النفس الأمارة بالسوء
لا تخلو نفس بشرية من نزعة السوء والشر،كما لا تخلو من الخير وحسن الظن بالله، وهذه طبيعة البشرية جمعاء، إلا أن هناك من يعشق الشر ويسلك طرقه بمختلف السبل ويقصد عمدا إيذاء الآخر، إما بدافع الغيرة أو الحسد،فيلجأ إلى السحرة أو السحر الأسود الذي يستند على إحضار ما يسمى بالقوى الشريرة من العوالم الخفية من أجل طلب المساعدة لإلحاق الأذى أو إنزال الدمار ،أو حتى الاتكال عليهم لتحقيق بعض المبتغيات الشخصية،ولا زالت مثل هذه الممارسات والإعتقادات بقدرة المشعوذين والسحرة سائدة حتى يومنا هذا وبصورة محدودة في بعض المجتمعات،وهذا ليس حكرا على المجتمع الإسلامي فقط بل حتى المتدينون بديانات أخرى كالمسيحية أو اليهودية لا زال بها من يعتقد بهذه الأمور. (طريق الشر والشرك)
فرغم تحريم الدين الإسلامي لممارسة السحر والشعوذة بألوانها إذ يعد الساحر كافرا وكذلك بالنسبة لمن أتى عرافا فصدقه وجاء في هذا السياق مجموعة من الأحاديث والآيات القرآنية كما ورد في سورة البقرة الآية ١٠٢ قوله تعالى”وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ”.
إذن كانت هذه الآية واضحة،وألزمت الكفر والعقاب لكل من سولت له نفسه أن يؤمن بالسحر والشعوذة من أي نوع كان، إلا أن هناك من يعتقد أن هناك سحر أسود يقصد به الإيذاء، وسحر أبيض يقصد به معالجة بعض الأمور التي لا ضرر فيها، كتحبيب الزوج لزوجته…أو زواج العانس…أو إرجاع المطلقين، وهو ليس بدرجة الكفر أو الشرك الذي يكون عليها السحر الأسود.
فكل أنواع السحر حرام ومقرونة بالكفر في جميع الديانات السماوية، فكما السحر الأسود حرام في جميع الديانات السماوية، فالسحر الأبيض كذلك حرام، فكلاهما شكل من أشكال الشعوذة، وشكل من أشكال الشر وهما وجهان لعملة واحدة، ويختلفان فقط في أهدافها النهائية والقصد منهما،فكل تعويذة سواء سحر أبيض أو أسود يمكن أن تكون هي نفسها ومتميزة فقط في أهدافها النهائية.
الدجل والدجالين
كما أن هناك من المجتمعات من لا زال يصدق الأساطير ويؤمن بالخرافات ويلجأ إلى الدجالين ظنا منهم أن (الشيخ أو الفقيه) قادر على حل كل المشاكل المستعصية،رغم أن هذا الشيخ أو الفقيه ليس له أي تكوين أو مستوى علمي في علوم الدين أو الدنيا، ولكن يكفيه أن يلبس لباس الورع والتقوى كرجل صالح ومبارك ويرتدي بعض الإكسسوارات لخداع البسطاء من الناس، ثم يتخذ بعد ذلك طريقة للنصب والاحتيال على بعض الجهلة، حتى إن بعضهم استظل تحت مظلة الراقي والرقية الشرعية، فكانت هذه الأخيرة الباب الذي يدخل منه المشعوذون والدجالون مستغلين بذلك حاجة المريض للشفاء، فجاءوا بشيء من الآيات وخلطوا بها شيئا آخر من خرافاتهم لتتم مسرحية النصب على البسطاء، مع العلم أن الوارد في السنة والأحاديث والقرآن يستطيع أي شخص استخدامهم في أن يرقي نفسه بنفسه، فالأم تستطيع أن ترقي إبنها …والزوج يستطيع أن يرقي زوجته…بما تيسر من الآيات والأدعية.
الجهل والجهلاء (طريق الشر والشرك)
فالسبب الرئيسي الذي يشجع مثل هذه السلوكات، ويجعل الناس تؤمن بالسحرة والدجالين والمشعوذين هو ضعف إيمانهم بالله وجهلهم بالدين والعلم، إذ تعششت هذه المعتقدات في نفوس الكثير، إضافة للتأويل الخاطئ للنصوص الدينية من طرف المشعوذين بما يخدم مصالحهم لجذب الناس الذين تجرهم العواطف والمظاهر وتنطوي عليهم الحيل، بل ليس الجاهل فقط، بل حتى المثقف الذي يكون جاهلا بأمور دينه ودنياه يقع فريسة في هذه المصيدة، التي تكون نتائجها وخيمة بل كارثية أحيانا على الفرد والمجتمع ليدخل في شرك مع الله والعياذ بالله، فرغم محاربة الدين الإسلامي للجهل والشعوذة والسحر ومدعي القدرات الخارقة،فإن الناس ما زالوا يقصدون من يعمل بهذه الأمور ويدفعون لأجل ذلك مبالغ طائلة، بدلا من أن يقصدوا التوكل على الله والأخذ بالأسباب العلمية فلكل داء دواء ومن الله يكون الحفظ والشفاء.
مع تحيات:
الأستاذ سعيد لقراشي
(طريق الشر والشرك)
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
تخرج سعيد لقراشي من الثالثة ثانوي بالمغرب. حاصل على دبلوم المحاسبة. كاتب سيناريو لمجموعة من الأفلام القصيرة عرضت على قنوات اليوتيوب. شارك في بعضها كممثل كما يعمل كمراسل لمجموعة من المواقع الإلكترونية.