مبادئ الفلسفة الائتمانية
1- ما الائتمانية؟
الائتمانية، حسب طه عبد الرحمن، هي التدبير على أساس مبدأ التشهيد [١] والإيمان بالغيب يجعل الحقائق الغيبية أنموذجا متعاليا يتم على أساسه تنظيم الشأن الدنيوي، أي جعل قيم الغيب الأصل في توجيه العالم الحسي والواقع، أو بعبارة ثانية، جعل ما ينبغي أن يكون الأصل في توجيه وتخليق الواقع. والائتمانية هي الأمانة باعتبارها أصل الوحدة بين التعبد والتدبير، والوحدة بين الواقع والغيب والوصل بين الدين ومختلف مجالات الحياة كــ: السياسة، الأخلاق، العلم. يتعلق الأمر بتوجيه الحياة بأحكام الدين ومعانيها الأخلاقية؛ فالائتمانية هي “حراسة الدين بالدين وسياسة الدنيا بالدين”، وهو ما يعني أن تدبير العالم يتأسس على الدين وما يتضمنه من قيم أخلاقية عليا؛ وصلا للزماني بالروحي والدنيوي بالمقدس والذات بالموضوع والنظر بالعمل، تخليقا للواقع بما تتضمنه الشريعة من مبادئ أخلاقية روحية، من أجل إصلاح الإنسان الذي هو ــ عند طه ــ منطلق كل تجديد [٢]. فالأصل في الدين هو التعبد للحق سبحانه، فيكون بمقتضى ذلك التعبد لله كغاية للوجود الإنساني الأصل في وصل الأخلاق بالدين [٣]. وبناء عليه، فـــــ “النظرية الائتمانية نظرية أخلاقية مؤسسة على معايير دينية قبلية فُطر عليها الإنسان وهي الإيمان والتعبد” [٤]. (مبادئ الفلسفة الائتمانية)
إن الائتمانية إنما هي انتقال من ضيق التملك إلى سَعة الوجود بوساطة فعل التعبد لله؛ فتخليق الإنسان لباطنه من خلال التعبد، بوصفه روح الدين، هو أساس الإنتقال من الإمتلاك للوجود إلى رعاية الوجود، والإنتقال من تأليه الذات إلى التعبد لله، من جهة أن الائتمانية هي تحرير الإنسان لذاته من ذاته. وباختصار، فالائتمان هو إقامة علاقة أخلاقية روحية بين الإنسان وذاته وبين الأشياء بموجب أن الائتمانية هي علاقة العطاء؛ حيث لا تنفك علاقة الإنسان مع ذاته ومع الوجود عن الألوهية مبدأ ومقصدا [٥].
من هنا، تعد الائتمانية “تطبيقا من تطبيقات تجديد مفهوم الفلسفة عند طه عبد الرحمن؛ حيث أعاد تعريف الفلسفة دينيا، بجعل الدين أساس الفلسفة، باعتبارها حب الإيمان المطلق، [ولذلك] فالنظرية الائتمانية انبثقت عن الوصل بين العقل والإيمان” [٦].
واضح، من خلال ما سبق، أن فلسفة طه عبد الرحمن تنطلق من الدين حيث الوصل بين العقل والإيمان وحيث عدم الإقرار بالتعارض بينهما، وهو ما يقتضي، ضرورة، إعادة النظر في العقل والدين؛ وهذه مهمة الفيلسوف الذي لا يُسلم دائما بما يُجمع عليه، بمعنى أن انطلاق الفلسفة عنده من الدين دلالة على أنه إنما يروم توضيح وتمييز ما لم يُوضح ويُميز.
(مبادئ الفلسفة الائتمانية)
مساحة إعلانية
2- مبادئ الائتمانية:
1- مبادئ الائتمانية الدينية:
إذا كانت الحداثة قد قامت بفصل العلم عن الدين وفصلت عنه الفن والقانون، كما فصلت السياسة عن الأخلاق؛ فهذا الفعل، حيث انتزاع قطاعات الحياة من الدين، يُطلق عليه طه عبد الرحمن اسم عام هو الدنيانية، ولما كانت تتعدد أشكال الفصول الدنيانية وتتباين فيما بينها [٧]، فسيقترح طه اسم متميز لهذه الصورة البارزة من الدنيانية هو اسم الدهرانية [٨]. وإذا كانت الفلسفة الدهرانية تقوم على العقل المجرد، فإن الفلسفة الائتمانية إنما تنبني على العقل المؤيد؛ ويتضح التفاوت العقلي بين الفلسفة الائتمانية والفلسفات المعهودة غير الائتمانية؛ شأن الفلسفة الدهرانية عندما نقارن بين مبادئها. إذا كانت مبادئ العقل الأولى التي تتحدد بها الفلسفة غير الائتمانية تتمثل في مبدإ الهوية، مبدأ عدم التناقض، مبدأ الثالث المرفوع، فإن مبادئ الفلسفة الائتمانية هي غير ذلك [٩] ، وتكمن في:
- مبدأ الشهادة: وهو مبدأ يقوم على أن الشهادة بمختلف معانيها تجعل الإنسان يستعيد فطرته؛ محصلا حقيقة هويته ومعنى وجوده؛ بدءا بشهادة الإنسان في العالمين: الغيبي والمرئي، التي يقر فيها بوحدانية الله وشهادة الخالق على هذه الشهادة، وانتهاء بالشهادة على الذات والشهادة على الآخرين [١٠]. فإذا كان مبدأ الهوية المجرد في الفلسفة غير الائتمانية يقضي أن الشيئ هو هو، فإن مبدأ الشهادة في الفلسفة الائتمانية يقضي بأن الشيئ هو هو متى شهد عليه غيره: أي الإله، الرسول، الإنسان، والكائنات الأخرى؛ لأن كل الموجودات في العالم الائتماني تتمتع بحق الشهادة [١١]. ومعنى ذلك أن الأمر يتعلق بالغيرية، ولذلك فـــ”ليس الذي بُني على الغيرية كالذي لم يُبنى عليها؛ فوجود الغيرية خير من عدمها نظرا لأنها تحفظ مما ليس يُحفظ منه بدونها؛ كعبادة الذات أو اتباع الهوى. وإذا كان هذا فضل غيرية المخلوقات، فما الظن بغيرية الخالق! فيقين أن أفضالها ليست لها نهاية تقف عندها” [١٢].
- مبدأ الأمانة: يقوم هذا المبدأ على أن الأمانة بمختلف وجوهها تجعل الإنسان يتجرد من روح التملك؛ متحملا كافة مسؤولياته التي بموجبها كمال عقله، بدءا بالمسؤولية عن الأفعال وانتهاء بالمسؤولية عن المسؤولية؛ مرورا بالمسؤولية عن الذات، الناس، الكائنات الحية، الأشياء، العالم؛ لأن كل الموجودات في العالم الائتماني عبارة عن أمانات لدى الإنسان. فإذا كان مبدأ عدم التناقض المجرد الذي يقضي بأن الشيئ ونقيضه لا يجتمعان، فإن مبدأ الأمانة يقضي بأن الشيئ ونقضيه لا يجتمعان متى كان العقل مسؤولا؛ بدءا من المسؤولية عن عدم الجمع بين الشيئ ونقيضه وانتهاءا بالمسؤولية على نتائجه النظرية وآثاره العملية. وعليه، يقتضي مبدأ الأمانة كما يقضي مبدأ عدم التناقض بالتزام مقتضيات الاتساق العقلي؛ حتى إن بعضهم ــ يقول طه ــ فسر الأمانة بمعنى العقل وبعضهم فسرها بمعنى التكليف؛ ومعلوم أنه لا تكليف بغير عقل، وفسرها آخرون كذلك بمعنى الحرية؛ ومعلوم أنه لا حرية بلا تكليف، فيلزم أنه لا حرية بغير عقل. ويعني ذلك أن الأمر متعلق بالمسؤولية، ولذلك فـــ” ليس الذي بُني على المسؤولية كالذي لم يُبنَ عليها؛ فوجود المسؤولية في طي الاتساق خير من عدمها نظرا لأنها تحفظ مما ليس يُحفظ منه بدونها؛ كصناعة السلاح الفتاك أو تلويث البيئة؛ فالعقل المسؤول يُمنعه اتساقه عن أن ينتج ما قد يضر بالوجود، كثيرا أو قليلا، مبرهن على كماله؛ في حين أن العقل غير المسؤول لا يمنعه اتساقه من ذلك. بل قد يجعله يعتبر إنتاج ما لا يضر وإنتاج ما يضر بمنزلة واحدة، بل قد يزين له إنتاج ما لا يضر، فيُقدم عليه من غير تردد ولا تهيب” [١٣].
- مبدأ التزكية: يقوم هذا المبدأ على أن التزكية بمختلف مراتبها خيار لا ثاني له يجعل الإنسان يجاهد نفسه للتحقق بالقيم الأخلاقية والمعاني الروحية المنزلة؛ ابتغاءا لمرضاة الخالق جل جلاله، وحفظا لأفضلية الإنسان في الوجود، وتصديا لجديد التحديات والأزمات في القيم الإنسانية داخل عالم يزداد ضيقا، ولا ينفك يتغير بوتيرة تزداد سرعة، من أجل الترقية أي التنمية الخلقية والروحية، ذلك “أن واجب الإنسان في العالم الائتماني أن يطلب التقدم المعنوي كما يطلب التقدم المادي، بل واجبه أن يجعل التقدم المادي تابعا للتقدم المعنوي، وإلا فلا تقدم في إنسانيته” [١٤]. والتزكية إنما هي تربية فردية وجماعية معا [١٥] ؛ هي ــ أي التزكية ــ أقدر على التصدي للعلل الإجتماعية بل الآفات العالمية؛ خلقية كانت أو روحية [١٦]. فإذا كان مبدأ الثالث المرفوع يقضي أن الشيئ إما هو وإما نقضيه، فإن مبدأ التزكية يقضي بأن الشيئ إما هو وإما نقيضه متى كان العمل مطلوبا؛ بدءا من الأعمال الخارجية (أعمال الجوارح) وانتهاء بالأعمال الداخلية (أعمال القلوب)، وعليه فإن مبدأ التزكية يقضي كما يقضي مبدأ الثالث المرفوع بالأخذ بمُقتضى البدل؛ إذ لا خيار للانسان إلا بين أمرين: إما أن يأتي العمل الذي يُزكي نفسه؛ خارجيا كان أو داخليا، وإما أن يأتي العمل الذي يدسيها؛ خارجيا كان أو داخليا، أو باختصار: إما تزكية أو تدسية [١٧]. ومعنى ذلك أن الأمر متعلق بالعمل و “ليس الذي بُني على العمل كالذي لم يُبنى عليه؛ فوجود العمل خير من عدمه نظرا لأنه يحفظ مما لا يُحفظ منه بدونه؛ كالخوض في الجدل العقيم أو الكلام فيما ليس تحته طائل”. لذلك، فالعمل في البدل الائتماني هو بمنزلة المعيار الذي يُتوسل به في الحكم على النظر كله؛ فإما “هو نظر تحصل به تزكية النفس؛ فيؤتى، أو هو نظر تحصل به تدسيتها؛ فيُصرف” [١٨].
وعلى قاعدة هذه المبادئ للائتمان وما يترتب عليها من حقائق تجعل تجديد الإنسان في كل فرد هو أصل التغيير والتطوير في كل مجتمع.
يتبين، بداهة، إذن، أن تلك المبادئ إنما هي مفاهيم قرآنية؛ فإذا كان مبدأ الشهادة يقتضي نسبة الربوبية والألوهية إلى الله وحده ومن ثم امتناعها عن البشر؛ وإلا كانت مخالفة للميثاق الإشهادي، وكان مبدأ الأمانة يقتضي تحميل الإنسان العالم بما فيه كوديعة ومن ثم كان الإفرط أو التفريط فيها مخالفة ــ أيضا ــ للميثاق الائتماني، فإن المبدأ الثالث، مبدأ التزكية، هو “حلقة وصل بين مبدأي الشهادة والأمانة؛ كون التزكية تربية روحية توسع التخلق والتعبد؛ غرضها إصلاح الفطرة في حال انحرافها. والغرض من ذلك هو الاستدلال على أن الدين هو الذي يحقق التوازن الوجودي والأمن النفسي؛ لشموليته وعدم تعارض المادي والروحي فيه، ومن ثم أفضليته على المنظومة التشريعية الغربية” [١٩]. ولذلك، فالعمل التزكوي إنما يجدد الإنسان في كليته ويخلق منه الإنسان الكوثر الذي “هو الإنسان القادر على الإبداع استنادا إلى الفطرة الإيمانية” [٢٠] .
(مبادئ الفلسفة الائتمانية)
مساحة إعلانية
2- مبادئ الائتمانية الأخلاقية:
إذا كان طه عبد الرحمن يصل الدين بمختلف مناحي الحياة بغاية تخلق الإنسان وترقيه، فإن لائتمانيته مبادئ أخرى؛ هي المبادئ الأخلاقية، وهي مستمدة هي الأخرى من الدين؛ على غرار المبادئ الثلاثة المذكورة سلفا. إن المبادئ الائتمانية الأخلاقية توجهها المبادئ الائتمانية الدينية. فما هي هذه المبادئ الأخلاقية المتفرعة عن المبادئ الدينية؟
- مبدأ الشاهدية: أو الشاهدية الإلهية التي يعتبرها طه “أصل التخلق” [٢١]. إنه مفهوم أخلاقي ومعرفي صوفي يعني أن أساس الفعل الأخلاقي هو الحكم الإلهي على السلوك؛ يجمع بين التخلق ومعرفة الله؛ كمعاني جمالية، والقصد من ذلك أن منهج التأسيس للقيم هو العرفان. إن طه يصل معاني الجلال في الآمرية بمعاني الجمال في الشاهدية، وهذا الوصل ينتج تصورا جماليا للآمرية الإلهية [٢٢].
- مبدأ الآياتية: ويعني به طه “أن اتصال الدين بالعالم عبارة عن اتصال آيات لا اتصال ظواهر” [٢٣]. إنه مبدأ يتعلق بغائية الكون، ويتضمن نظرة أخلاقية للطبيعة بما هي فضاء يوجب على الإنسان احترام حقوقها بما يضمن توازنها؛ لأن التوازن الوجودي شرط في خلافة الأرض لا إفسادها؛ رعاية لخصوصيتها واكتشافا لأسرارها، كيف لا وهي تدل على خالقها الذي أبدع في إيجادها وتسخيرها للانسان. ويعد مبدأ الآياتية تطويرا لمفهوم النظر الملكوتي، وعلى ضوء هذه الإزدواجية بين الظاهرة وباطنها يتبين لنا أن منطق المعرفة في النظرية الائتمانية يتجاوز الأطر المعرفية الغربية الوضعية [٢٤]. ويعتبر التفكر الآياتي في العالم من مناهج تجديد الحقيقة الإيمانية، وحل جدلية المعرفة والإيمان في الفلسفة الغربية [٢٥].
- مبدأ الإيداعية: ويقضي أن “الأشياء ودائع عند الإنسان” [٢٦]. إنه مبدأ يتعلق بالتحقق بالأخلاق الروحية، وبناء عليه تتجدد العلاقة بين الإنسان والإله وتتجدد العلاقة بين الإنسان والأشياء. يتعلق الأمر باعتبار كل ما بالوجود مملوك لله تعالى، وضرورة تعامل الإنسان مع الموجودات أخلاقيا [٢٧]. إنها رؤية عميقة حيث يتحرر الإنسان من النسبة الذاتية ــ التي رأينا آثارها الوخيمة على البشرية ــ والدخول في نظرة رحموتية مع الطبيعة؛ بغية أداء مهمة الإستخلاف كما يليق بالإنسان.
- مبدأ الفطرية: ويعني أن “الأخلاق مأخوذة من الفطرة” [٢٨]. أي أن الأخلاق ليست نتاج الثقافة والتاريخ، بل هي بنية أصيلة في الإنسان و “الأصل في نشأة الفطرة ــ يقول طه ــ هو الخطاب الإلهي لأرواح الآدميين في عالم الغيب” [٢٩]، بمعنى أن القول بفطرية الأخلاق هو توكيد على مصدرها الغيبي. وهكذا، تكون الفطرة أساس حفظ الصلة الروحية بين الإنسان والإله بموجب الوصل بين الخَلق والخُلق [٣٠].
- مبدأ الجمعية: إن “الدين بجمعيته الأخلاق” [٣١]. ويتضمن مبدأ الجمعية كل المبادئ الائتمانية السابقة؛ إذ يتعلق بوصل الوجود بمبدإ التعالي المفارق وتأسيس القيم على الإعتقاد الديني [٣٢]. ولا صلاح لحياة الإنسانية إلا بإصلاح العلاقة مع الله؛ وهذا جوهر فلسفة طه عبد الرحمن الأخلاقية، تأسيسا للأخلاق على مقتضيات الإيمان والتعبد الروحي [٣٣].
وخلاصة القول
إن مبدأ الشاهدية إنما يُخرج الإنسان من مشقة التخلق إلى متعة التعلق؛ ناقلا القيم الأخلاقية إلى رتبة القيم الجمالية، ومبدأ الآياتية إنما يُخرج الدين والعالم من ضيق الظواهر وانفصالها إلى سَعة الآيات واتصالها، ومبدأ الإيداعية إنما يُخرج الإنسان من التسلط على الأشياء إلى الترفق بها؛ مقدما حقوقها على حقوقه فيها، ومبدأ الفطرية الذي يَرُد التخلق الظاهر إلى أصوله في أغوار الباطن، مستبدلا بالتخلق النفسي التخلق الروحي، ومبدأ الجمعية الذي يُخرج الإنسان من تخليق ذاته بعضا إلى تخليقها كُلا؛ حتى يسترجع إنسانيته كاملة غير منقوصة؛ كما يسترجع روحيته واسعة غير محصورة [٣٤].
وما يمكن أن يُلاحظ، هنا، هو أن طه ينطلق من قلب مبادئ الفلسفة غير الائتمانية، لبناء فلسفته هو؛ حيث نلحظه يقابل مبادئ فلسفته بعكس الأخرى، ولعله يريد بذلك التوكيد على أن العقل المجرد أو الفلسفات غير الائتمانية لا تفي بالمقصود، إذ أن تغييب الدين ــ الذي يراه أساسا للعقل ذاته [٣٥] ــ معناه الدخول في علاقة انفصالية مع العالم والإله. بمعنى أن ما يصل بين الإنسان والإله والعالم هو الدين القائم على العمل؛ فتوسل الإنسان بالدين حيث استحضار شاهدية الإله وميثاق الأمانة ومن ثم التزكية حيث التحقق بالقيم الأخلاقية والمعاني الروحية، فحواه الانتقال من نظر مُلكي قاصر محدود يسجن الإنسان أكثر مما يحرره إلى نظر ملكوتي روحي يحرر الإنسان ومن ثم تجديده. وعليه، فالدين ــ بهذا المعنى ــ إنما يبني رؤية كونية تنقل الإنسان من ضيق النسبة الذاتية ــ أي التملك ــ والنظر المحدود وتشوش الفطرة إلى صناعة إنسان يستعيد فطرته ويؤسس نظرة رحموتية ويتجاوز ظواهر الأمور إلى أغوارها، محصلا بذلك أخلاقا رفيعة؛ نستطيع أن نسميها، بعكس أخلاق الإنسان الأبتر، بأخلاق الإنسان الكوثر.
اليوسفي رحو
(مبادئ الفلسفة الائتمانية)
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
______________________
المصادر
(١) التشهيد هو “تنزيل العالم الغيبي إلى العالم المرئي”. طه عبد الرحمن، روح الدين، المركز الثقافي العربي، بيروت، ط4، 2017، ص46.
(٢) رقية بلعيدي، النقد الائتماني للخطاب الدهراني: طه عبد الرحمن أنموذجا، (أطروحة دكتوراه)، جامعة باتنة الحاج لخضر -1- الجزائر، السنة الجامعية:2020-2021، ص 81.
(٣) نفسه، ص 82.
(٤) نفسه، ص ن.
(٥) نفسه، ص 89.
(٦) نفسه، ص 85.
(٧) فتكون العلمانية (بفتح العين) هي الصورة الدنيانية التي اختصت بفصل السياسة عن الدين، وتكون العلمانية (بكسر العين) هي الصورة الدنيانية التي اختصت بفصل العلم عن الدين. طه عبد الرحمن، بؤس الدهرانية، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت، ط2، 2014، ص 11.
(٨) يقول طه عبد الرحمن: “والدهرانية هنا بمعنى فصل الأخلاق عن الدين، سواء ادعى القائل بهذا الفصل النسبة إلى الإتجاه المادي أو الإتجاه الروحي”. طه عبد الرحمن، بؤس الدهرانية، ص 12.
(٩) طه عبد الرحمن، بؤس الدهرانية، ص 14.
(١٠) نفسه، ص ن.
(١١) نفسه، ص 15.
(١٢) نفسه، ص ن.
(١٣) نفسه، ص 16.
(١٤) نفسه، ص ص 16-17.
(١٥) نفسه،ص 17.
(١٦) نفسه، ص ص 17-18.
(١٧) نفسه، ص 19.
(١٨) نفسه، ص ن.
(١٩) رقية بلعيدي، النقد الائتماني للخطاب الدهراني، ص 98.
(٢٠) نفسه، ص 99.
(٢١) طه عبد الرحمن، بؤس الدهرانية، ص 93.
(٢٢) رقية بلعيدي، النقد الائتماني للخطاب الدهراني، ص 101.
(٢٣) طه عبد الرحمن، بؤس الدهرانية، ص 95.
(٢٤) رقية بلعيدي، النقد الائتماني للخطاب الدهراني، ص 103.
(٢٥) نفسه، ص 104.
(٢٦) طه عبد الرحمن، بؤس الدهرانية، ص 98.
(٢٧) رقية بلعيدي، النقد الائتماني للخطاب الدهراني، ص 104.
(٢٨) طه عبد الرحمن، بؤس الدهرانية، ص 100.
(٢٩) نفسه، ص 101.
(٣٠) رقية بلعيدي، النقد الائتماني للخطاب الدهراني، ص 105.
(٣١) طه عبد الرحمن، بؤس الدهرانية، ص 103.
(٣٢) رقية بلعيدي، النقد الائتماني للخطاب الدهراني، ص 107.
(٣٣) نفسه، ص 108.
(٣٤) طه عبد الرحمن، بؤس الدهرانية، ص 108.
(٣٥) طه عبد الرحمن، المعاني الإيمانية: كيف تكون أدوات تحليلية؟، منشورات كلية أصول الدين، تطوان، ط1، 2019، ص 37.
رحو اليوسفي من المغرب، باحث وأستاذ لمادة الفلسفة بالثانوي التأهيلي، حاصل على الماستر – تخصص الفلسفة-. يهوى القراءة والكتابة.