بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد، (حسن الخلق)
الأخلاق كنز الأمم بها ترتقى إلى معالى الأمور وما من أمة ضاعت أخلاقها إلا وأصابها الدمار وفنيت وأصبحت عدم. إنما الأمم الأخلاق ما بقيت. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا. صلاح أمرك للأخلاق مرجعه. فقوم النفس بالأخلاق تستقم. إذا أصيب القوم في أخلاقهم. فأقم عليهم مأتما وعويلا.
حُسن الخلق صفة إن امتلكها الإنسان سعد فى الدنيا والأخرة، فالخُلق الحسن يؤدى بصاحبه إلى نشر السلام والمحبة بين الناس واستقرار المجتمع ورقيه، ومجتمعنا الآن فى أمس الحاجة إلى الخُلق الحسن الطيب لأنه أصابه الكثير من الأمراض والآفات الأخلاقية.
مساحة إعلانية
ولكن ماهو الخُلق؟ – (حسن الخلق)
الخُلق: هو السٌّجيًّة والطبع، هو صورة الإنسان الباطنة لأن للإنسان صورتين:
- صورة ظاهرة: وهى شكل خلقته التى جعل الله البدن عليها وهذه الصورة الظاهرة منها ماهو جميل حسن ومنها ما هو قبيح سيئ ومنها ما بين ذلك.
- وصورة باطنة: وهى حالةُ النفس راسخة تصدر عنها الأفعال من خير أو شر من غير حاجة إلى فكر وروية.
وهذه الصورة أيضا منها ماهو حسن إذا كان الصادر عنها خلق۫ا حسن۫ا ومنها ما هو قبيح إذا كان الصادر عنها خلق۫ا سيئ۫ا وهذا ما يعبر عنه بالخلق، فالخلق إذن هو الصورة الباطنة التى طبع الإنسان عليها.
فالخلق حالة راسخة في النفس، وليس شيئ۫ا خارج۫ا مظهري۫ا، فالأخلاق شىء يتصل بباطن الإنسان ولابد لنا من مظهر يدلنا على هذه الصفة النفيسة وهذا المظهر هو السلوك، فالسلوك هو المظهر الخارجى للخلق فنحن نستدل من السلوك المستمر لشخص ما على خلقه، فالسلوك دليل الخلق ورمز له وعنوانه، فإذا كان السلوك حسن۫ا دل على خلق حسن وإن كان السلوك سيئا دل على سلوك قبيحا، فالخلق الحسن يعرف بالأعمال الطيبة.
ويثمر حسن الخلق تيسير الأمور لصاحبه وحب الخلق له ومعونتهم له والابتعاد عن أذاه وقلة مشاكله في الحياة مع المعاملين والجالسين له واطمئنان نفسه وطيب عيشه ورضاه به، ومن محاسن الأخلاق الصدق والشهامة والنجدة وعزة النفس والتواضع والتثبت وعلو الهمة والعفو والحياء والرحمة والحكمة والشجاعة والوقار والصيانة والصبر والورع والحياء والسخاء والنزاهة وحفظ السر والقناعة والعفة والإيثار وغير ذلك. وورد في الحث على حسن الخلق أحاديث كثيرة ومنها:
مساحة إعلانية
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقًا). [1]رواه الحاكم (4/441)، والطبراني في ((الكبير)) (1/181). قال الهيثمي في ((المجمع)) (8/27): رجاله رجال الصحيح. وقال البوصيري في … Continue reading
- قال صلى الله عليه وسلم: (أقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا). [2]رواه الترمذي (2018)، وقال: حسن غريب من هذا الوجه. وحسَّن إسناده الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (791).
- قال صلى الله عليه وسلم: (ما من شيء في الميزان أثقل من حسن الخلق). [3]رواه الترمذي (2002)، وابن حبان (12/506). قال الترمذي: حسن صحيح. وصحَّحه الألباني في ((صحيح الجامع)) (5628).
- قال صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجات قائم الليل صائم النهار). [4]رواه أبو داود (4798)، وأحمد (6/187) (25587)، والحاكم (1/128). وقال: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في … Continue reading
- عن أبى ذر رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن). [5]رواه أبو داود (4583) والترميذى (1987) وأحمد (5/228) والحاكم (1/121).
- وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا). [6]رواه الطبرانى فى الكبير 1/179.
لقد وصف المولى عز وجل أفضل ما فى نبينا الكريم فقال تعالى ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]. أثنى الله تعالى على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالخلق، وبلوغه أعلى درجات الخلق الحسن.
إن الإيمان يدعو إلى حسن الخلق مع جميع طبقات الناس، وإذا ضعف الإيمان أو نقص أو انحرف، أثر ذلك في أخلاق العبد انحرافا بحسب بعده عن الإيمان. وقد جاء الإسلام بتهذيب الأخلاق والدعوة إلى المكارم وإلى حسن الخلق وكل معالي الأمور، وحذَّر من كل خلق رديء، وكان المسلمون في أزهى عصورهم يمثِّلون في العموم تلك الأخلاق الفاضلة ويشهد التاريخ الإسلامى على ذلك، فعند قراءة تاريخنا نفخر كثير۫ا بما يحتويه من شخصيات استطاعت بحسن أخلاقها تغير العالم وتغيرى مجرى الأحداث التاريخية وإنقاذ العالم من الشرور والآثام.
ولن يصل الإنسان إلى حسن الخلق ورضا الله دون جهاد النفس وتهذيبها من الأمراض والرذائل الأخلاقية مثل الحسد والتكبر والخبث والكذب والخيانة والحقد والرياء وغيرها من الرذائل، وكل فرد مسئول عن صحة الأمة ومرضها، فلابد أن يبدأ الإنسان بإصلاح نفسه أولا فإذا صلح الفرد صلح المجتمع.
محمد رشاد
باحث في الشؤون الإسلامية
(حسن الخلق)
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
محمد رشاد هاشم من مصر. تخرج محمد من كلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر
باحث في الشؤون الإسلامية جامعة قناة السويس معهد الدراسات الأفرو آسيوية مرحلة الماجستير. يهوى الإطلاع والقراءة وتأليف الشعر.
الملاحظات أو المصادر
↑1 | رواه الحاكم (4/441)، والطبراني في ((الكبير)) (1/181). قال الهيثمي في ((المجمع)) (8/27): رجاله رجال الصحيح. وقال البوصيري في ((إتحاف الخيرة)) (6/9). |
---|---|
↑2 | رواه الترمذي (2018)، وقال: حسن غريب من هذا الوجه. وحسَّن إسناده الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (791). |
↑3 | رواه الترمذي (2002)، وابن حبان (12/506). قال الترمذي: حسن صحيح. وصحَّحه الألباني في ((صحيح الجامع)) (5628). |
↑4 | رواه أبو داود (4798)، وأحمد (6/187) (25587)، والحاكم (1/128). وقال: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (1620). |
↑5 | رواه أبو داود (4583) والترميذى (1987) وأحمد (5/228) والحاكم (1/121). |
↑6 | رواه الطبرانى فى الكبير 1/179. |