النقرس، وسبل الوقاية منه

لقرون عديدة سُمى “داء الملوك”. كنموذج للأمراض دال علي مستوي اجتماعي، ونمط حياة خاصة. بيد أنه لم يعد ليقتصر على الطبقات العليا المرفهة فقط، بل تجاوزهم ـ في العقود الأخيرة ـ ليصيب بكثرة الطبقات المتوسطة والفقيرة. ويشار إلي أن هناك نحو 5% من سكان العالم يعاني النقرس، وتزداد نسب الإصابة به خاصة في الدول النامية. فما أسبابه، وسبل علاجه، والوقاية منه؟ (النقرس، وسبل الوقاية منه)

النقرس، وسبل الوقاية منه
Pinterest

يكثر النقرس بين الرجال (20- 40 سنة) أكثر من النساء (لا تتعدى نسبة إصابتهن 5 -10%، ونادرًا ما تظهر الأعراض قبل مرحلة انقطاع الدورة الشهرية)، بينما تكاد تتقارب نسبة احتمال حدوث المرض بين كبار السن من الجنسين. والنقرس Gout أحد الاضطرابات الهضم والاستقلاب، التي تلحق بنظام الأيض (التمثيل الغذائي) للبروتينات في الجسم، مع عدم قدرة الكلى علي التخلص نواتج هذا التمثيل، فترتفع نسبة حامض البوليك/ “يوريك” Uric acid في الدم، وترسب أملاح ذلك الحمض في المفاصل.
ومصادر حمض (اليوريك) إما خارجية من خلال ناتج التمثيل الغذائي للأغذية التي تحتوي على مادة (البيورين)، مثل: البروتينات الحيوانية (اللحوم والكبد والكلى الخ)، والبقوليات وبعض الخضراوات وغيرها. ومصادر أخري داخلية تنشأ نتيجة التمثيل الغذائي لمادة البيورينات الموجودة في أنوية الخلايا بشكل طبيعي.

ينتج عن تناول اللحوم حوالي 200 – 500 مجم من حمض (اليوريك)، أما التمثيل الغذائى (للبيورينات) داخل الجسم فيعطى حوالى 300 – 600 مجم تفرز فى البول يوميًا. وتقوم بكتيريا الأمعاء بالتخلص من حوالي ثلث كمية حمض اليوريك الذي يتكون يوميا لدى الأشخاص الطبيعيين وذلك بتحويلها إلى ثاني أكسيد الكربون والنشادر، كذلك تقوم كريات الدم البيضاء بتكسير كمية صغيرة من هذا الحمض، كما تفرز كمية قليلة منه عن طريق العرق.

النقرس، وسبل الوقاية منه
ويكيبيديا

وتبقي الكلى مضطلعة بدور أساس في طرد أو حجز حمض اليوريك بالجسم (الحد الأقصى الطبيعي لحمض اليوريك فى مصل الدم هو 7 مجم % بالنسبة للرجال، و5 – 6 مجم % بالنسبة للنساء). وفى الحالات الطبيعية يخرج الإنسان حوالى 1 جم من حمض (اليوريك) فى البول يوميًا.

إقرأ أيضاً:  "الطب الأصيل": الغرب يعود للشرق

مساحة إعلانية


أما فى الأشخاص المصابين بالنقرس أو فى حالات القصور الكلوى فإن إخراج حمض (اليوريك) فى البول يقل عن معدله الطبيعى. هذا التوازن الطبيعي يختل، ومن ثم تتراكم أملاح هذا الحمض (بلورات إبرية الشكل crystals of uric acid) في المفاصل، عاملة على تهيج وإلتهاب الغشاء المفصلي “التهاب المفاصل المستحث بالبلورات”، والأنسجة المجاورة (عظام وغضاريف وعضلات الخ) مما يسبب ألما وسخونة واحمرارا وتورما مزمنًا بالمفاصل خصوصا في مفصل إصبع القدم الكبير.

ويمكن أن يتجمع حمض اليوريك أيضآ تحت الجلد (الكوع أو صيوان الأذن الخ) في جيوب/ عقيدات تسمى التُوف Tophi أو في القناة البولية، والكليتين حيث تتسبب في تكوين حصوات بهما.

الأسباب – (النقرس، وسبل الوقاية منه)

  • قد يكون النقرس وراثيآ، وتلعب المورثات دورًا في الإصابة بفرط حمض اليوريك في الدم Hyperuricaemia ووجود تاريخ عائلي يدلل علي ذلك.
  • خلل فسيولوجي في التمثيل الغذائي للبروتينات والأطعمة التي تنتج حمض اليوريك في الجسم ويفضل عدم الإفراط في تناولها: البروتينات الحيوانية Animal protein، كاللحوم الحمراء، ولحم الخروف والبقر، الأكارع والكبد والقلب والكلى والنخاعات ومن الدواجن الحمام والبط، السردين وبيض السمك، السبانخ والفاصوليا والبازلاء والملفوف والزهرة والعدس، السكر والعسل والمربى والبسكويت فمن شأنها رفع حمض اليوريك.
  • أسباب فسيولوجية تؤدي لإفراز كبير من حمض البول داخل الجسم، وتظهر عادة بعد تناول وجبات غنية بالبروتين مع عدم مقدرة الكلى (مرض الكلى) على إخراج الكميات الزائدة من حمض اليوريك.
  • قيام الجسم بإفراز كمية زائدة من حامض اليوريك، أو التخلص من كمية قليلة منه، وهناك عوامل كثيرة تتسبب في ذلك منها: تناول الكحوليات، التزامن مع وجود بعض العلل كمرض السكري الوزن الزائد والسمنة ارتفاع نسبة الكولسترول والدهون الثلاثية في الدم، وضيق الشرايين، وارتفاع ضغط الدم غير المعالج (hypertension، قصور الغدة الدرقية
  • ثمة أسباب مساعدة كتناول بعض المستحضرات الطبية كخلاصة الكبد، والعقاقير المدرة للبول (عقاقير علاج ضغط الدم تعمل علي خفض نسبة الأملاح والماء في الجسم)
  • التقدم في السن قلة النشاط (الحركة) مثل البقاء لفترات طويلة في السرير
  • وجود خلل ما في وظيفة الأمعاء.
  • في بعض الحالات المزمنة تكون نسبة هذا الحامض عالية ولكن لا تظهر أعراض النقرس، ويبقي سبب ذلك غامضًا.

الأعراض

نقرس
Science Photo Library
  • النقرس يمكن أن يصيب أي مفصل بالجسم بما فيها مفاصل العمود الفقري، وخاصة تلك المفاصل التي أتلفتها حالات مرضية أخرى مثل الالتهاب العظمي المفصلي. لكن أكثر المفاصل عرضة لهذا المرض هو مفصل الأصبع الكبير للقدم، ويمكن أن يصيب النقرس شحمة الأذن والجلد المحيط بالمفصل، وخصوصا مفاصل الأصابع أو الركبة والكاحل، وتندر إصابة مفصلي الحوض والكتف بالمرض.
  • تبدأ الأعراض بآلام حادة مباغتة بالمفصل، ثم ظهور تورم واحمرار حوله، وقد يصاحب هذه الإعراض ارتفاع في درجة الحرارة (حمى)، وفي معظم الأحيان تحدث هذه الأزمات في فترة المساء، لكن الأعراض لا تلبث أن تزول في ظرف أسبوع أو أكثر لتعاود الظهور مرة ثانية على فترات تمتد لعدة أسابيع أو أشهر أو سنين.
إقرأ أيضاً:  المسكنات

مساحة إعلانية


التشخيص

  • بملاحظة أعراض المرض المميزة.
  • إجراء تحليل للكشف عن زيادة نسبة حمض البوليك في البول والدم، (ارتفاع معدل حمض البوليك في الدم لا يعني بالضرورة الإصابة بمرض النقرس).
  • فحص عينة من سائل المفصل (withdraw fluid from the affected joint) ويظهر بها بلورات حمض البوليك الطويلة ذات الشكل المدبب.
  • التشخيص بالأشعة السينية X-ray: تكشف في الحالات المزمنة عن تخرب السطوح المفصلية وتورم الأنسجة ووجود تشوهات مفصلية.

سبل العلاج، والوقاية – (النقرس، وسبل الوقاية منه)

  • في الحالات الحادة يلتزم المريض الراحة التامة، مع عمل كمادات باردة أو دافئة حسب الاستجابة لأي منهما.
  • تُوصف مسكنات للألم، كمضادات الالتهاب اللاستيرودية (NSAID)، وعقار الكولشيسين. وينصح بعدم تناول مركبات السالسيلات (لأنه يثبط قدرة الجسم على إخراج حمض البوليك)، والأدوية المدرة للبول، حيث إنها تسبب في تركيز/ ارتفاع نسبة حمض البوليك في الدم.
  • قد يُحقن المفصل/ العضلة المصابة بعقار الكورتيزون أو توصف تلك العقاقير لتتناول عن طريق الفم.
  • ينصح بشرب كميات وفيرة من الماء لتخفيف تركيز حمض البوليك في البول، ومن ثم تقلل من خطر تكون حصوات بالكلى.
  • الامتناع عن المشروبات الكحولية والتي تقلل من قدرة الجسم على إخراج حمض البوليك.
  • المحافظة على وزن الجسم، وإتباع الطرق الصحية والسليمة لنقص الوزن. حمية ورياضة.
  • الإقلال من تناول المأكولات الغنية بالبروتينات الحيوانية والنباتية، فوفقا لترتيبها (حيث تشير أعلى القائمة إلى الأطعمة الأكثر احتواء على مادة البيورين)- الكبد والكلى والمخ- اللحوم الحمراء- اللحوم البيضاء مثل: السمك والدجاج- العدس والبقول. – البروتينات النباتية مثل: الباذنجان والقرنبيط والبازلاء والسبانخ والخرشوف.
  • يمكن الاستعاضة وتعويض نسب البروتين اللازمة للجسم عبر بشرب اللبن وتناول الجبن لاحتوائهما على نسب ضئيلة جدا من مادة البيورين.
  • من الأغذية التي تفيد مرضى النقرس: عصير الليمون، وعصير العنب، والأناناس، التين، والكركديه، التفاح، الخيار، والكرات والفجل، ومنقوع الزنجبيل
  • عمل فحص دوري كل 6 أشهر وذلك بعمل تحليل لنسبة حمض اليوريك في الدم.

أ. د.ناصر أحمد سنه
باحث وأكاديمي مصري

(النقرس، وسبل الوقاية منه)

إقرأ أيضاً:  سرطان القولون والمستقيم


لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:



هذه المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن منصة المقالة.


مساحة إعلانية


⇐ لا تنس عمل مشاركة (Share)

المقالة التالية

مُعاناة الأُُبوة واقع مُعاش فيه

الثلاثاء أكتوبر 11 , 2022
تمت قراءته: 1٬944 الحياة متوازنة بعدالة الله عزوجل بين عباده فجعل منهم الحاكم والمحكوم والغني والفقير والقوي والضعيف فيحتاج هذا إلى هذا وتكتمل الحياة بينهم في المودة والتعاون والتشاور والترافق فيما بينهم وهناك طبقية عند الناس فمنهم الطبقة الغنية والطبقة الوسطية والطبقة الفقيرة والطبقة المعوزة فالغني له فوق الحاجة والوسطي […]
كأنه إمبارح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: رجاء عدم محاولة النسخ، وعمل مشاركة/شير أو استخدم رابط صفحة المقالة كمرجع في موقعك - جميع الحقوق محفوظة لمنصة المقالة