب “أشهر ٥٠ خرافة في علم النفس” [2]كتاب أشهر ٥٠ خرافة في علم النفس، سكوت ليلينفيلد وستيفن جاي لين وجون روشيو وباري بايرستاين. على أنها إحدى الخرافات المنتشرة في المجتمعات.
فنحن لا ننجذب إلى المختلفين عنا في الصفات أو الشكل، بالعكس ننجذب إلى من يشبهنا “تجاذب الأمثال”. وينسحب ذلك على الصداقات أيضًا وليس الارتباط فقط. ويؤيد ذلك عدة أبحاث، من ضمنها بحث “دون بيرن” الذي أجراه هو وزملاؤه، والذي أثبت أنه كلما زادت درجة التشابه بين سلوكيات شخص ما وسلوكياتنا، زاد ميلنا إلى الإعجاب بذلك الشخص.
صفات رفيق العمر وإرادة العيش
وهناك اختبار أجراه كلٌ من “بيتر باستون وستيفن إيملين”، حيث طلبا من ٩٧٨ مشاركًا أن يضعوا ترتيبًا من حيث الأهمية لعشر صفات يبحثون عنها في رفيق العمر، مثل الثراء والطموح والإخلاص وهكذا. بعد ذلك طلبا من هؤلاء المشاركين أن يصنفوا أنفسهم وفقًا للصفات العشر نفسها. وبدا أن هناك ارتباطًا واضحًا بين ترتيب العشر صفات في كلتا الحالتين.
وهناك العديد من الأبحاث الأخرى التي توضح أنه عندما نبحث عن رفيق للروح، نحرص على أن يكون مطابقًا لطباعنا ولشخصياتنا.
ويرى مؤلفوا الكتاب أن سبب هذه الخرافة ثلاثة أسباب:
- أولًا: أن كثيرًا من الأفلام دعمت هذه الخرافة على مدى سنين كثيرة.
- ثانيًا: أن الشخص عادة ما يبحث عن من يكمله أو يعوض نقاط ضعفه.
- ثالثًا: أن هذه الخرافة “تجاذب الأضداد” بها جزء من الصحة، حيث أن عددًا قليلًا من الاختلافات في العلاقة من الممكن أن يُضفي عليها القوة والإثارة، وأن يقلل من الملل.
لذلك، إذا كنت في علاقة مع شخص، واكتشفت أنكما متشابهان في كثير من الصفات، فلا تلتفت لكلام “شوبنهاور”، وامضِ في علاقتك. أما إذا كنت في علاقة ولم تنجح لأي سبب، في هذه الحالة من الممكن أن تأخذ بكلام “شوبنهاور” لمواساتك فقط.
بسام حسان
طالب بكلية الإعلام
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
بسام حسان من مصر. يدرس بكلية الإعلام، قسم العلاقات العامة والإعلان. يهوى القراءة في التاريخ والفكر، ويحب الكتابة.
الملاحظات أو المصادر
↑1 | كتاب عزاءات الفلسفة، آلان دو بوتون، 2019. |
---|---|
↑2 | كتاب أشهر ٥٠ خرافة في علم النفس، سكوت ليلينفيلد وستيفن جاي لين وجون روشيو وباري بايرستاين. |