هل تصدق إن قلت لك، أن أحدهم دخل الإمتحان، ومعه كل الأجوبة وكل الأحتمالات وكل الفخاخ التي من المحتمل أن تقع، ولكنه في النهاية رسب في الإختبار، طبعًا لن تستسيغ الأمر، وتقول حتمًا أن الشخص الذي تقصده به لوثة في عقله، لكن دعني أخبرك أن ذلك الشخص الذي اتحدث عنه قد يكون أنا أو أنت أو أحد نعرفه، فالله قد جعل كتاب الحياة مفتوحًا واضح المعالم، وقد كلفنا واختبرنا، وأوضح لنا طريق الخير والشر، ولكننا نأبى إلا أن نعصيه. (لن تجد لسنة الله تبديلًا)
الحياة دائمة التجدد، ولكن نواميسها ثابتة لا تتغير، فالشمس تشرق في أول النهار وتغرب في آخره، والنجوم تضيء في الليل وتختفي في النهار، بعد المطر قوس قزح، وبعد الكد والتعب نجاح، وبعد الحياة يأتي الموت، فنواميس الحياة، ثابتة وقد أخبرنا الله أن سبل النجاح في الماضي ستؤدي للنجاح في الحاضر والمستقبل، وأسباب الإنحطاط في الماضي، ستؤدي لانحطاط في الحاضر والمستقبل، وقد أطلعنا على قصص من أماكن وأزمنة مختلفة. وأطلعنا على سنة الحياة التي جعلها فيها، لكي نتعظ ونعتبر، ولا نقع في ما وقع فيه غيرنا.
الآن نرى غلبة الباطل وطغيانه، بل وتنامي طغيانه يومًا بعد آخر. لكن الله أخبرنا أنه متاع قليل وحتما سيُغل وينجلي، فلا فرعون بقي ولا قوم هود وعاد والأيكة، ولا قوم صالح ولانمرود ولا أبو جهل وأبو لهب، ولا أعداء الحق في الحاضر وكذلك لن يغلبوا في المستقبل، فالساخط على وضعه، لم يتعلم سنن الله في الكون وعبد الله على حرف إن أصبه خير فبها ونعمة وإن أبتلي سخط على قدره.
من قصة قارون تعلمنا أن لا مكان للمتكبرين في دنيا، لا يستقيم فيها الأمر لمتكبر، فحق على أن ارتفع شيء أن يضعه، وقد أجرى النبي صلى الله عليه وسلم سباق بناقته القصواء، فكانت دائمًا هي من تفوز لكنها، خسرت ذات سباق، فقال “حق على أن ارتفع شيء إلا وضعه” [1](إن حقًا على اللهِ عزَّ وجلَّ ، أن لا يَرْتَفِعَ شيءٌ مِن الدنيا إلا وضعَه.) الراوي : أنس بن مالك | المحدث : … Continue reading، وكذلك سائر من على الأرض، فلا تكن ممن يبعدون عن الجنان، فلا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر.
من قصة يونس وزكريا وابراهيم، وأيوب ويعقوب ومحمد، نتعلم أن الله يجيب عباده الصالحين إذا ما دعوه، فهو لا يخذل من مد يده إليه يناجيه، وقال “ادعوني أستجب لكم” فالله سن أن يجيب المضطر إذا ما دعاه، فمد يدك ولا تقنط من رحمة الله، ونقي قلبك من الدنيا، واعلم أنه سيستجسب لأنه رب مجيب.
من قصة يوسف، نتعلم أن الله ينجي عباده الصالحين بغير كيف، فهو قد يسخر أبسط جنوده لكي يرفع عنك الغمة، هو ينتظر فقط، أن تفرد محبته في قلبه. وتتوكل عليه وحده، وأن تؤمن أن لا منجى منه إلا إليه، فهو قد دل السيارة للبئر فأخرجته، ودل العزيز للسوق كي يشتريه فيعيش معززًا مكرمًا، وأنطق غلامًا لكي يبرئه. وأرسل رؤيا إلى الملك لكي يحرره، فربما هي أشياء لم تكن تخطر في بال يوسف أنها ستكون السبب الذي سيجعله عزيز مصر، فقط توكل على الله.
من قصة محمد نتعلم أن أساس بناء الأمم هي الأخلاق لا غيرها فبها تسمو المجتمعات وترتفع، فهو القائل”إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” فالله سن أن الأخلاق هي قاعدة الحضارة، أي حضارة ذهبت أخلاقها، حق لها ان تسقط، فالفرس سقطت بتردي الأخلاق، والروم والصين والهند سقطت بتردي الأخلاق، وحضارتنا سقطت لأننا تجردنا من تعاليم نبينا ووصاياه، وكذلك في واقعنا المعاصر، إذا ما رأيت أن أخلاق أمة من الأمم أضمحلت، فأعلم أنها ستؤول إلى السقوط لا محالة، فهذه سنن الله في كونه.
لكل شيء نشتريه، كتيب استخدامات يرينا طريقة التركيب والعمل، وأسباب العطل وطرق الإصلاح، كذلك الإنسان، ولله الخالق المثل الأعلى فهو أنزل رسله ومعهم الكتب لكي يقودوا الناس للطريقة الصحيحة في خلافة الأرض وعمارتها، وختم رسالته بنبيه محمد، وبالقرآن الكريم، وقال تعالى في كتابه “مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ” [الأنعام 38]، يعني أن كل ما تشعر به وتفكر به وتقوم به موجود هناك، فقط يحتاج أن تتدبر وتتفكر في آيات الله وفي ملكوته واستشعر الآيات لتعلم حقيقتك وواجبك ومصيرك، فإذا ما علم الإنسان هذه الثلاثة ارتاح باله وسكنت نفسه.
الضيف بلول
(لن تجد لسنة الله تبديلًا)
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
الضيف بلول من الجزائر، يدرس تخصص التاريخ بجامعة الشهيد حمة لخضر. يهوى الكتابة وممارسة الرياضة.
الملاحظات أو المصادر
↑1 | (إن حقًا على اللهِ عزَّ وجلَّ ، أن لا يَرْتَفِعَ شيءٌ مِن الدنيا إلا وضعَه.) الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود. الدرر السنية |
---|