الحياة متوازنة بعدالة الله عزوجل بين عباده فجعل منهم الحاكم والمحكوم والغني والفقير والقوي والضعيف فيحتاج هذا إلى هذا وتكتمل الحياة بينهم في المودة والتعاون والتشاور والترافق فيما بينهم وهناك طبقية عند الناس فمنهم الطبقة الغنية والطبقة الوسطية والطبقة الفقيرة والطبقة المعوزة فالغني له فوق الحاجة والوسطي له الحاجة والفقير تحت الحاجة والمعوز ليست له حاجة. (مُعاناة الأُُبوة واقع مُعاش فيه)
ومن معاناة بعض الآباء في الأعمال الشاقة والمتعبة قد تجعل لحياتهم عقبات ومنها المتاعب الزوجية وصعوبة تربية الأبناء بسبب التنقل من مكان إلى آخر من أجل العمل فلا يقضي جل أوقاته بالبيت كثيرا كقضائها في العمل وربما يفقد صلاحياته تجاه أبنائه حتى يلقى أبنائه قد كبروا من دون شعوره وحدث هذا مع الكثير من الناس فإذا سألته تحجج بالظروف وكما يُقال ” رُب عذر أقبح من ذنب ” وهناك من يتأثر بصعوبة العمل وشقاوته فتفرض عليه الحياة على إستعمال القسوة تجاه عائلته وهذا خطأ كبير فحياتك المهنية لا تُدخلها في حياتك العائلية ولكل ظرف قياس خاص به فلا تعطي الحق لنفسك وتلوم الآخرين بسبب إهمالك لأبنائك لأنك أنت المطالب بالقدرة على المسؤولية كاملة لأننا رأينا بعض الأزواج من تعمد بترك المسؤولية لزوجته متهربا من بيته بحجة أن هناك مشاكل عائلية. الخ وهذا من سوء فهم معنى أن تكون رب أسرة ناجحة فهروبك اليوم سيكون غدا عليك حسرة وندامة لا ينفع معها إصلاح ولا رد الإعتبار فالزوجة لها ما يكفيها وأنت لك مسؤولية عليك بالقيام بها لأنه دورك الخاص مثل الفريق في كرة القدم فلم نرى مثلا نادي أو منتخب من دون حارس مرمى فأنت حارس البيت ومراقبا فيه.
الأعمال هل هي حُجة أم عذر بسبب الإهمال؟
هذا السؤال قد لا نجد له جوابا مقنعا فحياة البعض شبه منعدمة في الأسرة طبعا هو واقع مُعاش فيه حاليا إن قلنا أن الأب معذور بسبب المعاناة وصعوبة العمل أمام بيته فلجأ إلى المدن البعيدة ويتغيب لمدة طويلة وربما لأشهر كثيرة أو لسنة كاملة إن كان خارج البلد الذي يسكن فيه فهذا له إحتمالين والأول أفضل له وهو أن يسافر بعائلته إن أمكن له ذلك أما الإختيار الثاني فإن عُدم ذلك الخيار فيجب أن تكون له الوصية للأهل من أجل خلافته بالعناية العامة وهذه تحتاج إلى الثقة سواء الأخوال لأبنائه وهذه بالدرجة الأولى.
وأما الأعمام بالدرجة الثانية لأنهم أجانب على زوجة أخيهم أما من عُدم الخيارين فهذا قد وضع أسرته في فم الذئب بيده هو إلا إن كانت زوجته قادرة على المسؤولية لوحدها وقد رأينا من هذا الصنف الكثير منهم إمرأة بقيمة فارسان وأما أن يقوم الأب بتحريض أبنائه الغير بالغين في العمل الشاق أو البيع على الطرقات والأرصفة في شدة الحر وقساوة البرد الشديد بسبب الفقر والحاجة فهذا من الجُرم الكبير في حياتهم إلا إن كان اختيار الطفل بنفسه من أجل أن يتعلم معنى الحياة فهذا لا بأس به لكن يجب أن يُنصح ويُمنع إن كان الأمر خطير عليه فالإبن عقله لم يكتمل بعد ولا يعرف حقيقة الحياة كاملة نعم جميل أن يعمل ذاك الطفل فيما يقدر عليه فإن لم تُقدم الأسباب لإسعاده في هذه الحياة فعلمه كيف يصطاد لا كيف يأكل فقط فإن الحياة مدرسة وعلمه الأخلاق الإنسانية ولا تعلمه القسوة وأن يكون وحشا فإنك ستكون أول فريسة له عند كبر سنك وهو شاب قوي عليك.
حكم أخذ مال الإبن؟ – مُعاناة الأُُبوة
سُئل العلامة الشيخ الفركوس حفظه الله بحفظه أن رجل يأخذ منه والده كل مدخوله الشهري وهو يريد استعمال أمواله في واجبات أخرى؟
فأجاب بقوله (ليس للوالد أن يأخذ من مال إبنه كما يشاء مطلقا وإنما يُباح له الأخذ من ماله بقدر حاجته إليه ليس إلا) أنظر ص 60 من مجلة الإحياء له العدد 19.
واعلم أن الفقر والغنى ليست لهما علاقة بصلح وفساد الأبناء فكم من عائلة فقيرة تخرج منها العلماء وكم من عائلة غنية تخرج منها اللصوص والمجرمين وليس هذا معناه أن الفقير يكون صالحا فإن الفقر قد تعوذ منه النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه وكذلك الغنى أيضا لأن المال فتنة وأساسه الحلال ليُصلح الله حال أبنائك في حياتهم فليست الحرية في الغنى وإنما الأحرار بالفقر هم أغنياء لأن الحقوق تجعل من الطفل يحسُ وكأنه يملك الدنيا وما فيها بسعادة لا تُساويها أموال العالم حتى وإن كان فقيرا فأبناء الأغنياء الذين هم محرومون من حقوق الطفولة وحنان الأُبوة في حياتهم يُحسون بالفقر إلى الحاجة وكأنهم محرومون من كل شيء حتى وإن ناموا على أنعم الفراش وأكلوا أطيب وألذ الأطباق من الطعام فهم في ضيق يتمنون سعادة الفقراء ويحلمون بها طوال أعمارهم أحدثكم من تجارب رأيناها بأعيننا وسمعنا عنها.
بقلم شعيب ناصري
(مُعاناة الأُُبوة)
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
شعيب ناصري من الجزائر. تحصل على العديد من الشهادات المهنية والحرفية يهوى المطالعة وحب الكتابة، وألف كتاب “وباء كورونا بين الواقع والإسلام” وشارك في عدة مجلات ورقية وإلكترونية.